رحموني يكتب: هل نحن إزاء خريف قادم في معركة الإصلاح الديمقراطي؟

13.12.16
بقلم/ خالد رحموني*
هل نحن إزاء خريف معركة الإصلاح الديمقراطي في مغرب اليوم؟، سؤال بات يطرحه عديد من المتصدرين للفعل الاصلاحي والعمل العام من الناس، حتى أصبح معه الفاعلون السياسيون والاجتماعيون والاقتصاديون،بمن فيهم مراقبو الوضع السياسي في البلد ومآل تجربة الاصلاح الماثلة فيه من أكاديميين ورجال رأي وصحافة، حتى وهم يعانون شحا بالغا فيتدفق الأخبار السياسية، أصبحوا قلقين ومتوجسين من مآل تجربة الاصلاح وقدرتها على الوفاء بجملة المطالب الشعبية المنبثقة ذات لحظة نضالية وسياسية فارقة تفجرتفيها آمال قوية لمطالب سياسية واجتماعية للناس –كل الناس- في الكرامة والعدالة وإقرار الحريات والدمقرطة، وانعكست على سلوكهم العام والانتخابي ودفعت بهم إلى المشاركة والاهتمام بمآلات تدبير الشأن العام وتبويئ العدالة والتنمية مهمة إنجاز مطالبهم، في إشارة منهم لبارقة الأمل التي انفتحت بالعرض الإصلاحي الذي بسط في ذلك السياق وللجواب السياسي السلمي الذي طرح في ساحة الفعل العمومي من طرف الدولة لمعالجة مشكلات تراكمت لزمن بعيد ومتراكم من الإخفاقات والإنكسارات ،،..
 
أسئلة جديدة حول مصير قضية الإصلاح..
كانت المملكة إذن تبدو وكأنها على موعد مع جديد تترقبه آت من خارج الوطن، كانت تنتظر ما سيحل بدول الجوار من مآزق في الحياة الديمقراطية والاقتصادية والتنموية، فتعود أنديتها السياسية النخبوية وساحاتها العامة إلى تداول احتمالات المستقبل السياسي القريب لما سمي نموذجا مغربيا للإصلاحـ خصوصا لجهة العلاقة (حوارا أو قطيعة) مع دول الجوار الإقليمي، وبالضبط تهييئا للظروف لمزيد انفتاح على أفق تكتلي وحدوي لانعاش المغرب العربي الكبير، لمجابهة تحديات الازمات المتلاحقة التي تتهدد المنطقة برمتها، وتكاد تعصف بأمنها واستقرارها وتماسك شعوبها، و مع ذلك يبقى كثيرون أو الأكثر في التيار الديمقراطي الوطني والإصلاحي على آرائهم بضرورة الإسراع في هذا الحوار تجنبا لاستحقاقات مستقبلية صعبة يفرضها إيقاع العولمة الجارية، وتتصل أساسا بضرورات التنمية المتكاملة والنهضة الشاملة لدول المنطقة برمتها، وهؤلاء يجاهرون بخوفهم من أن تكون بلدنا من ضمن الاستهدافات من قبل القوى الكبرى بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي كمعبر لأوروبا وللقارة السمراء معغيرها وأكثر، ومع ما يطرح ذلك من قضايا وجب التصدي لها بالتوحد من قبيل الهجرة والتجارة والملاحة الدولية والصيد البحري والإرهاب والحدود…
لكن لنرجع إلى صلب القضية قطريا في المغرب، للتأكيد على ضرورة التنبه واليقظة -من طرف كل القوى والأطراف الفاعلة- إلى أهمية إذكاء السجال الوطني على الصعيد الصلب والقضايا الحقيقية مع القوى السياسية الوطنية والديمقراطية من الإصلاحيين لإذكاء الشراكة الموحدة وبلورة الرؤية المشتركة في المسألة الديمقراطية والتنموية والنهضوية، ليعملوا كلهم على تعبئة الجمهور في الاتجاه المضاد للتفكيك والإضعاف والإنهاك.

