التليدي يكتب: لماذا لن تنجح حركة “تمرد المغربية”؟

بلال التليدي

هناك أكثر من سبب  يجعل حركة “تمرد المغربية” التي تم  الإعلان عنها مؤخرا على الفيسبوك محاكاة للنموذج المصري، غير قادرة لا على القيام بالدور الذي قامت به حركة  20 فبراير، ولا على استنساخ التجربة المصرية في المغرب.

1- أول هذه  الأسباب مرتبط بالتباس النشأة والهدف، وغموض الجهات  التي تقف وراء الحركة، فباستثناء نقاط التماس الكثيرة الموجودة بين  هذه الحركة الافتراضية وبين الشبيبة الاتحادية ورعاية النسخة الجديدة لقيادة الاتحاد الاشتراكي لبعض لقاءاتها، وحجم الدعم الذي يوفره لها الإعلام الاتحادي، لم يعلن أحد من الهيئات  السياسية والمدنية الانخراط في هذه المبادرة، بخلاف تجربة حركة 20 فبراير، فقد تم التقاط المبادرة الشبابية، وتم التفاعل معها سياسيا ومدنيا، وحظيت  بالقدر الكافي من الدعم السياسي حتى من القوى السياسية التي اختارت طريقا آخر غير النزول  إلى الشارع.

2-  ثاني هذه الأسباب، مرتبط بسياق نشوء هذه الحركة في العالم الافتراضي، وطبيعة الأهداف المعلنة، لاسيما تركيزها على هدف “إسقاط حكومة العدالة والتنمية “، إذ بدل أن تستلهم هذه الحركة تجربة حركة 20 فبراير، والتي  اتجهت بشكل أساس إلى محاربة الفساد والاستبداد، ربطت مبرر وجودها وعنوان مشروعها بالالتقاء الموضوعي مع الإرادات التي تعاكس الإصلاح، أي أنها اختارت، مثلها في ذلك مثل نظيرتها في مصر، المكان الخطأ،  حيث سمحت لنفسها بأن تكون الحطب الذي تحرق به التجربة الديمقراطية الناشئة التي شقت مصر مخاضها العسير منذ ثورة 25 يناير المجيدة، ليكون الرابح في الأول والأخير، تحالف قوى الفساد والاستبداد.

3-  ثالث هذه الأسباب مرتبط بالدعم السياسي والشعبي للعناوين التي طرحتها هذه الحركة، فإذا كانت حركة 20 فبراير وجدت فاعلا سياسيا يدشن دينامية موازية لحراكها الشعبي، بحيث التقى الحراكان الشعبي والسياسي  على عنوان واحد أثمر التجاوب الملكي، فإن “حركة تمرد” المعلن عنها، حتى إذا افترضنا وجود دعم سياسي لها، فإن القوى المرشحة للقيام بذلك، لا تملك المصداقية الشعبية التي تؤهلها لهذه المهمة، لاسيما مع تراجع نسبة الثقة في المعارضة السياسية، والتي نزلت إلى 11 في المائة حسب الاستطلاعات الأخيرة، في  مقابل استمرار  ارتفاع نسبة الثقة الشعبية في حكومة العدالة والتنمية، وارتفاع شعبية رئيسها.  


4-  رابع هذه الأسباب، مرتبط بالإطار السياسي الحاكم للحالة المغربية، فإذا كانت “حركة تمرد”  في مصر، وجدت الدعم من داخل “الدولة العميقة” لخلق  مبررات حركة اجتماعية هائجة، وذلك بقطع الكهرباء، وخلق أزمة تموين، وافتعال خصاص مهول في البنزين، فإن المؤسسة الملكية في المغرب، طبقا للوظائف التي أناط بها الفصل 42 من الدستور، لن تسمح بأن تستعمل هذه التكتيكات لزعزعة الاستقرار والأمن لما فيها من تهديد الوحدة الوطنية وتقويض للاختيار الديمقراطي.

5-  خامس هذه  الأسباب  يرتبط باستحالة المقارنة أصلا بين الحالة المصرية والحالة المغربية، سواء من الناحية الجيوستراتيجية التي بررت تموقع  الفاعل الدولي ضمن الإرادات المعاكسة للتحول الديمقراطي في مصر، ووفرت في المقابل الإمكانية لدعم التحول الديمقراطي في المغرب والتنويه بتجربته الإصلاحية ، أو من ناحية حالة الاستقطاب المجتمعي الحاد بين التيار الإسلامي والعلماني في مصر، والتي تقابلها في المغرب حالة من التعايش بين التيارين وتدبير الخلافات ضمن  الآليات الديمقراطية، أو من ناحية طبيعة المؤسسات، والتي انحازت في مصر عن دورها الحيادي لخدمة تيار ضد تيار، في مقابل الدور الذي تقوم به المؤسسة الملكية في تحصين حيادية المؤسسات اتجاه الأطراف السياسية وعدم الزج بها في المناكفات السياسية.

6-  أما السبب السادس، فيتعلق بالبديل الذي تقترحه هذه الحركة، إذ لا تضع أمام “قواعدها” في العالم الافتراضي سوى خيار الانتخابات السابقة لأوانها،  وهو نفس الخيار الذي لا تبدي القوى السياسية اليوم أي حماسة للذهاب إليه،  نظرا لكلفته السياسية والاجتماعية، ونظرا لأنه سعيد إنتاج نفس توجهات الخريطة الانتخابية السابقة، هذا إن لم يزد في تأكيد شعبية الحزب الذي تسعى هذه الحركة لإسقاط تجربته الحكومية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.