محمد عصام يكتب: هل سيضحي أخنوش بوزيره في التعليم” بنموسى”؟

كشفت الأزمة التي يغرق فيها قطاع التعليم منذ الإفراج عن النظام الأساسي، عن وجود توجه للتخلي عن بنموسى وتركه وحيدا في مواجهة غضب الشغيلة التعليمية، وتنامي غضب الأسر التي تُرك أبناؤهم لمواجهة المجهول.
هذا التوجه نقرأه بكل وضوح في بعض الصحافة التي شكلت وبشكل مفضوح طابورا خامسا للتحالف الحكومي، واستساغت على نفسها أن يؤكل الثوم بفمها، وأن تقوم بدور كاسحة الألغام لصالح هذا التحالف ومن يقف وراءه من وراء حجاب بطبيعة الحال.
الإطلاع على الافتتاحيات لرموز هذا المنابر، عند قراءتها يخيل لك أنها كُتبت من محبرة واحدة، وكأن تلك المنابر تشترك في “هيئة تحرير واحدة” وهي من يُصدر التوجهات وتقوم بدور “حارس البوابة” كما هو متعارف عليه بين أهل الاختصاص.
السؤال الذي يطرح، هو هل هذا التوجه الذي تقترف تلك المنابر ، مهمةَ التمهيدِ له، أو على الأقل تلعب فيه دور بالون اختبار، هو توجه حكومي؟
أو بالتحديد هل يريد أخنوش التخلص من بنموسى وتقديمه كبش فداء في هذه الأزمة التي قد تعصف بالحكومة برمتها إذا كُتب لها الاستمرار في التصعيد؟
ولماذا بالضبط التضحية ببنموسى؟ في وقت هناك من الوزراء من راكم من الفشل الشيء الكثير، وعلى رأس هؤلاء، “صاحب اللسان الطويل” الذي يشعل الحرائق بعدد الكلمات التي ينطق بها هنا أو هناك، ويفتح المواجهة مع كل الأطياف والفئات، وأقصد بالتحديد، وزير “التقاشر” عبد اللطيف وهبي، وبالطبع ليس هو الوحيد فاللائحة مكتظة بعديمي الكفاءة وعدم الجدارة بتلك المواقع.. فلماذا بنموسى بالتحديد؟ !!!!
في البداية، لابد من التفاهم حول نقطة أساسية، وهي أن بنموسى ليس وزيرا عاديا في حكومة أخنوش، تمت صباغته باللون الأزرق في آخر لحظة، لكن هو من عينة “سوبر وزراء”، أولا لأن هناك جهات نافذة هي من دفعت به إلى هذا الموقع، وهي نفس الجهات التي غطت عليه في فشله المتتالي في المهام المتعددة والكثيرة التي أُنيطت به، ولعلنا نتذكر بكثير من الغصة والألم، هرولة بنموسى إلى سفارة فرنسا التي يحمل جنسيتها، ليقدم “لهم” خلاصات لجنة النموذج التنموي، كما نتذكر بكثير من الغضب تدبيرة الأمني السيء لملف سيدي إفني سنة 2008، حين توليه وزارة الداخلية.
ثانيا الرجل تقريبا يشبه أخنوش نفسَه مع فارقٍ في الخلفية وفي تفاصيل المسار، أخنوش لم تكن له علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد، أوتي به إلى جهة سوس ماسة درعة في ذلك الوقت، وتم تقديمه كمرشح فوق العادة لرئاسة تلك الجهة، وأنه يجب أن يكون تتويجه بذلك الموقع بالإجماع، لأن من أتى به لا يقبل بأقل من الإجماع.
ثم جيء به إلى الحكومة في نسخة عباس الفاسي، أولا كمرشح باسم الحركة الشعبية في الورقة التي سُلمت لقائد حزب سي علال آنداك ليلة القدر بجامع القرويين، لكن انتفاضة “الزايغ” الراحل المحجوبي أحرضان، حالت دون إتمام الصفقة ليتم استبعاد الحركة الشعبية نهائيا من تلك الحكومة، وفي نفس الوقت تمت صباغة أخنوش ومعه نوال المتوكل( وزيرة الشبيبة والرياضة) باللون الأزرق.
هذا يعني أننا أمام عينة من المسؤولين يستمدون أسباب “وجودهم السياسي” من جهات أخرى، ومن مراكز داخل مربع السلطة، بمعنى أننا أمام “قطع شطرنج” يتم تحريكها وفق إرادات أخرى لا تظهر على الرقعة.
وعليه فإننا نميل إلى اعتبار نبرة “التخلص ” من بنموسى التي علا ضجيجها هذه الأيام بشكل لافت ومريب، انعكاسا لحسابات الجهات المتناقضة المصالح في مربع السلطة، ويتم التعبير عنها من خلال تلك المنابر وبعض ما يسمى بــ “المؤثرين” ، وبالتالي فإن موازين القوى داخل ذلك المربع هي من سيحسم في التضحية ببنموس من عدمه.
أما أخنوش في النهاية هو مجرد قطعة في هذه الرقعة، لكن القرار يوجد في مكان آخر.
والأكيد أيضا أن الشارع والاحتقان عامل أساسي في تغيير المعادلات داخل الرقعة في هذا الاتجاه أو ذاك، وأن القدرة على تحمل كلفة الاحتقان لا تعطي كثيرا من الوقت والخيارات أمام اللاعبين الحقيقيين، وأن المغامرة بالاستقرار والسلم الاجتماعي لا يمكن أن يذهب إلى أقصى مدى، فعلى كل حال “للبيت رب يحميه”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.