نور الدين: على فرنسا المرور المباشر إلى الاعتراف بمغربية الصحراء والترافع عن ذلك أوروبيا ودوليا

تفاعلا مع تصريح وزير الخارجية الفرنسية الذي أدلى به قبل يومين بأنه سيعمل “شخصيا” على تحقيق التقارب بين فرنسا والمغرب بعدما شهدت علاقاتهما توترا في السنوات الأخيرة، أكد أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية وقضية الصحراء، أن المطلوب الآن من فرنسا هو المرور المباشر إلى الاعتراف بمغربية الصحراء، والترافع عن ذلك أوروبا ودوليا.
وذكر نور الدين في تصريح لـpjd.ma، أن التطور في موقف ألمانيا أو بلجيكا من قضية الصحراء ليس هو المنتظر من باريس، لأنها كانت السباقة إلى دعم المقترح المغربي منذ 2007، مشددا أن استمرارها اليوم في موقف محتشم إزاء قضية الصحراء غير مقبول، وعليها أن تتقدم خطوة إلى الأمام خاصة بعد اعتراف عشرات الدول ومنها واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء.
ونبه المتحدث ذاته، إلى أن هذا المطلب لا يأتي من فراغ، بل من المسؤولية التاريخية والأخلاقية التي على عاتق فرنسا، بالنظر إلى أنها، إلى جانب إسبانيا، كانت شريكة في المؤامرة الاستعمارية التي تعرض لها المغرب، والتي أدت إلى تقسيمه إلى مناطق نفوذ بين هاتين الدولتين خلال فترة الاستعمار.
وشدد نور الدين أن من واجب فرنسا اليوم أن ترد الاعتبار للمغرب من خلال الاعتراف الصريح بمغربية إقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب، والترافع عن ذلك أمام الدول الأوروبية، لأنها تملك كل الإثباتات والوثائق والأرشيف الذي يمكنها من ذلك.

دور الخارجية المغربية
وبخصوص دور الدبلوماسية المغربية في هذا المستوى، قال المتحدث ذاته، إن على وزير خارجية المغرب خلال اللقاء المرتقب مع نظيره الفرنسي، أن يتقدم بمذكرة رسمية تطالب فرنسا بشكل مباشر بتصحيح الخطأ التاريخي تجاه المغرب، والاعتراف الواضح والصريح بمغربية الصحراء، مستحضرا في هذا السياق جملة من الحجج التي قد تعزز في رأيه هذا المطلب المشروع، ومنها أن الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك كان أول رئيس فرنسي يصف الصحراء المغربية بأنها “الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
والأمر الثاني، يتابع نور الدين، أن الرجوع إلى الأرشيف الفرنسي يبين أن فرنسا دعمت المغرب عسكريا بقصف الطيران الحربي الفرنسي مواقع تابعة لميليشيات “البوليساريو” الانفصالية سنة 1978، كما يؤكد ذلك الأرشيف الفرنسي.
إضافة إلى مسألة ثالثة، وهي الوثائق المتعلقة بمعركة “إكوفيون 1958″، والتي حاصر فيها جيش التحرير المغربي القوات الاسبانية في مدينة العيون، وكاد المغرب أن ينهي الوجود الإسباني بالصحراء، لولا الدعم العسكري الفرنسي القادم من الجزائر، التي كانت فرنسية آنذاك، لفك الحصار عن الجيش الإسباني، وهو ما أخر خروج إسبانيا من الصحراء المغربية إلى سنة 1975.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن معركة “إيكوفيون” تؤكد أن جيش التحرير كان يقاتل في الصحراء المغربية، ويحارب من أجل تحرير أراضيه مثلما حررها في باقي المناطق، وأن الذي عرقل تحرير الصحراء هو الجيش الفرنسي، مما يبرز المسؤولية التاريخية والأخلاقية والسياسية لفرنسا في قضية الصحراء المغربية.

صفحة جديدة
نبه نور الدين إلى أن سعي فرنسا لأن تمسك العصا بين المغرب والجزائر أثبت أنه خيار فاشل، لأن النظام الجزائري غير موثوق به، إذ تعددت الأزمات بين الجزائر وفرنسا في السنتين الأخيرتين، رغم سياسة اليد الممدودة التي ينهجها ماكرون تجاه الجارة الشرقية للمغرب.
وأوضح الخبير في قضية الصحراء، أن هذه السياسة الفرنسية لم تمنع وقوع هزتين في هذه العلاقات، وفي كل مرة كانت الجزائر تسحب سفيرها من فرنسا، ثم ما تلبث أن تعيده دون اعتذار باريس عما اعتبرته الجزائر إهانة لها، وخاصة تصريح الرئيس ماكرون بأن “الجزائر لم تكن أمة أو شعبا قبل الاستعمار الفرنسي”، وأن “الرئيس الجزائري الحالي عالق في قبضة نظام عسكري”، وغيرها من الإهانات.
هذه الأحداث، وفق نور الدين، جعلت فرنسا تقف على حقيقة ساطعة، وهي أن النظام الجزائري متقلب ومزاجي ولا يحظى بالمصداقية ولا يمكن الوثوق به، ولا يمكن ضمان الاستقرار في سياسته الخارجية، وبالتي لا يمكن لفرنسا أن تبني معه علاقات على حساب المغرب الذي أثبت رغم الأزمة الصامتة مع باريس أو حتى إسبانيا، أنه بلد يحترم التزاماته، ويتعامل بعقلانية ويتمتع بالمصداقية، وهذه هي صفات الدولة التي يمكن بناء شراكات قوية واستراتيجية معها.
وأردف، فضلا أن فرنسا فقدت العديد من حلفائها في إفريقيا جنوب الصحراء كان آخرهم مالي، ولم يعد بإمكانها أن تضحي بواحد من أقوى حلفائها التاريخيين في إفريقيا، والذي تميزت العلاقات معه بالاستقرار لأزيد من ستين سنة، رغم تغير الحكومات الفرنسية وتعاقب اليمين واليسار على قصر الإليزي، مشيرا في هذا الصدد إلى العتاب الصادر من نواب برلمانيين فرنسيين تجاه الرئيس ماكرون بسبب سياسته مع المغرب.
وعليه، يقول نور الدين، المغرب أكد على الدوام أنه ليس دولة مزاجية أو متقلبة، بل يحترم اتفاقياته والتزاماته الدولية حتى تحت ظروف الأزمة، إذ لم تتأثر العلاقات الاقتصادية بين البلدين، فقد بقيت فرنسا هي الشريك الاقتصادي الأول، مقابل إسبانيا التي هي الشريك التجاري الأول، فضلا عن الشراكة المتقدمة في مجال الدفاع والتسلح والتعاون الأمني والسياحة والثقافة والعلاقات الإنسانية وغيرها من المجالات.
وشدد أن بلدا حين يعطي هذه الصورة الجيدة، يجعل رصيد مصداقيته عاليا، وتصبح الأزمة فرصة لتطوير العلاقات الثنائية نحو آفاق أوسع، لكن هذه المرة، من بوابة الاعتراف بمغربية الصحراء، يؤكد الخبير في العلاقات الدولية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.