بن جبور : المدخل الطبيعي لدمقرطة الأجهزة الوطنية لنقابة التعليم العالي هو تغيير قوانينها

>
10-04-13
أكد محمد بن جبور، الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بفاس، أن الانسحاب من المؤتمر الوطني العاشر للنقابة، هو “اضطرار تأسس على خلفية غياب الديمقراطية الداخلية في تدبير الخلاف وإدارة الاختلاف واستمرار أساليب الهيمنة والاحتكار والإلغاء والإقصاء والتضييق الممنهج لاستبعاد المخالفين، ضمانا لاستمرار التحكم التاريخي المطلق على الأجهزة الوطنية للنقابة لفصيل معين يعتبر المنظمة النقابية هيئة موازية وداعمة للجهاز السياسي، ومن تم وجب الدفاع عنها والذود عنها باستماتة كبيرة تحصينا لها من الاختراق”.

وأضاف عضو الحركة التصحيحية بالنقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالي، في حوار مع يومية “الأخبار” في عددها ليوم الثلاثاء 09 أبريل 2013،  أن الإشكال الحقيقي الذي يعيق الممارسة الديمقراطية والتداولية داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، ويعرقل حركة انخراطها بشكل إيجابي في المتغيرات الإقليمية وتفاعلها الجاد مع المستجدات الدستورية، يرتبط في العمق بالإشكال المتعلق بقانونها الأساسي ونظامها الداخلي، الذي تم إنتاجهما في الزمن الماضي بصياغتهما على المقاس لحماية وجود الفريق المعلوم وحراسة استمراره في احتكار الأجهزة الوطنية للنقابة.
 
وبعد أن شدد بن جبور، على أن المدخل الطبيعي والمقدمة الضرورية لدمقرطة الأجهزة الوطنية هو تغيير قوانين النقابة استجابة للمطلب التاريخي والملح للأساتذة الباحثين عبر أجهزتهم المحلية والجهوية ومجالس التنسيق الوطنية وممثليهم في المؤتمر، والمتمثل في مطالبة القيادة الوطنية للنقابة بوضع مطلب التعديل موضوعا للنقاش في المؤتمر مبينا أنه يتم رفض هذا المطلب ضدا على إرادة القواعد وفي مخالفة واضحة  لمقررات المؤتمرات السابقة وخاصة التاسع منها، مما يعني بكل جلاء ووضوح إرادة الحرص الشديد على تأبيد النقابة والإصرار على استمرار تحبسيها على حساسية سياسية معلومة.
 
1- لماذا الانسحاب من المؤتمر؟ وما هي مؤاخذاتكم على طريقة تدبير النقاش فيه؟
الانسحاب من المؤتمر هو اضطرار تأسس على خلفية غياب الديمقراطية الداخلية في تدبير الخلاف وإدارة الاختلاف واستمرار أساليب الهيمنة والاحتكار والإلغاء والإقصاء والتضييق الممنهج لاستبعاد المخالفين، ضمانا لاستمرار التحكم التاريخي المطلق على الأجهزة الوطنية للنقابة لفصيل معين يعتبر المنظمة النقابية هيئة موازية وداعمة للجهاز السياسي، ومن تم وجب الدفاع عنها والذود عنها باستماتة كبيرة تحصينا لها من الاختراق.
منذ البدء وقبل انطلاق أشغال المؤتمر، أكدنا علنا في الجلسة العامة عبر إشارات قوية ورسائل واضحة على ضرورة احترام ذكاء السيدات والسادة الأساتذة الباحثين، بالقطع المطلق مع الممارسات العتيقة والأساليب التقليدية والمناورات الرجعية التي كانت تعتمد منهجا لتدبير زمن المؤتمر  وخاصة على مستوى المصادقة على التقريريين الأدبي، أو على مستوى انتخاب الهياكل الوطنية، وأكدنا أن المؤتمر العاشر ينعقد في زمن غير الزمن الماضي، ويتطلب منا كفاعلين نقابيين أن نكون في مستوى اللحظة، من خلال التأسيس لمنطق جديد في التعاطي مع المتغيرات والمستجدات التي تشهدها بلادنا ومن تم يجب أن ينعكس ذلك على مدخلات ومخرجات المؤتمر الوطني العاشر حتى لا نُخلف الموعد مع الزمن الديمقراطي.
كما ذكرنا بأن الإشكال الحقيقي الذي يعيق الممارسة الديمقراطية والتداولية داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، ويعرقل حركة انخراطها بشكل إيجابي في المتغيرات الإقليمية وتفاعلها الجاد مع المستجدات الدستورية، يرتبط في العمق بالإشكال المتعلق بقانونها الأساسي ونظامها الداخلي، الذي تم إنتاجهما في الزمن الماضي بصياغتهما على المقاس لحماية وجود الفريق المعلوم وحراسة استمراره في احتكار الأجهزة الوطنية للنقابة.
 
