الحقاوي : لديّ الإرادة والرغبة في أن تتقلد المرأة مناصب سامية

06-04-13
قالت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، إن المناصفة آلية تمكّن المَرأة من الاستفادة من تكافؤ الفرص والوصول إلى مراكز القرار بمكافحة التمييز والتهميش والاقصاء الذي يطالها فقط لكونها امرأة، مؤُكدة “لديّ الإرادة والرغبة في أن تتقلد المرأة مناصب سامية”.
وأضافت الحقاوي في حوار مع يومية “المَساء” في عدد يوم الخميس 04 أبريل 2013، أن الحكومة لَديها طموح كي تَصل المرأة الكفء لمراكز القرار، وفي المقابل يجب أن نقوم بجهد لرفع العراقيل من أمامها، مبينة أن “عدم وجود نساء كثيرات في مراكز القرار لا يعني أننا لا نتوفر على نساء كفؤات، ولكن لأنه كان هناك عرقلة وإقصاء، والذين كانوا يقررون رجال فيعتمدون على تقديراتهم الشخصية التي غالبا ما تنحاز للرجل”.
وفي سياق ذي صلة، أوضحت الحقاوي أن العدالة والتنمية حزب منفتح ومتفتح ومرن، ولايعتبر أي موضوع يخص المجتمع موضوعا طابو، مضيفة “نناقش جميع المواضيع، وإذا وجدت إشكالات خاصة بقضايا محددة، فإننا نتحدث بشأنها ونبحث عن سبل علاجها وإيجاد حلول لها”.
وفي ما يلي نص الحوار :
 
اتهمتكم بعض الجمعيات بأنكم خرقتم القانون وتمسون باستقلالية هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، وقد جاء ذلك أيضا في سياق الانتقادات الموجهة لحزب العدالة والتنمية بأنه يحاول الاستحواذ على الحوارات واللجن الوطنية. ما ردك على هذه الاتهامات؟
هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز لم تستحدث بعد حتى نتحدث عن استقلاليتها أو لا، بل إن الأمر يتعلق فقط بإخراج مشاريع القوانين المتعلقة بإحداثها وغيرها من الهيآت الدستورية. فهيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز وأيضا المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، القطاع الوصي المعني بالتنزيل الدستوري لإخراج مشروعي القانونين المتعلقين بإحداثهما هو وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية. وقد جاء ذلك ضمن المخطط التشريعي للحكومة، إلى جانب مشاريع قوانين أخرى تكلفت الوزارة بمدارستها واخراجها.
ولأن الأمر يتعلق بعمل مهم وغير مسبوق، سواء بإحداث هيئة للمناصفة لها أهميتها الحقوقية للمرأة أو بإحداث مجلس خاص بالأسرة والطفولة، اعتقدنا أنه لابد أن يكون موضوع تشاور موسع، وتبني المنهجية التشاركية في إنجازه، وبالتالي بدأنا الاشتغال مذ شهور خلت، حيث اطلعنا على التجارب الموجودة في دول مختلفة، ورصدنا مجموع الوثائق التي أنتجتها هيآت ومؤسسات سياسية أو مدنية في الموضوع. لكن بدا لنا أن الأمر غير كاف للبدء في الاشتغال على مشروع القانون، فاتصلنا بمجلس أوروبا، وخصوصا لجنة البندقية المتخصصة بالتشريع في هذا المجلس، من أجل الاستفادة من الخبرة المراكمة لديها. ثم استحدثنا اللجن العلمية، التي تتلقى اقتراحات مختلف الفاعلين في المجتمع ووجهة نظرهم لتأسيس الهيئة أو المجلس، وذلك من أجل تحقيق الحياد الضروري للخروج بمعطيات تشمل التقاطعات الموجودة بين مختلف المذكرات الاقتراحية حتى نتمكن من إخراج قانون متوافق حوله قبل أن يحال على مسطرة المصادقة.
وبعد انتهاء الفترة المحددة لتلقي المذكرات الاقتراحية، سواء بالنسبة للهيئة أو المجلس، والتي سبق ومددناها، توصلنا بـ76 مذكرة اقتراحية خاصة بهيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، من جمعيات مدنية وأحزاب ونقابات ومؤسسات لها وضع خاص. فيما توصلنا بـ88 مذكرة اقتراحية تهم المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