لقد شهدت شوارع الرباط وسائر المدن المغربية – فيما مضى- مظاهرات حاشدة تطالب بالإصلاح العميق للدولة وإنهاض المجتمع، رافعة شعارها الذي بدا وكأنها قد هجرته منذ سنوات الموت (شعارات الكرامة والعدالة الاجتماعية والدمقرطة وبسط الحريات) فيذكر باستيلاء مطالب التغيير على عقول شعب بأكمله حمله شبابه إلى التعبير الحر غير المستجيب لدعاوي التخويف والتيئيس والتبخيس، إثر ما شاع في صعيد العالم العربي المنتفض على الديكتاتوريات وأنظمة الجور، وما أبدعه العقل الرسمي للنظام السياسي المغربي من جواب سلمي متحضر على المطالب الشعبية في لحظتها تلك، بعد لقاء ميداني وموضوعي لجملة العائلات الإيديولوجية والسياسية في ساحة مطالب الشعب الإصلاحية، من بداية تشكيل لجبهة وطنية افتراضية تضم مجمل الحساسيات الفكرية والسياسية لتقود حركة تحرير الوطن والمواطن من الاستبداد والفساد، واعتبار ذلك يصب في تعزيز الحصار الذي ضربه التيار الوطني الجارف لحظتها حول مطالب الإصلاح وتياره الشعبي..
حيث انتهت مجمل العملية–للأسف الشديد-إلى وضع حد للتحالف الموضوعي الضمني المتشكل زمن الحراك الاصلاحي في 20 فبراير 2011 بقيادة الشبيبة المغربية، بين التيار الإسلامي الديمقراطي مع التيار اليساري والليبرالي، ليجد نفسه ذلك اللقاء ومن جديد على طريق النهاية ليعيد الاستبداد والسلطوية الرهان على إنعاش الفروق والتمايزات على أرضية إيديولوجية وفئوية في محاولة لتضخيم الخلافات وإثارة النزاعات الحزبية والفكرية وصب الزيت على نار تطعيم الخلافات وتدمير الجسور وبث الكراهية من جديد لصالح قوى الاستبداد والنفوذ والفساد والسلطوية، ضدا على تبلور التيار الوطني الديمقراطي الجامع الذي يريد قيادة إصلاح الدولة وإنهاض المجتمع وإيصاله إلى منتهاه.

لكن في خريف 2012.. وبضغط من قوى المحافظة وبإيعاز منها والتي رأت في الحراك الإصلاحي الذي أخصب مطلب دمقرطة الدولة وأكسبه قوة تأثير إضافية في المشهد السياسي المغربي، (رأت في الحراك الإصلاحي وفي وكل القوى المتحلقة حوله سواء من داخل المؤسسات أو الكائنة على ضفافها) مشروع حصار جديد لها،يتناغم ويتكامل مع نوايا القوات الشعبية الملتفة تحت شعار الحوار الديمقراطي ومزيد من الانفتاح السياسي وتحقيق الكرامة للناس، مما جعلها تبادر لابتكار رؤية التفافية حول أوفاقه ومقاصده ومراميه، وتناور في تحالف مكشوف مع جملة من النخب المتعبة والمنهارة وغير المستفيدة من الوضع الجديد لمحاولة إغلاق القوس الذي انفتح لحظة الحراك الديمقراطي..
لكن السياق العربي اختلف ايقاعه، وتحركت تحالفات إقليمية جديدة لتغذية طموح قوى الردة الديمقراطية بقصد إعاقة التحول الناجز لحياة ديمقراطية ومؤسساتية سليمة، لقد سعت بعض الأطراف لإجهاض التجربة، لكن وجدت أمامها عوائق جمة، ثم عادت بعض القوى السياسية التي ركبت صهوة ذلك الخيار إلى العدول عنه بالنظر لكلفته بالنسبة للبلد برمته، وبعد محاولة تجربة معقدة ومريرة للالتفاف والارتداد على التجربة عاد ذلك الفصيل لينضم إلى التيار الإصلاحي الغالب، باندفاع لا يقلقوة عن اندفاعها لسابق وفي الاتجاه الايجابي، بحيث تجرأ على إجراء استطلاع رأي داخله كانت نتيجته أن نسبة معتبرة منهم تؤكد الالتزام بإنجاح التجربة بناء على أن كل استطلاعات الرأي المجراة لحد الساعة، تؤكد أن قطاعات كبيرة من المغاربة تحبذ الاستمرار في الحوار مع الفرقاء السياسيين لإنجاح التجربة وفي ذلك وجب العمل على إنهاء القطيعة والعداوة.

