قربال يكتب: الجامعة والبحث العلمي والتشغيل..

13.12.26
نور الدين قربال*                
شكلت منظومة التربية والتعليم الأولوية الثانية بعد القضية الوطنية. لكن رغم المجهودات المبذولة فقد عرفت تعثرات ما زالت تعاني منها إلى اليوم. ومن أجل مقاربة هذا الموضوع، سأعتمد المحاور التالية:

أولا: التعليم والتنمية:
يشكل التعليم ثورة حقيقية لبناء التنمية، انطلاقا من سياسة مدروسة، وهادفة. معتمدة على الاختيار الديمقراطي. ومستحضرة شروط تنمية التشغيل. وقد خضع إصلاح التعليم مرات عديدة للنقاش العمومي والتشاركية، وتوافقنا على ميثاق وطني، لكن دار لقمان لا تتحرك إلا ببطء. فما السر في ذلك؟
في تقديري أن السبب مرتبط باعتماد المقاربة القطاعية بدل المقاربة المندمجة والمتكاملة. وسيظل الحال على ما هو عليه إن لم نع هذا جيدا.
وهذا ما يكرس البعد الأفقي للإصلاح والذي سينعكس على الجانب العمودي وعلى رأسه التناغم وحسن التنسيق بين كل الأسلاك التعليمية. وهناك إمكانية كبرى للاستفادة من الجهوية الموسعة، والتي أثبتت التجارب الدولية بأنها آلية من آليات إصلاح المنظومة التعليمية. أي المواكبة المستمرة عن كثب.
وهذا يتطلب مجهودا جماعيا، ووضع مشاريع مشتركة، تعتمد على البنيات الأساسية. تمكننا من الانفتاح، في مناخ الاستقرار. مما يتيح للجامعة الابتكار على جميع المستويات. وهذا ما يتطلب تنمية المستوى المعلوماتي المساير للتنمية. والارتقاء بالحكامة، واعتماد التقويم المؤسساتي. وإتقان أسلوب الشراكة والتعاون مع احترام السيادة الوطنية التي تتيح الاستفادة للأطراف المعنية بناء على  التوازن والعدل والكرامة …انطلاقا مما ذكر فإن الجامعة قادرة على القيام بالأدوار الأساسية على مستوى التنمية خاصة على المستوى الجهوي.

ثانيا: الجامعة والبحث العلمي:
لقد ركز دستور 2011، على الاهتمام بالبحث العلمي، لذلك فهو القاطرة التي تجعل الجامعة في قلب التنمية. مع الاهتمام البليغ بالجانب اللغوي الذي يمكن أن يحقق الهدف المنشود.
وهذا ما يساعدها على الاحتكاك بالمحيط، انطلاقا من الشراكة والتعاقد مع مؤسسات المحيط الوطني والدولي.
فالبحث العلمي هو الذي يعطي المشروعية للجامعة، خاصة إذا اعتمد على بنيات أساسية. أهمها رسم السياسات الواضحة. في أفق التعاون مع الجميع. وتجاوز المنطق التقليدي للبحث، والبحث دائما على عنصر التجديد مسايرة لتطور المحيط، بل إن الجامعة من الواجب عليها ألا تكون تحت الطلب فحسب، وإنما أن تتوفر على رؤية استباقية للسياسات المطروحة. واليوم المغرب عاجز عن تلبية حاجيات الاستثمار الدولي من الأطر والعاملين، لولا بعض الاستدراكات التي نعيش بعضا منها اليوم.
ولا غرو أن الاستفادة من التجارب الدولية سيكون له وقع كبير، خاصة إذا انفتحنا على الدول الأسيوية كذلك التي تأخذ بزمام الأمور في قضايا متعددة. معتمدة على سياسة التشارك والقرب. خاصة أن هناك مجموعة من الاتفاقيات بين المغرب ودول أخرى وللأسف ما زالت حبرا على ورق. لذلك نريد اتفاقيات عملية وغير صورية.

ثالثا: التشغيل:
شكل ملف التشغيل أهمية بليغة للجميع. لذلك اهتمت الحكومة بهذا الورش من خلال مجموعة من الإجراءات. واعتبر من الأولويات، ولن يتم هذا إلا بوضع استرتيجية بطرق تشاركية، المبنية على الحوار. لذلك فالتشغيل ليس إجراء عاديا، وإنما هو سياسة واضحة المعالم. تعتمد على المؤسساتية، والتقويم المستمر، وبرامج عمل مدققة، وتبني مؤشرات قابلة للقياس. وهذا ما يدفعنا إلى التعاون على هذا الملف، من أجل تقليص نسبة البطالة.
وللإشارة فإن الحكومة عازمة على وضع رؤية إطار للتنسيق بين الأطراف المعنية بهذا الملف. من أجل الانخراط المهني، وتحضير الأطر لملء الفراغ الذي تعاني منه بعض التخصصات، وتشجيع التكوين، وإدماج كل العاملين في التغطية الصحية.

خلاصات:
نخلص مما سبق أن التعليم والتدريس يتطلبان علما مؤطرا، وليس الاكتفاء فقط بالموهبة. وهذا ما يتطلب التكوين المستمر من أجل تجديد الخبرة، وتنمية البعد البيداغوجي، وجعل المشاريع قابلة للقياس. وتفاعلا مع هذا الطموح، يلزم الفئات المستهدفة العناية الجيدة والتي تتولد انطلاقا من الفرص المتاحة من أجل جلب الانتباه، وإحداث الفاعلية التي بدونها لا يكون هناك تطور. وبذلك لابد من اختيار المعرفة المطلوبة والمنتجة، والمتوفرة على قابلية الانجاز. دون إغفال الربط بين الاكتساب والتطبيق والإنتاج.
*عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.