وقد أكدنا أن المدخل الطبيعي والمقدمة الضرورية لدمقرطة الأجهزة الوطنية هو تغيير قوانين النقابة استجابة للمطلب التاريخي والملح للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين عبر أجهزتهم المحلية والجهوية ومجالس التنسيق الوطنية وممثليهم في المؤتمر، والمتمثل في مطالبة القيادة الوطنية للنقابة بوضع مطلب التعديل موضوعا للنقاش في المؤتمر  وهو الأمر الذي تم رفضه مطلقا ضدا على إرادة القواعد وفي مخالفة واضحة لمقررات المؤتمرات السابقة وخاصة التاسع منها، مما يعني بكل جلاء ووضوح إرادة الحرص الشديد على تأبيد النقابة والإصرار على استمرار تحبسيها على حساسية سياسية معلومة.
كما طالبنا عند بداية الاشتغال بضرورة توضيح مساطر الاقتراع وأنماطه رفعا لكل التباس، ووجوب اعتماد صندوق زجاجي واحد عند التصويت على التقرير الأدبي لرفع الرقابة والحجر على الاختيار الحر للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين،  كما طالبنا أيضا بوضع وثيقة تؤطر مجريات أشغال المؤتمر تكون محددة في الزمان والمكان والموضوع، أي وضع جدول أعمال واضح يكون بمثابة إطار يضبط حركة أشغال المؤتمر أو مايصطلح عليه في أدبيات القانون الأساسي للنقابة باللائحة الداخلية للمؤتمر، اعتبارا لكون النقابة في مؤتمراتها السابقة تتجاهل ذلك، مما يجعل السيدات والسادة الأساتذة الباحثين في متاهة داخل مؤتمر النخبة، وهو أسلوب يتم اللجوء إليه لتوسيع دائرة المناورة وتوفير مجال للتحايل  وإتاحة فضاء للكولسة.
ولئن سارعت النقابة في مؤتمرها العاشر لاستدراك ذلك بوضع إطار للعمل يمكن تسميته تجاوزا جدول أعمال، صادر عن المكتب الوطني، وإرساله للمؤتمرين عشية انعقاد المؤتمر، فإن في ذلك مخالفة صريحة لمقتضيات القانون الأساسي للنقابة في مادته 45، لأن الجهة المخولة بوضع جدول أعمال المؤتمر (اللائحة الداخلية) لتنظيم سير أشغاله بمقتضى القانون، هي اللجنة الإدارية التي تقترحه على المؤتمر للمصادقة، وليس المكتب الوطني.
وعليه فجدول الأعمال هذا كان مفتوحا في الزمان مغلقا في المكان، وقد وصفه بعض الغاضبين بأنه برنامج الوجبات لأنها هي وحدها المحددة فيه نصا، إذ لم يعد مقبولا ولا مستساغا في الألفية الثالثة، وفي مؤتمر النخبة وضع برنامج هلامي يلفه الضباب ويغشاه الغموض فلا معنى مثلا أن يكون برنامج يوم كامل مثلا هو: من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الثانية عشر ليلا، هو الأشغال من غير تحديد لنوعيتها ولا بيان لطبيعتها ولا تحديد لزمنها، وهذا أسلوب عتيق في التعاطي مع محطة المؤتمر، تم استدعاؤه من رصيد الممارسات النقابية في المؤتمرات السابقة وإعماله في هذا المؤتمر في زمن الربيع الديمقراطي، لأجل أن يكون الغموض سيد الموقف في تدبير مجريات أعمال المؤتمر توسيعا لهامش المناورة، وزجا بالمؤتمرين في دوامة متاهة  مجهولة.
وانطلقت أشغال المؤتمر على إيقاع هذه الرسائل والإشارات التي تستهدف تصحيح حركة الفعل النقابي، وتقصد تقويم مسار الانحراف إسهاما منا لإنجاح هذه اللحظة التاريخية للمؤتمر العاشر لنقابتنا، في أفق بناء قيادة وطنية قوية قادرة على رفع التحديات وكسب الرهانات.
لكن التطورات التي شهدتها عملية سير المؤتمر تؤشر على انعدام التفاعل الجاد من قبل المتحكمين مع تلك الإشارات الواضحة من جهتنا، وعدم التقاطهم تلك الرسائل، إذ في اللحظات الحرجة في المؤتمر والتي تقتضي مزيدا من الحكمة وبعد النظر واعتبار المصلحة العامة، عادت حليمة إلى عاداتها القديمة وأساليبها البالية، وخاصة بعد تلاوة التقرير الأدبي، وبعد ردود الكاتب العام الوطني على مداخلات ومناقشات السيدات والسادة الأساتذة الباحثين، وبناء على تخطيط مسبق، صفق المؤتمرون المحسوبون على الجهة المعلومة، ثم وقفوا وقد كانوا موزعين بشكل محكم وكلي داخل قاعة المؤتمر، وهي اللحظة المخطط لها سلفا، والتي استغلها السيد الكاتب العام الوطني لتمرير المصادقة على التقرير الأدبي، لأن المصادقة تعني بالنسبة للجهة المعلومة استمرار التحكم الذي تستمده من استمرار عضوية اللجنة الإدارية المتكونة من59 عضوا في أشغال المؤتمر مما يشكل صمام أمانها حتى لا تخرج الهياكل الوطنية من قبضتها، الأمر الذي شكل صدمة قوية ومفاجأة عظيمة للجميع الذين بقوا مشدوهين من هول الكارثة وعنف الأسلوب الذي لا يصدر إلا عن الممارسات الشمولية.
 
