بلال التليدي يكتب: ملف الصحراء…. حتى لا نسقط في السيناريو السابق

 21-10-13
من السابق لأوانه الحكم على حصيلة زيارة روس للصحراء، لأنها في عمومها لم تخرج عن الأطر المعهودة في زياراته السابقة، كما أنه لم يحدث تغيير كبير في استراتيجيات خصوم الوحدة الترابية الذين يحاولون افتعال أي احتقان في المنطقة لاستدراج السلطات المغربية واستفزازها لتسجيل بعض النقاط في خانة “الحقوقي” الذي يبدو أن الرهان عليه قد تضخم إلى المستوى الذي صار يدل على أنه لم يبق لخصوم الوحدة الترابية رهان بديل عنه.

الجديد في المسألة، بالإضافة إلى قوة المقترح المغربي للحكم الذاتي وواقعيته بل وجاذبيته، وبالإضافة أيضا إلى تعزيز الآلية الوطنية لحقوق الإنسان، هو التحول الذي طبع المقاربة المغربية للتعامل مع هذا الملف وذلك لجهة الرهان على البعد التنموي في المنطقة، ومحاولة طرح نموذج اقتصادي تنموي جديد يقدم الجواب عن التحديات التي تطرحها المنطقة، وفي الوقت ذاته يصحح الاختلالات التي عرفها النموذج التنموي السابق.

معنى ذلك، أن الجواب المغربي يحاول  اليوم سد كل الثغرات، بدءا، بطرح الاندماج والتكامل المغربي كإطار لتحسين العلاقات بين المغرب والجزائر وتذويب الخلافات بين البلدين، وكفضاء للتعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية التي تعرفها منطقة الساحل جنوب الصحراء، ثم تعريجا بطرح الحل السياسي العادل الذي يتمتع بالواقعية المطلوبة لحل هذا النزاع، ليتم الوصول إلى آخر نقطة في المقاربة، والتي تتمثل بإجراءات الثقة في المبادرة وطمأنة الطرف الآخر من أن المصلحة كل المصلحة في القبول بهذا الحل الواقعي.

ولذلك، قد يتبادر إلى الذهن اليوم بأن لعب خصوم الوحدة الترابية على الورقة الحقوقية هو عنصر في معادلة التوازن يتم استخدامها حتى يتم إضعاف قوة الحل السياسي الواقعي الذي اقترحه المغرب، لكن الاستجابة لهذا التحدي، تحث المغرب على التفكير في كل الخيارات الممكنة لتعطيل مفعول هذه الورقة وترك خصوم الوحدة الترابية بدون سلاح تفاوضي قوي لاسيما بعد سحب بعض الدول أخيرا لاعترافها بالجمهورية الوهمية.

نعم، لا ينبغي التقليل من مناورات خصوم الوحدة الترابية، كما لا ينبغي الاستكانة إلى الدعم التقليدي الذي يتلقاه المغرب من بعض الدول، إذ سبق للمغرب أن عانى كثيرا مع مسودة القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، لكن، خريطة النزاع، وأدوات الضغط التي تستعمل في التفاوض لمدة غير قصيرة من الزمن، تثبت بأن القوة التفاوضية التي يتمتع بها المغرب هي أكبر بكثير من قوة الخصم، بل إنه لا مقارنة بين القوتين، وأن ما ينقص المغرب في هذه المرحلة، هو أن يعزز إجراءات الثقة والطمأنة، بدءا بمعالجة اختلالات النموذج التنموي في المنطقة، وإطلاق نموذج اقتصادي تنموي جديد يستجيب للتطلعات الاجتماعية ويسحب البساط من تحت أرجل خصوم وحدتنا الترابية في الداخل أو الخارج، كما أن المطلوب هو مزيد من تعزيز الآلية الوطنية لحقوق الإنسان وتفعيل أدائها حتى تتمتع بالمصداقية الكاملة في تراب الأقاليم الصحراوية، وفي الوقت ذاته، رفع درجة اليقظة والجاهزية لمواجهة مناورات الخصوم، وتحريك كل أدوات الآلة الدبلوماسية لاسيما منها الحزبية والبرلمانية والمدنية والدينية.

لا نريد للمغرب مرة أخرى أن يواجه نفس التحدي السابق الذي مثله تقديم الولايات المتحدة الأمريكية لمسودة قرار بتوسيع مهمة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان، لأن السقوط في هذا السيناريو يعني أن ملف الصحراء لم يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، بل المطلوب في هذه المرحلة، أن يقع إحداث ثقب في جدار دبلوماسية الخصوم، ودفع المنتظم الدولي إلى الضغط عليهم للتفاوض على أرضية المبادرة المغربية للحكم الذاتي بحكم أن قرارات مجلس الأمن لم تثمن أي مقترح للحل السياسي العادل للنزاع سوى المقترح المغربي الذي وصف بالواقعي والقابل للتطبيق.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.