نور الدين قربال يكتب: حزب العدالة والتنمية ومنطق الوضوح والطموح

نور الدين قربال


لقد اتسم مرور السيد ادريس الأزمي الادريسي بالقناة الأولى في برنامج نقطة إلى السطر بالجدية و الوضوح والطموح. وذلك يوم الثلاثاء 13 فبراير 2024. وسنحاول من خلال هذه الأسطر قراءة مضامين ودلالات هذا المرور المشرف لرئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ورئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحزب 2025.
لقد حدد المسؤولية الداخلية للحزب فيما وقع يوم 8 شتنبر 2021 في 20 في المئة. والأسباب الخارجية في 80 في المئة. لأن التراجع من 125 مقعدا سنة 2016 إلى 13 مقعدا كان بطريقة أقل ما يمكن القول فيها أنها غير مفهومة. خاصة إذا أخذنا نتائج 107 مقعد سنة 2011، و125 سنة 2016؟ ناهيك عن التغيير المفضوح للمنظومة الانتخابية، التي لم يصوت عليها فريق العدالة والتنمية بالبرلمان وهو يترأس الأغلبية الحكومية. لأنها كانت تستهدف حزب العدالة والتنمية والاختيار الديمقراطي وهذا التعديل كان خارج التجارب الدولية في إطار الدراسات المقارنة. إنها “العبقرية المغربية” يا سادة.
لقد ميز السيد الأزمي بين مرحلتين من قيادة الحزب للحكومة. مؤكدا على التراجع الديمقراطي سنة 2016. رغم أن الحزب يساهم في أمن واستقرار البلاد، وقد قدم إنجازات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية وتنموية ومازالت الحكومة الحالية تنعم بظلالها. لكنها يصدق عليها قول الشاعر” يا ناكر المعروف”. إذن دخلنا لعبة جديدة سنة 2021، وسيناريو متميز سلبا على التجارب الدولية. حيث جمعت كل الاستحقاقات في يوم واحد. مما خلط الأوراق على الناخبين. رغم أن الديمقراطية ليس لها ثمن. والاستثمار فيها تعود ثماره على جميع المجالات والقطاعات. إذن هذا تواطؤ لا غرو في ذلك. ضدا على الاختيار الديمقراطي.
إن ما وقع أثر فعلا على الوضع الداخلي للحزب. مما أدى إلى استقالة الأمانة العامة أنذاك واعتبرت أن نتائج 2021 غير مفهومة. رغم كل هذا نظم الحزب مؤتمره الاستثنائي واختار السيد عبد الإله بن كيران أمينا عاما وتم انتخاب الأمانة العامة والهيئات الجهوية والإقليمية والمحلية والهيآت الموازية وتم اختيار لجنة تحضيرية من قبل المجلس الوطني التي ستحضر أوراق حزب العدالة والتنمية لسنة 2025. وانطلقت المسيرة بما لها وماعليها، وبدأ يستعيد الحزب عافيته ومبادرته، وساعده في ذلك هشاشة الحكومة التي تتسم بالارتجالية والضعف. واليوم يقارن الشرفاء والعقلاء بين الأمس واليوم.
وميز السيد الأزمي بين معارضة الحزب لما قبل 2011، ومعارضته ما بعد 2021.والعلة في ذلك أن الأولى كانت البداية والثانية محملة بتدبير حكومي عمر10 سنوات، فكانت صعبة. لكنها تمارس بوطنية ومسؤولية. فهي معارضة عالمة ومهنية. ورغم ذلك تتمادى الحكومة في كذبها وغيها وكلما تورطت في مشكل اتهمت الحكومات السابقة. وتناسى رئيس الحكومة بأنه عمر في الحكومات السابقة أكثر من 10 سنوات بمعية حزبه. فما هي نتيجة المخطط الأخضر؟ كيف تم تغليب الفلاحة التصديرية على الفلاحة الاستهلاكية، أين تصرف ميزانية صندوق التنمية القروية الذي انطلق ب 50 مليار درهم؟ لماذا سحبت الحكومة من البرلمان مشروع الإغناء غير المشروع – رغم نداءات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي-وآخر يهم المقالع والتغطية الصحية للوالدين واللائحة تطول. إذن حكومة عاصية لا تحسن التواصل مع المواطنين ولا تتقن تدبير الملفات وهلم جرا. إن التدافع السياسي يتم بكل مسؤولية وصدق وليس بالهراء والافتراء.
إن حكومة اليوم التي خرجت من جحر سنة 2021 مائلة، تتصف بالعجز، ولم يبق في جعبتها إلا مشروع قانون 2025و2026. وفاشلة في التواصل. «التعليم نموذجا”. وإذا ظهرت ملفات فساد عن بعض أعضاء حزب معين فيجب عليه أن يتخذ قرارات احترازية أو تأديبية حتى نعطي رسائل لمن يهمهم الأمر.