هل تعتقدين بأن الانتقادات التي وجهتها الجمعيات، وأيضا انسحاب عدد من الشخصيات والجمعيات من الحوار الوطني حول المجتمع المدني، وإعلان حزب الاتحاد الاشتراكي انسحابه من جميع الحوارات جاء من فراغ؟
الاتحاد الاشتراكي ساهم بتقديم مذكراته، ولم نر أي عرقلة.. وللتوضيح، الأمر يتعلق بجمعيات، وليس أحزاب.
لا أتحدث فقط عن قطاعك، ولكن بشكل عام حزب الاتحاد الاشتراكي أعلن مقاطعته لجميع الحوارات..
أنا أحكم على المآلات والنتائج، فقد ساهم الاتحاد الاشتراكي والجمعيات التي يمكن أن تنتسب فكريا وإيديولوجيا له، وهذا الاختبار سجلنا فيه نجاحا مشتركا وانخراطا موسعا، خاصة مع هذه المنهجية التي اهتدينا إليها.

ما هو تصور الحكومة، وخاصة حزب العدالة والتنمية، لقضية الإنصاف والمناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز الخاصة بالمرأة المغربية؟
المسار الذي تسير فيه الحكومة هو المسار الذي يعززه ويثمنه حزب العدالة والتنمية بحكم أن هو الذي يقود الحكومة، والتسريع بالاشتغال على مشروعي القانونين هو من باب تسريع تنزيل الدستور الذي ينص على المناصفة ومكافحة التمييز.
المناصفة هي آلية تمكّن المرأة من الاستفادة من تكافؤ الفرص والوصول إلى مراكز القرار بمكافحة التمييز والتهميش والإقصاء الذي يطالها فقط لكونها امرأة.

بالنسبة لمحاربة كل أشكال التمييز أثير نقاش قبل بضعة أشهر حول اتفاقية “سيداو” التي تمت عملية ملاءمتها، لكن ما يستغرب هو أنك قبل سنوات كنت ضد هذه الاتفاقية. هل بتغير الموقع تتغير المواقف؟
أبدا.. المغرب كان قد صادق على “سيداو” مسجلا تحفظه على بعض المواد، كما راجع بعض التحفظات ابتداء مما أفرزته مدونة الأسرة وأيضا قانون الجنسية من مستجدات، وكلاهما صوت عليهما حزب العدالة والتنمية بالإيجاب، وسجل إجماعا مع الأغلبية في ذلك الوقت، وبالتالي لا يمكن أن نصادق على قوانين تصبح سببا في رفع التحفظات ثم لا نؤكد أو نقر هذا الأمر. لكن الذي وقع هو أنه في سنة 2011 تم رفع بعض التحفظات دون الرجوع إلى البرلمان، في الوقت الذي كان الحديث عن دستور ديمقراطي يحدد العلاقة بين المواثيق الدولية والثوابت الوطنية، ولا يجوز مرور أي اتفاقية إلا بعد مصادقة البرلمان عليها وتحويلها إلى قانون أولا. وبالتالي، كان الاستغراب، وأيضا القلق، بسبب تهميش المؤسسة البرلمانية التي تعد مؤسسة تمثيلية للشعب. وهذا أثار حفيظة الكثيرين، واستجوبت الحكومة لتقدم مبرراتها وأسباب قيامها بهذا العمل، فجاءت الإجابة السريعة من وزارة الخارجية التي أكدت على أنه ليس هناك أي تجاوز لثوابت الأمة، وأن الوضع في انسجام مع انتظارات المجتمع المغربي. أما البروتوكول الملحق باتفاقية “سيداو”، فقد تمت المصادقة عليه في 2011، وأرجع للبرلمان لملاءمته مع النص الدستوري، وتحويله إلى قانون في مادة عرضت على البرلمان.

ماذا عن بعض الأصوات المطالبة بالمساواة في الإرث؟
صراحة، كنت أستمع لإذاعة فرنسية طرحت ملف النساء السلاليات، وإذا بالمذيعة الفرنسية تتدخل وتتحدث عن الأمر وكأنه يتعلق بالإرث، وتزعم بأن مطالبة النساء السلاليات بالاستفادة من المستحقات والحق في النيابة هو مطلب للمساواة في الإرث. ولحسن الحظ، كانت هناك مذيعة مغربية في نفس الأستوديو صححت هذا التصور على اعتبار أن مشكل السلاليات مشكل لا علاقة له بالمجال الديني ولا بتقسيم الإرث، وبأنه يرجع إلى بعض التقاليد في توزيع عقارات مشتركة. وبالنسبة للمجتمع المغربي، فموضوع الإرث غير مطروح في نقاشاته الخاصة، لكن المواضيع التي تتعلق بالظلم الاجتماعي والتعسف على الحقوق، وكذلك التمييز الذي يطال المرأة عند توزيع أراضي الجموع والسلالية فهي كانت محط نضال دائم، وقد تمكنت المرأة السلالية من أن تنزع حقها بنضالها ومثابرتها في الإلحاح على هذا الحق.