وقد كان الزمن الذي توقف فيه المؤتمر،  مؤشرا كافيا لاختزال عمق الأزمة الديمقراطية التي تعيشها منظمتنا النقابية، واستمرار إرادة الإقصاء ومنطق التحكم والسيطرة على الأجهزة المركزية للنقابة الوطنية للتعليم العالي.
 
وقد كانت لحظة انتخاب الهياكل الوطنية لحظة أساسية في المؤتمر بالنظر إلى ما يمكن أن يترتب عنها من نتائج، إذ وضعت شعار الإشراك والممارسة الديمقراطية مرة أخرى على المحك الحقيقي.
فبعد حشر(بين قوسين)  السيدات والسادة الأساتذة الباحثين في قاعة الأشغال، بعد المناداة عليهم من قبل رئيس المؤتمر بولوجها، وزعت عليهم  بطاقات الترشيح لعضوية اللجنة الإدارية، للتدليس عليهم بإيهامهم أن عملية الانتخاب تتم داخل القاعة، وقد ظن عدد كبير من المؤتمرين ممن لم يكن لهم علم بمجريات الأحداث بمؤتمر النقابة أن الأمر كذلك،  ثم انسحبت رئاسة المؤتمر من غير إعلان ولا إشعار، وغادرت القاعة إلى وجهة مجهولة خارج مكان أشغال المؤتمر، حيث تتم عملية الكولسة في أبشع صورها، وهناك تدار عمليات المفاوضات لاقتسام مقاعد اللجنة الإدارية  بإشراف الجهة المعلومة التي نصبت نفسها وصيا شرعيا على النقابة، فتقوم باستدعاء كل فريق من الفرقاء على حدة، وتحدد له عدد ماتجود به عليه من المقاعد في اللجنة الإدارية أعلى جهاز وطني بين مؤتمرين، وقد صرح بذلك أحد أعضاء المكتب الوطني المنتهية ولايته ممن أصابته لعنة هذه المفاوضات المغشوشة لإحدى الجرائد الوطنية.
 
