حوارمع بنعجيبة: الحملة مستمرة لترسيخ ثقافة التبرع المنتظم بالدم

دق المركز الوطني لتحاقن الدم ناقوس الإنذار، بعد أن وصل احتياطي مخزون الدم في المغرب مستويات يتعذر معها تلبية حاجيات المرضى والمصابين في المستشفيات، وترجع عوامل هذا النقص لعدة أسباب من أبرزها غياب ثقافة التبرع لدى المواطنين المغاربة، بالإضافة إلى تراجع نسبة التبرع في شهر رمضان الأبرك، والذي تلته العطلة الصيفية لشهر غشت وما تعرف  من حركية في السير على الطرقات ينتج عنه ارتفاع في حوادث السير، ومن هنا  جاء النداء الذي أطلقه المركز الوطني لتحاقن الدم من أجل تحفيز المواطنين على الإسراع بالتبرع بالدم.

ولمزيد من التوضيحات أجرينا الحوار التالي مع محمد بنعجيبة مدير المركز الوطني لتحاقن الدم:

س: هل حقق نداء التبرع بالدم الذي أطلقه المركز الوطني لتحاقن الدم أهدافه؟

ج: الحمد لله بعد النداء كان هناك إقبال متزايد يوما عن يوم، فالإقبال على المراكز الجهوية لتحاقن الدم تضاعف مع انطلاق الحملة ولا سيما بعد العمل النبيل الذي بادر به صاحب الجلالة الملك محمد السادس بتبرعه بالدم .

 ضروري أن أؤكد أن الإقبال على التبرع كان كبيرا، وتميز بوعي كبير لدى المواطنين بأهمية التبرع بالدم والانخراط في هذه العملية الإنسانية ، والمواطن كان في حاجة بالإضافة إلى مساهمته في الرفع من مخزون الدم أن يعي بضرورة التبرع المنتظم وبصفة دائمة وبحسب الحاجيات، وفي الحقيقة هذا هو الإشكال الذي يعترضنا.

وبالأرقام ، قبل يومين، أي إلى غاية يوم الثلاثاء 2 شتنبر، تمكن المركز الوطني لتحاقن الدم من تجميع ما يناهز 15 ألف كيس دم على الصعيد الوطني وهو ما يمثل 95 في المائة من الهدف الذي حددناه في بداية الحملة. وقبل انطلاق النداء كان المخزون على الصعيد الوطني لا يكفي إلا ل 3 أو 4 أيام وفي بعض المراكز الجهوية لتحاقن الدم لم يعد يكفي فيها المخزون إلا ليومين فقط، وهذا خطير، لكن من خلال النداء بالتبرع استطعنا تحصيل ما يكفينا لمدة 14 يوما.  

س: لماذا انحدر مخزون الدم إلى مستويات استدعت دق جرس الإنذار وإطلاق نداء التبرع بالدم؟

ج: كما تلاحظون فإننا ركزنا خلال خطابنا ونداءاتنا الموجهة للمواطنين تحسيسهم بثقافة التبرع الذي هو عمل إنساني لإنقاد حياة مريض قد يكون على مشارف الموت، وأن تكون لديه أجندة يحدد فيها أيام التبرع طوال السنة. وعدم الانتظام في التبرع هو الذي يجعلنا نصل إلى مستويات دنيا في تخزين الدم، بحيث لا يجب أن ننسى بأن صلاحية المنتوجات الدموية تكون محدودة ، مثلا مركز صفائح الدم مدة صلاحيته 5 أيام فقط، إذن إذا أردنا أن نحافظ على مخزون دم كاف في متناول المرضى والمصابين، فلا بد من أن تكون وثيرة التبرعات بالدم منتظمة طوال السنة، وسأعطيك أرقاما تقريبية، ففي 2013 تبرع حوالي 300 ألف متبرع  وهذا يمثل 1.8 في المائة من مجموع سكان المغرب، ومنظمة الصحة العالمية توصي ب 3 في المائة وبعملية بسيطة فإنه لو قام عدد الذين تبرعوا في 2013 ثلاث مرات في هذه السنة فإننا سنبلغ 900 ألف متبرع وهو ما يمثل النسبة التي تنادي بها منظمة الصحة العالمية.