حصيلة الحكومة بالنسبة للتعيين في المناصب السامية هي 16 امرأة من أصل 140 تعديلا. هل هذه هي المناصفة؟
نحن اليوم في مرحلة انتقالية من وضع إلى وضع، وما زال وضعنا توسمه نتائج مسار طويل كانت المرأة تقصى فيه من مواقع القرار والمسؤوليات داخل الإدارة وكانت تسقف ترقيتها في رئيسة مصلحة، وإن كانت مجدة ونشيطة تقف عند رئيسة قسم. وعند وصولنا للحكومة، لم نجد رئيسات للجامعة، ووجدنا عدد عميدات الكليات محسوب على الأصابع، وكاتبة عامة واحدة في القطاعات الحكومية.. وقس على هذا. بينما اليوم نحن نسير في اتجاه الرفع من هذا العدد. لكن هناك مشكل حقيقي، فبما أن المرأة لم تنصف في المرحلة السابقة، لا نجدها اليوم تتوفر على الشروط المؤهلة بشكل كبير وبأعداد كثيرة لهذه المواقع، ففي قطاعنا مثلا، أصدرنا إعلانا عن مباراة لمنصب مدير الموارد البشرية والميزانية، والذي يعتبر منصبا عاديا، وحددنا من بين الشروط أن يكون المترشح قد كان على الأقل رئيس قسم، فإذا بالترشيحات تصل إلى 18 ترشيحا من بينها امرأة واحدة.

هل هذا مرتبط بعراقيل إدارية أم مؤهلات علمية؟
لا.. لا، عندما وضعنا الإعلان توصلنا بـ18 ترشيحا من بينها ملف امرأة واحدة. فمن حيث العدد والتناسب وتقديم الترشيحات هناك مشكل. أما من حيث الاختيار، فقد وضعنا قانونا وأصدرنا مرسوما وبدأنا في تطبيقه وننضبط للمرسوم وللمسطرة التي تحث على أن يكون هناك إعلان عمومي، وعلى تشكيل لجنة تبث في هذه الترشيحات، وتقدم نتائجها للوزير. فحتى اللجنة عندما تأتي للاختيار، تجد أمامها 18 ترشيحا من بينه امرأة واحدة، فما الذي ستفعله؟ فهناك إشكال سيبقى محصورا في فترة ريثما تصل النساء إلى مواقع متقدمة في الإدارة، لكننا فعلا في مرحلة دقيقة ومحرجة، وأنا لديّ الإرادة والرغبة في أن تتقلد المرأة مناصب سامية، ولكن هناك قانون ولجنة وترشيحات يتم التقدم بها. لكن مع ذلك، هناك نائبات في التعليم وكاتبات عامات ومديرات، كمديرة صندوق المقاصة والكاتبة العامة للفلاحة والسياحة، ولكننا طموحين ونريد المرأة الكفء أن تصل لمراكز القرار، وفي المقابل يجب أن نقوم بجهد لرفع العراقيل من أمامها. فعدم وجود نساء كثيرات في مراكز القرار لا يعني أننا لا نتوفر على نساء كفؤات، ولكن لأنه كان هناك عرقلة وإقصاء، والذين كانوا يقررون رجال فيعتمدون على تقديراتهم الشخصية التي غالبا ما تنحاز للرجل.

سبق أن صرحتم بأن صندوق التكافل العائلي لن يشمل الأمهات العازبات. فما الذي ستفعله الحكومة لهذه الفئة؟
القانون هو الذي يقول بأن هناك فئات محددة تستفيد من صندوق التكافل العائلي، منهم الأشخاص في وضعية إعاقة والأسر الفقيرة، وتغطية مصاريف التعليم والتمدرس لأبناء الأسر الفقيرة وغيرها.