2- لماذا الحركة التصحيحية وهل هي بداية الانشقاق من النقابة؟
الحركة التصحيحية هي توجه ديمقراطي تصحيحي داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي يهدف إلى تصحيح المسار وتقويم الانحراف وتصويب الاعوجاج الذي لحق المنظمة النقابية نتيجة تراكم السلوكات الرجعية والممارسات الخاطئة سواء على مستوى إعمال الديمقراطية الداخلية الحقيقية، أو على مستوى تدبير الخلاف وإدارة الاختلاف داخل النقابة، أوعلى مستوى عجز المقاربات التي تم اعتمادها من خلال الأجهزة الوطنية في التعاطي مع الملفات المطلبية للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين، أوعلى مستوى ضعف التصورات لمعالجة قضايا التعليم العالي والبحث العلمي في ظل التحولات العميقة التي يعرفها مشهد التعليم العالي وطنيا ودوليا.
ويمكن القول إن جذور الحركة التصحيحية ترجع إلى المؤتمرات السابقة وما شهدته من انحرافات ومخالفات بقصد الهيمنة والاحتكار والإقصاء من قبل الفئة المعلومة، وقد قع الاحتجاج بمختلف أشكاله  وقتئذ، ضدهذه الخروقات تنبيها على خطورتها وانعكاساتها على مستقبل العمل النقابي بمؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث.
وقد تبلورت حركة الاحتجاج الملازمة  للمؤتمرات السابقة، حركة تصحيحية، أعلنت عن نفسها في المؤتمر العاشر، ونبهت عند أول جلسة عمل في هذا المؤتمر من خلال مجموعة من الرسائل والإشارات التي ذكرناها عند الجواب على السؤال الأول، بضرورة احترام القواعد الديمقراطية في هذا الاستحقاق الهام في تاريخ منظمتنا النقابية، وحذرت من خطورة التمادي في الاستمرار في التعامل مع كل الحساسيات والفعاليات بالمؤتمر العاشر بالأنماط التقليدية والأساليب القديمة نفسها، صونا لمستقبل العمل النقابي بمؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث ببلادنا.
 ولما رأت الحركة التصحيحية وهي تلاحق زوايا الظلام في الممارسة النقابية لإضاءتها وفضح المشتغلين تحت جنحها في المؤتمر العاشر، أوهي تتابع عن كثب التطورات وتراقب  المؤشرات و تواكب العناصر السلبية المتفاعلة في الأجواء الموبوءة داخل المؤتمر، أن الأمر لم يتغير حقيقية، بل تم الاجتهاد من قبل الفصيل الأبوي في ابتداع أشكال اكثرخداعا  وابتكار ممارسات أعظم تدليسا وإبداع أساليب أكثر مكرا، أعلنت الحركة انسحابها من المؤتمر العاشر، بعد أن بينت أسباب انسحابها منه داخل قاعة المؤتمر والمتمثلة في انعدام الديمقراطية الداخلية واستمرار أساليب الإقصاء والهيمنة، وذلك بعد مضي أكثر من سبع ساعات من الانتظار بالقاعة التي كان فيها السيدات والسادة الأساتذة المؤتمرون رهائن، ينتظرون رئيس المؤتمر الذي انسحب من دون إشعار مسبق، ليعكف مع طائفته في توزيع الكعكة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.