فإذا ما وصل الخطاب السياسي للقوى التي تدبر المرحلة إلىهذا المستوى من إدراك التحديات والرهان على إتمام مسيرة الانتقال ولو بكلفة أقل بالنسبة للحزب وفاتورة من التنازل على بعض شعاراته التي ظل وفيا لها فيما سلف، فإن ذات الأفق الديمقراطي الانتقالي لا يختلف–في الظاهر حتى الآن- بين قوى الإصلاح وقوى المحافظة السياسية، وإن كان المحافظون يراعون ويأخذون بالاعتبار السياق الإقليمي المتقلب ويراهنون على تحولات ما بعد الانقلاب في مصر، وذلك بالإبقاء على قبول الصيغة الحالية في تدبير المرحلة، بالتوافق مع قوى المعارضة المتفاهمة مع القوى المحافظة.
إن دعوة أطراف ومكونات المعارضة المؤسساتية إلى اللقاء والتفاهم حول مستقبل المغرب الديمقراطي، بعد عملية المشاورات التي جرت وأطرت مرحلة تشكيل الحكومة في النسخة الثانية، إن هاته الخطوة نفسها تمضي في نفس الاتجاه، مبادرة المعارضة إلى عدم الذهاب إلى طرح ملتمس الرقابة والحرص على الاستقرار المؤسساتي، ومن دون معارضة لفكرة التفاهم ولا ركوب أسلوب التعطيل..

وهنا تجاوز الجميع سيناريوهات ركوب المجهول وضباب المغامرة، وخابت تلك التوجهات التي عبر عنها البعض من قوى المحافظة مبكرا وخاب رجاؤها، والتي كانت تشير بوضوح إلى أن هناك تفاهما في العمق بينها وبين المجتمع السياسي الرسمي استغلالا بئيسا للبيئة الإقليمية القاتمة ولتطورات الاحداث المتفاعلة في مشرق العالم الاسلامي من أرض مصر..
من كل ذلك، نصل إلى خلاصةٍ مضمونها جوهري، أن الاختلاف أو الخلاف بين التيار الإصلاحي والتيار المحافظ في المغرب على الحوار حول مسألة الإصلاح وتطوير النظام السياسي، ليس حاسما ولا عميقا إلا في حدود كونه مسلكا سياسيا محكوما بثقافة حوارية لدى الإصلاحيين، في حين أنه لدى المحافظين مجرد مسلك سياسي ذرائعي تمليه المصلحة الفئوية المتغيرة بما يقتضي تغيرها،من تغير في الموقف والعلاقة، أي أنها مسألة إشكالية تحتاج إلى تسويات وفاقية وسياسية دائمة.
 
من أجل تفاؤل حذر..
يمكن الاستمرار في وصف المشهد المغربي الحاشد بالتعقيدات والتشابكات والالتباسات التي تنتظر غير قريب حلا لقضية الإصلاح المحجوز والمعطل لحد اليوم..
يمكن لنا ذلك بإيراد أمور تقترب من المفارقة وتصل حد التناقض.. ففي حين سعى حزب العدالة والتنمية إلى تدبر أمر هب شيء من المرونة أو التغاضي والتنازل الظرفي أو إعادة التفسير لبعض من مطالبه وخطوطه السياسية، لم يتردد في الدفاع عن المستضعفين والمعدمين والانتصار لهم وأحيانا بحماس شديد..
هذا في اتجاه الدولة.. أما في المجتمع فإن عملية محاولة تعطيل الإصلاح ومنع وصول موارده وثماره للناس تم في الوسط الإعلامي والسياسي على قدم وساق وبشكل أجوف، هكذا تلقى مطالب الإصلاح العميق للدولة مزيدا من التمنع والنكوص والمقاومة، في حين يحاصر فكريا وإعلاميا وسياسيا عدد من أهل الاعتراض الديمقراطي الحقيقي المستقلين وأصحاب السؤال الفكري المنطلق النازعين نحو التحديث السياسي والتجديد الفكري الذين يقدمون رؤية للتعديل المنهجي في مسألة الولاية العامة في اتجاه تحويلها من موقعها الإلزامي السلطاني إلى موقع النظرة المؤسساتية الإصلاحية، أي المؤسسة السياسية والدستورية التي يمكن تصويبها وتخطئتها من قبل الرأي العام وأهل الخبرة منقادة الرأي العدول.