وماذا ستفعلون للأمهات العازبات، لأن حزب العدالة والتنمية يتهم في كثير من الأحيان بالتهرب من هذا النقاش؟
في حزب العدالة والتنمية ليس لدينا “طابو” في أي موضوع، لكن هناك كليشيهات وأحكام مقولبة تروج مجانا، حتى أني بت أتخوف من أن تكون هناك خلفية مغرضة في ترويج مثل هذه الكليشيهات. أما حقيقة الأمر، فحزب العدالة والتنمية حزب منفتح ومتفتح ومرن، ولا يعتبر أي موضوع يخص المجتمع موضوعا طابو. نناقش جميع المواضيع، وإذا وجدت إشكالات خاصة بقضايا محددة، فإننا نتحدث بشأنها ونبحث عن سبل علاجها وإيجاد حلول لها.
أما موضوع النساء العازبات اللواتي لديهن أطفال، فقد أصبح مؤرقا بالفعل لكونه يتزايد من حيث العدد، ويؤثر بشكل كبير جدا على واقع الطفولة، كما يؤثر على مستقبل المجتمع في هذا الجزء من أبنائه. ولذلك لابد من مقاربة وقائية للحد من هذه الظاهرة، كما لابد من مقاربة احتضانية لهذه الفئة، إلى جانب المقاربة العلاجية لما يؤول إليه حال هذه الفئة من النساء وأبنائهن. فأول الغيث قطرة، وبداية التفكير انطلقت في أفق أن يتبلور تصور في الموضوع يكون ضمن سياسة نعتمدها لطرح مثل هذه القضايا التي تهم مجموعة من الفئات في وضعية صعبة.

بمعنى هناك تفكير جدي في الموضوع؟
طبعا، فهذه الفئة موجودة ولا يمكن إنكارها، وبالتالي وجب التفكير في ما يمكن أن نفعل.
في ذات السياق تطرح قضية الإجهاض، وقد أثير هذا الموضوع مؤخرا بحدة. أليست لهذا الموضوع راهنيته وأهميته؟
لا يجب ربط موضوع النساء العازبات بالإجهاض، لأن هناك نساء متزوجات ولهن بيوت ومطمئنات في بيوتهن لكن يسعون للإجهاض للتخلص من جنين غير مرغوب فيه. لكن في الواقع هناك أيضا فتيات في وضعية صعبة وهشة يكن في حالة نفسية خطيرة جدا بسبب استهدافهن بالاغتصاب أو حتى زنا المحارم، الذي بدأنا نسمع من حين لآخر عن وقوعه، وينتج عن ذلك حمل، فيطرح موضوع الإجهاض. هناك وضعيات كثيرة، وهذا الموضوع كذلك ليس بالطابو.. يناقش ويطرح، ولا غضاضة في ذلك.

لكن ماذا عن المطالب بتقنين الإجهاض؟
أعتبر هذا الموضوع من المواضيع الدقيقة والخطيرة من حيث الأبعاد المتشعبة اجتماعيا وسلوكيا، وبالتالي أرفض أي تسرع فيه. فإذا كان الأمر اليوم يطرح في الساحة، فلا بأس من تناوله والتفكير فيه، ولكن أن نأتي بحلول جاهزة أو مواقف أحادية الطرح، فأنا ما زلت أقول بأن الموضوع له بعد مجتمعي، والحسم فيه يجب أن يعود للمجتمع.

ننتقل إلى قطاع مهم تشرفون عليه هو التعاون الوطني، ومن بين الانتقادات القوية التي توجه لكم هو أن الوزيرة الجديدة لم تحرك ساكنا في الاختلالات التي يعرفها هذا القطاع. ما السبب في ذلك؟
سؤال مهم، لأن مؤسسات الرعاية الاجتماعية منذ تأسيسها لم تعرف تقنينا، ولم تخضع للمراقبة، وحتى القانون المنظم لفتحها وتدبيرها جاء إثر رصد جلالة الملك للوضع المختل لهذه المؤسسات عندما وقف على واقعها من خلال المؤسسة الخيرية لعين الشق. المنظومة بأكملها تحتاج إلى إصلاح، ومجموع مؤسسات الرعاية تحتاج إلى إصلاح، لذلك اشتغلنا السنة الماضية على برنامج إصلاح المراكز ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، والآن برنامج الإصلاح جاهز للتطبيق والتنفيذ.