 إذن التحدي لدينا حاليا هو أن نوجد ذلك المتبرع الذي له ثقافة التبرع بالدم التي تجعله ينتقل إلى الفعل من خلال عملية منتظمة، فالرجل يستطيع أن يتبرع 5 مرات في السنة والمرأة 3 مرات.

وما هو تقييمكم لثقافة التبرع في أوساط المجتمع المغربي؟

ج: في الحقيقة أنه في المغرب لا يتعدى من هم مواظبون على التبرع نسبة 1.1 في المائة من مجموع المتبرعين وهو ما نسميه ب”مؤشر التبرع” بمعنى أن متبرعا واحدا فاصل واحد هو من يعود للتبرع للمرة الثانية خلال السنة وهو مؤشر ضعيف جدا، والمعدل الوطني للمتبرعين المنتظمين هو 15 في المائة من مجموع المتبرعين، ونحن نعرف المتبرع المنظم بأنه، الشخص الذي يتبرع مرة في السنة على الأقل خلال سنتين متواليتين.

س: طيب ألا تتسبب تكثيف حملة التبرع مرة واحة في السنة في تضخم في مخزون الدم في فترة وجيزة من السنة مما يتسبب في ضياعه سيما أن صلاحيته تبقى قصيرة ؟

ج: الهاجس لدينا نحن في المركز الوطني والمراكز الجهوية لتحاقن الدم ووزارة الصحة، أن لا يموت إنسان أيا كان بسبب نقص الدم، وهذا هو الهدف الأساسي، فكل مريض في حاجة إلى الدم ويجب أن يوفر له، ونحن لا نتخوف من ضياع الدم ولا يسببب لنا هذا هاجسا.

أما فيما يخص تدبير الأكياس الدموية نسجل نسبة 10 في المائة منها لا تستعمل لسبب أو لآخر، والدم المتبرع به يستخلص منه ثلاث منتوجات وهي المصل ويحتفظ به لمدة سنة ويستعمل مائة في المائة، وكريات الدم الحمراء،  ومركز الصفائح الدموية وهذا الأخير يكون نسبة استعماله ضئيلا بحيث يتراوح بين 30 و 40 في المائة على المستوى العالمي. وأستطيع أن أجزم أن جميع التبرعات يتم الاستفادة منها ، أما النسبة الضئيلة من الدم الذي لا يستعمل فيمكن تفاديه من خلال إنشاء مخازن الدم.

س: طيب هل لديكم استراتيجية لتقريب الخدمات من المتبرعين؟

ج: استراتجيتنا في هذا الشأن انطلقت في 2012  حيث حاولنا تقريب الخدمات إلى المتبرعين من خلال تطوير عمل الفرق المتنقلة ، لم نعد نفكر في بناء المراكز للتحاقن، وفضلنا في المقابل أن نتوجه نحن إلى المواطن بدل أن يبحث هو عن مركز من أجل تقديم عمل تطوعي وإنساني. فنحن ننشئ فرق متنقلة بسيارة أو شاحنة تضم طبيبا وممرضين ومساعدين، ففي 2013 اقتنينا ما يناهز 4 ملايين درهم خصصت للأدوات والآليات التي تستعمل في عملية التبرع بالدم، واقتنينا كذلك شاحنة مخصصة لهذه العملية بمبلغ 4 ملايين درهم في 2014 . وتم تكوين فرق متنقلة في كافة المراكز الجهوية لتحاقن الدم، على سبيل المثال لدينا في الدار البيضاء أربع فرق متنقلة، وثلاثة متواجدة بالرباط. واستراتيجيتنا أن نرفع من عدد هذه الوحدات المتنقلة بإضافة شاحنات جديدة وما تتطلبه العملية من تجهيزات ومعدات لاستقبال المتبرعين وتخزين الأكياس الدموية.

ونحن خلال هذه الحملة أعددنا برنامجا تحت شعار “التشجيع على التبرع بالدم” وبالتالي هدفنا ليس هو جمع الدم بقدر ما هو نشر الوعي لدى المواطنين بثقافة التبرع المنتظم بالدم على مدى السنة، فالنداء سيستمر بالرغم أننا لم نعد بعيدين عن الهدف، وحتى لو بلغنا ما نصبو إليه من حيث المخزون، سنستمر في هذه الحملة من أجل كسب وترسيخ ثقافة التبرع المنتظم لدى المواطن.

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.