أمينة ماء العينين تكتب: المخطط الذي انطلق…

13.08.22

تحرير إرادة الشعوب لتمتلك مصيرها، لا يلتقي بالضرورة مع استدعاء منطق المؤامرة الخارجية لتحليل المتغيرات الداخلية، لأن ذلك قد يتحول مع تكراره والارتكان إليه إلى نزعة تبريرية ذرائعية تقتل المبادرة وتغيب نفس التحول والتغيير، ومع ذلك فإن ما يحدث في مصر حاليا لا يمكن أن يكون ترتيبا داخليا قادت إليه أحداث غير متحكم فيها، رغم محاولات السيسي وهو العسكري الذي يخطب في الناس محللا الوضع الذي يملك مفاصله، إقناعنا بعكسه، مقسما بالإيمان أنه لا ينسق مع أية جهة خارجية في اتخاذ قرارات الانقلاب والفتك بالمعارضين، والسيسي نفسه هو الذي لم يتردد في حديثه مع وسائل الإعلام الأمريكية بالتأكيد على أنه كان دائم الاتصال بالإدارة الأمريكية يشكو إليها ما يسميه عجز مرسي وقلة خبرته .

يقود أكثر من سيناتور أمريكي وعلى رأسهم المرشح الجمهوري السابق جون ماكين حملة ضد إدارة أوباما متهمين إياها صراحة بدعم الانقلاب والتردد في مواجهة الأعمال الإجرامية التي أعقبته ضدا على الضوابط القانونية التي تحكم العلاقات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية خاصة ما يتعلق منها بالانقلابات العسكرية وإجهاض المسارات الديمقراطية.

إنه مخطط واضح الملامح تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لتقويض الثورات العربية وإعاقة استكمال أركان العملية الديمقراطية في بلدانها، مما ينبئ بمخاطر نضج المؤسسات الحاكمة واستقلاليتها عن التوجيه الأمريكي، وهو ما يصطدم بمصالح القوة العالمية الأولى، خاصة إذا ما كانت نتائج العملية الديمقراطية في أغلب البلدان بعد تحرير إرادة شعوبها تقود الإسلاميين إلى الحكم، وهم الفصيل الذي تخشى الولايات المتحدة الأمريكية نزوعاته المستقلة والتحررية والمنحازة إلى أصوات الشعوب التي لا تتناغم مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية الاستحواذية والتسلطية، ولتكتمل ملامح المخطط الانقلابي على الديمقراطية الناشئة في بلدان اعتبرت على الدوام مجرد ملحقات تسير عن بعد من قلب واشنطن، تمت الاستعانة بالنظامين السعودي والإماراتي، ألذ خصوم الديمقراطية العربية وأكثر المتهيبين من تداعياتها وامتداد رياحها.

إن التنديد بما يحدث في مصر من إجرام في حق الإنسان والديمقراطية والشرعية، ليس بالضرورة دعما للإخوان المسلمين أو تبنيا لمشروعهم السياسي بقدر ما هو تصد لمخطط دولي يروم حرمان شعوب المنطقة بأكملها من امتلاك قرارها وبناء نهضتها وتنميتها.

البدء من مصر تبرره رمزيتها ومركزيتها في المنطقة العربية  ولا شك أن المخطط الذي انطلق لن يتوقف في مصر إذا ما خضعت الشعوب لصوت الرصاص وعنجهية العسكر.

إن الوقوف إلى جانب الشعب المصري اليوم، وقوف إلى جانب كل الشعوب التواقة للحرية والكرامة والديمقراطية والتخلص من قيود القهر والاستبداد، مهما اختلفت التوجهات السياسية وتباينت المرجعيات الفكرية والإيديولوجية.

إن ما يوحدنا اليوم هو التصدي لمخطط يستهدف مشاريع الدمقرطة والتغيير.

** نائبة برلمانية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.