عندما يدور الحديث عن مغرب اليوم، لا بد من التوقف مليا عند وضع الشباب وكلامهم المرسل وخطابهم السياسي والفكري المعلن وأحلامهم وآمالهم وخيباتهم، خصوصا أن شباب المغرب كانوا المصدر الأولـ إضافة إلى الحركة الحقوقية والنسائية والطلابية لحيويتها السياسية ومحمولاتها الفكرية وتحولاتها الثقافية.. وهم الذين حموها في المواجهة مع أسئلة المرحلة من خلال نهج سبيل إصلاحي في انتفاضتهم السلمية المجيدة، فضلا عن صبرهم–معية الصابرين –في فترة الحصار، على مدى ما يزيد على عقد ونيف من السنوات من العهد الجديد لحظة بداية ترسخ نهج السلطوية الناعمة بعد الانتقال السياسي وفشل تجربة التناوب التوافقي،مضحين بالكثير من حرياتهم ترجيحا لحماية بلدهم على حرياتهم وعلى مصالحهم الذاتية.
لكن فماذا يقول الشباب؟.. نحن مازلنا في نفس السياق والمزاج الشعبي،.. يقول الشباب إن الالتزام السياسي بالقيم والمبدئية في العمل العام وفي السياسة في الجامعات والثانويات في الساحات عند النخب والأحزاب هو في تراجع مستمر، وإذا ما سألتهم عن اهتماماتهم الثقافية والفنية تجد بعضهم معنيا فقط بما يقع على الضد أو النقيض من الفكر والثقافة السائدة، وأكثرهم يقتصر اهتمامه الآن على إدمان الرياضة والفن والموسيقى وحتى السطحي والرديء منها، والغريبة منها بصورة خاصة،مع إطلالة لافتة على التراث الغنائي الملتزم بقضايا بعينها.
وتسأل: لماذا؟ لماذا من دون مشاريع وأبحاث فكرية كبرى ولا شعر ولا رواية أو مسرح أو فنون؟.. ويجيبون بأن هذه أمور تحتاج إلى جهد فكري عسير ووقت منساب ووفير، وهم ليسوا مستعدين لبذل جهدهم ووقتهم في غير دروسهم الجامعية..

وتسألهم عن اهتماماتهم السياسية فيؤكدون أنهم يراقبون من دون حرارة، ويقرأون الأخبار السيارة ولا يهتمون بالتحليل النافذ للعمق والمدرك للأهداف والمقاصد، وينتظرون الآتي من دون شوق إليه، ولا يحبون رموز التراجع والنكوص ويتوقون للأبطال والزعماء والرموز الثائرة، وليست لديهم أي عقدة تجاه شعبهم بقيم هو كذا ليست لهم عقدة من أسلوب الحياة العصرية.. وقد نحكم عليهم بأنهم يبالغون في هذا السلوك.. فيؤكدون لك أن نسبة قليلة من الشباب وطلاب الجامعات يتابعون الأمور السياسية برغبة ذاتية، ونسبة أخرى زهيدة يتابعونها إذعانا وحماية لعلاقتهم المصلحية بما يروج في الدولة والمجتمع والمحيط الإقليمي.
إن التجربة الإصلاحية الحالية مع الحركة الشبابية والطلابية وحركة المعطلين، منذ تراكم عديد من الأحداث والوقائع غير مشجعة، فقد تركوهم للشرطة والشارع غير المسيّس ولم يحموهم، فأصبحوا محبطين في قسم منهم، والقسم الآخر يميل إلى التطرف السياسي واللفظي في أفكاره التي صارت تتجاوز الأفكار الإصلاحية إلى النزعات الراديكالية، ومن دون مشروع سياسي محدد، بل ومع ميل إلى الفردية والتحرر الفردي من أي قيود ومن دون شعارات كبيرة ولا أحلام تليق بالمرحلة، أي أنهم أصبحوا مع ترضين على مجمل المسار  الإصلاحي أو رافضين له.
ويذكرك بعضهم بشباب فرنسا ومصر واليمن وأمريكا وبريطانيا ووو..
وفي لقاء طلابي سابق عاينت حوارا صاخبا بين نائب إصلاحي من جهة وطلاب كلية في جامعة مغربية من جهة ثانية، صرخ أحد الطلاب بأن المجتمع المغربي والشباب خصوصا يذهبون سريعا إلى طريق اليأس.. ورد عليه أحد المحاضرين بأن ذلك له أسباب واقعية، ومن أسبابه سوء القصد الإصلاحي من قبل الدولة وترصدها لقوى التغيير، وضعف الأداء من قبل نخبة الحكم الجديدة، ويتساءل بعض الطلاب عن مصداقية الشعار الإصلاحي المميز للتجربة (الإصلاح في إطار الاستقرار)، معقبا بالقول: هذا مستحيل.. لأن هناك تناقضا بين الديمقراطية والجمود.. ويمضي في القول هذا شعار تلفيقي..