لم يجتمع رئيس الحكومة ولو مرة واحدة مع اللجنة المهتمة بمحاربة الفساد. وقد صدرت في حق رئاسة الحكومة إدانة من قبل مجلس المنافسة، الذي يعتبر مؤسسة دستورية لأنه يخل بمبدأ المنافسة الشريفة. وسقط في قاعدة تضارب المصالح. تحلية المياه نموذجا. مما جعل الاستثمار الخارجي يتراجع بنسبة 57في المئة.
إن حزب العدالة والتنمية له رهانات واضحة تستحضر السياق العالمي حيث قلبت معركة الفلسطينيين ضد الاحتلال الصهيوني المعايير،وسيؤثر هذا على السياقات الإقليمية والمحلية والعالمية. والحرب الأوكرانية وغيرها من الإشكالات الجيواستراتيجية. كما يستحضر الحزب القضية الوطنية التي حققت تقدما كبيرا اعتمادا على دبلوماسية الوضوح والطموح لجلالة الملك. والتي أفرزت انتصارات دبلوماسية وسياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية وتنموية. كما يدين الحزب زيارة المبعوث الأممي لدولة جنوب إفريقيا لأنها فاقدة البوصلة. والتركيز يجب أن ينصب على النظام الجزائري الذي كان سببا مباشرا في خلق هذا الصراع المفتعل. ويرفض الامتثال للقرارات الأممية وعلى رأسها المشاركة في الموائد المستديرة. والرهان الثالث هو تخليق الحياة السياسية. التي لم يعد لها شكل ولالون. لذلك دقت الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى 60 للبرلمان ناقوس الخطر. حيث دعا جلالته إلى وضع مدونة أخلاقية. لأنه لا يعقل أن عدد المنتخبين المدانين مركزيا وترابيا تجاوز الثلاثين. فماهي الرسائل التي توجه للناخبين؟ والأدهى من هذا كله هو المتاجرة في المخدرات عبر العالم، واستغلال النفوذ والاعتداء على المال العام ولائحة التهم تطول.
هناك التحدي الاقتصادي والاجتماعي، وبناء عليه ستعكف اللجنة التحضيرية من خلال 6 لجن لإعادة النظر في مجموعة من الوثائق الحزبية. تصوريا وسياسيا وقانونيا. والطموح والسياسة سيان إذا ارتبطت المسؤولية بالمحاسبة واحترمت قواعد الحكامة الجيدة،
وماذا عن الدولة الاجتماعية؟ إن هذا المشروع ملكي بامتياز. لكن أثناء تنزيله سقطت الحكومة في الارتجالية والفوضى والإقصاء والانتقائية القاتلة. وحولته إلى عالم بدون معالم، خاصة على مستوى التغطية الصحية والدعم المباشر الذي كان يرفضه رئيس الحكومة في الحكومات السابقة. حكومة أوقفت الراميد ودعم الأرامل ومشروع التغطية الاجتماعية للآباء حكومة عاقة ولا خير فيها. لقد كان 18 مليون نسمة يستفيدون من بطاقة الراميد التي تؤهلهم للاستشفاء المجاني بالمستشفيات العمومية. بدعم سنوي للحكومات السابقة يقدر بمليار درهم. واليوم تم إبعاد 7 ملايين من المستفيدين وقبول فقط 11 مليون في النظام التضامني الجديد. وتصرف الدولة سنويا 9 ملياردرهم. والفرية الجديدة هو اعتماد معايير ومؤشرات غريبة مما أبعدت الملايين من المغاربة من البرامج المعروضة. أما 500 درهم فهي الضحك على الذقون. والإشكال الكبير هو محاولة الجمع بين ليبيرالية متوحشة ومفهوم الدولة الاجتماعية. الخلل في المنظومة والمرجعية وليس في الأجرأة. لأن النتائج وليدة مقدمات مضطربة. وإذا لم نستدرك هذه الوضعية فسيعيش قطاع الصحة مآسي مستقبلا. كما افتقر التعليم إلى التواصل الحقيقي والثقة. والمؤشر ان حوالي 500 من الموظفين توقفوا عن العمل. المقاربة سيئة للأسف الشديد.
وأخيرا ركز السيد الأزمي في مروره على منطلقات حزب العدالة والتنمية بالنسبة لمدونة الأسرة والتي ركزت على اقتراحات قانونية وإجراءات مواكبة. بناء على مقتضيات إمارة المومنين. مستحضرين المرجعية الإسلامية والدستورية والتوجيهات الملكية وطبيعة الشعب المغربي. كما يعتز الحزب بشرف تنظيم المغرب نسخة كأس إفريقيا 2025. وكأس العالم 2030. بمعية إسبانيا والبرتغال. وهذا ما سيعطي لبلادنا إشعاعا كبيرا. وآثارا على مستوى البنيات التحتية لأن بلدنا والحمد لله تتمتع بالأمن والاستقرار تحت قيادة جلالة الملك حفظه الله.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.