ما الذي يشمله هذا الإصلاح؟
الإصلاح يشمل القانون 14.05 المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وضبط العلاقة بالجمعيات المسيرة والفاعلين الاجتماعيين، وإخراج النظام الأساسي للفاعلين الاجتماعيين، وكذلك بالنسبة لتنظيم الفضاءات وتنويع البرامج، وتصنيف المؤسسات حتى لا يكون هناك خلط، حيث يجب خلق مؤسسات للأشخاص في وضعية إعاقة خاصة بهم، وأخرى خاصة بالأطفال والفتيات.. وغيرهم، لأننا نجد اليوم خلطا يصعب المهمة على الفاعلين الاجتماعيين، إضافة إلى المراقبة والمحاسبة.. وسنعلن عنه في أقرب وقت لإخراج مشروع القانون الذي سيؤسس لهذا الإصلاح.

في سياق الحديث عن الاختلالات التي تعرفها المنظومة ككل، هل أنت ضد أو مع “عفا الله عما سلف” التي يصرح بها رئيس الحكومة؟
سأقول لك شيئا متعلقا بما هو سلف: هل نملك فيه الحجة؟ هل نملك فيه أن نقيم محاكم التفتيش؟ هل نملك فيه الحق من أجل النبش في الماضي؟ أما ما ينتمي للماضي ولا يزال له أثر في الواقع، والحجة عليه بينة، فهذا ليس فيه عفا الله عما سلف. فهناك فرق ويجب أن نميز بين الأمرين، فحتى إذا لم نذهب في اتجاه العفو عن الماضي، فليست هناك شروط وإمكانية لمراجعة الماضي، بل ما يجب التركيز عليه هو الحاضر، وكذلك استشراف المستقبل.

روج بأنك أذرفت الدموع داخل المجلس الحكومي بعد انتقادات قوية وجهها رئيس الحكومة. هل هذا صحيح؟
في حزب العدالة والتنمية ألفنا النقاش المفتوح والتلقائي والغير مغلف، وقد يحتد أحيانا، لكن لا يصل أبدا إلى ما جاءت به إحدى الجرائد لوحدها، والتي لا أعرف خلفياتها. وإذا كانت المجالس بأماناتها، فكيف نقل أصلا أن هناك حوارا ساخنا مثلا ما بين وزير ورئيس الحكومة؟
أما قضية الدموع، فهذا كلام مردود. أعتقد أنه نشر لأسباب سياسية الهدف منها شيء آخر. وبالتالي، هذا كلام فارغ، ولا علاقة له باهتمامات المجتمع أو السياسة، ولكن له علاقة بالأخلاق.

هل أنت مع أو ضد التعديل الحكومي، وإذا كان هناك تعديل فهل يجب تطعيم الفريق بنساء؟
وإن كان لا يرجع للحكومة، وإن كان لا يبدو لي مسوغا له، فهو ممكن وليس مستحيل. وطبعا لا أرحب فقط، بل أتمنى وأرجو أن يكون هناك حضور نسائي من خلال وزيرات أخريات في الحكومة.

آخر سؤال، ما رأيك في دعوات بعض النساء للتظاهر عراة في الشارع؟
كان يقال بأن منظومة القيم تسير في انحدار مطرد للأسفل، وما يمكن أن يقع من هذا القبيل أحسبه شيئا يدخل في إطار هذا المنظور الذي يمس بالقيم الإنسانية، لأن الكشف عن الجسم هو سلوك حيواني. أما الاحتجاج فمشروع، ويمكن أن يتمظهر بأي تمظهر إنساني وأخلاقي فيه احترام للذات وللآخر.
وشخصيا أستغرب أن يقوم شخص، رجل أو امرأة، بسلوك احتجاجي، أصنفه كسلوك نضالي، بممارسة غير إنسانية وغير حضارية وغير راقية، لأنه الاحتجاج يمكن أن يكون بالشعر والكتابة ورفع اللافتات.. وغيرها، كما هو الشأن بالنسبة لأحمد مطر عندما يناضل بشعره ضد الكيان الصهيوني، أو النساء السلاليات عندما احتجن باللافتات. لكن هذا الشكل من الاحتجاج يردنا إلى فترة ما قبل التاريخ عندما كان الإنسان يتنقل عاريا حتى اهتدى مع التطور البشري إلى أن يستر جسمه، وأن يبدع أشكال لباس تنم عن مستوى حضاري وصل إليه. فشتان بين فترة ما قبل التاريخ والوضع الحالي الذي نَعيشه، والذي أعتبره مرحلة من المراحل الحضارية المتقدمة في مسار البشر منذ ولادته.
حاورها / المهدي  السيجاري

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.