هذا الجو الشبابي يتمدد أو يمتد إلى فضاءات أخرى ومنتديات سياسية لا زالت لحد اليوم محدودة ومحسوبة..
لكن دعوني أسجل ملاحظة، أنه بهدوء ظاهر وتوتر عميق تتبلور تيارات شبابية في أوساط نخب شبابية وطلابية مهمومة بالسؤال الذي لا تسلم منها لمسلمات العقائدية ولا المنظومة الفكرية والمذهبية أو الاختيارات السياسية، ومنفتحة باندفاع وجرأة على كلما حولها من أفكار وأطروحات ومناهج، على جدية في قبول الآخر والمختلف باعتباره تحديا معرفيا، مع نزوع عميق إلى إنتاج المعرفة بالمشاركة ومن دون قبليات أو موانع.
أمام بداية تخلق هذا الجيل، نرجع لطرح السؤال الجوهري من جديد موضوع هذه المطارحة، إلى أين انتهت التجربة الإصلاحية ولو في بعض مستوياتها الأولية سياسيا وفكريا؟
قبل الإجابة،لدي رغبة في القول مع القائلين بأن الإصلاح مسألة ثقافية أولا قبل أن تكون إجرائية ولا تدبيرية ولا حتى سياسية، الإصلاح يكمن في البناء السفلي ليرتد منعكسا على البناء العلوي للمجتمع. فالإنتاجية السياسية والاجتماعية للمسألة الثقافية لا تتوافق معها أي آليات ووثائق، أي أن الظاهرة السياسية تترتب قطعا على الظاهرة الثقافية، ولكن تأتي متأخرة عنها وأحيانا تتأخر كثيرا وفقا لقوانين التغيير البطيء..
ومن هنا فالقانون التاريخي يؤكد أن تيار الإصلاح الشامل في المغرب المعاصر سوف يصل إلى النهاية حتما.. والمستقبل ينتظر الإصلاح والإصلاحيين إذا ما كان الاعتدال والوسطية وإنتاج التسويات التاريخية حول قضية الإصلاح بين الفرقاء المجتمعيين والقوى الفاعلة في التغيير ديدنهم، وكان رائدهم الإصلاح بقوانين الواقع المجتمعي العام، أي من الداخل ومن دون تهوين بشأن العوامل الخارجية المساعدة..

ختاما..
لقد قدم أحد المفكرين المصلحين في عصرنا الحاضر جوابا عن هذا السؤال،أو شروعا في مقاربة الجواب، وقال كلاما بليغا جارحا ومحرجا له قبل غيره، عندما رد على أسئلة الصحافة.. قال: إن الثقافة أجدى من السياسة في الإصلاح، وأن تجربة المثقف في السياسة غير مجدية.
قد نتفهم كلامه ونوافق على مراراته.. ولكننا نرى أن فيه تعميما وإطلاقا غير منهجي تماما، نرجو أن لا نضطر لذلك التعميم يوما ما.
*عضو الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية ورئيس قسم التأطير الخارجي

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.