نور الدين قربال يكتب: قراءة في القانون المالي 2014

16-01-14
وأخيرا أطلق سراح القانون المالي بعد أخذ ورد بالبرلمان، وتنفست الحكومة الصعداء، ومازالت المعارضة تخوض معارك ضده بالاحتجاجات، والسؤال الجوهري، ماهي أهم مضامين هذا القانون؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال اعتمادا على تقارير الحكومة، أود أن أطرح ملاحظات طرحتها المعارضة، حتى نقارن بينها وبين الإجابات المطروحة. من قبل الجهاز الحكومي.
وهذه الملاحظات نوجزها فيما يلي:

– قانون ذو طبيعة تقنية خال من اللمسات السياسية.ومفتقر للجرأة السياسية.
– لا يستجيب لمشاكل المغاربة.
– غياب رؤية ناظمة.
– غياب إجراءات عملية لمحاربة الفساد والريع بشتى أنواعه.
– لم ينصف الطبقات المتوسطة والفقيرة.
– خروج عن المقتضيات الدستورية التي صوت عليها الشعب المغربي.
– الإكثار من ترديد خطاب المظلومية.
– إفراغ صندوق التماسك الاجتماعي من فاعليته، وعدم تأهيل المستشفيات لتغطية مطالب أصحاب بطاقات “راميد”.
– التلاعب ب 15 مليون هكتار لأراضي الجموع. دون الضرب على أيدي المتلاعبين.
– تغطية عجز الميزانية بالاعتمادات المخصصة لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية.
– العجز في خلق برامج جديدة للتشغيل.
– مصادرة حق البرلمان في التشريع.
– غياب بناء ثقافة ديمقراطية لقيم المساواة والتسامح والمسؤولية والمحاسبة.
– تراجعات على أكثر من صعيد.
– عدم القيام بدراسات أولية لإحداث المخزون الاحتياطي من المواد الطاقية الرئيسية.
كانت هذه بعض الملاحظات التي سجلتها المعارضة على الحكومة، إلا أن الحكومة تؤكد عكس ذلك من خلال ما يلي:

لقد استطاع الأمين العام لحزب الاستقلال أن يهدر عشرة أشهر من زمن الإصلاح، مما جعل التفاوض من أجل تشكيل النسخة الثانية للحكومة، دام حوالي أربعة أشهر، وبذلك تضيع أربعة عشر شهرا من عمر الحكومة في ترتيب بيتها، إضافة إلى المرحلة الدقيقة التي يمر بها السياق السياسي والاقتصادي والمالي.
ورغم عشرة أيام من تشكيل الحكومة الجديدة تم التوافق على مشروع قانون مالي، وبذلك تم احترام كل الآجال القانونية، وإخراجه إلى النور رغم المصاعب.
مع تسجيل إيجابيات مهمة من حيث الاحتفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، وتحسين الاستخلاصات الضريبية، وتعبئة الموارد المالية خاصة القادمة من الخليج، وحسن تدبير الدين العمومي، وحسن تحصيل التمويلات.
وعلى مستوى دعم المواطن، فتنطلق من دعم الدولة للمواد في السوق الدولية، والتي قدرت ب خمسة وثلاثين مليار درهم، مع التحكم في التضخم بنسبة 2 في المئة، مع تخصيص 7.5 مليار درهم للترقية والتسوية. والإبقاء على رسم الاستراد المطبق على القمح إلى 30 أبريل 2014.

وبالنسبة للعالم القروي، والمناطق الجبلية، فقد خصص4.9 مليار درهم ما بين 2011- 2015. وزعت على الشكل التالي: 1.3 مليار درهم لصندوق تنمية العالم القروي، والمناطق الجبلية، وتهيئة 1345 كم من الطرق بتكلفة 2.8 مليار درهم. وشكلت الطرق القروية حوالي 1002 كم. بالإضافة إلى تنمية الشبكة القروية من حيث التزويد بالماء، والكهربة.
وبالنسبة لصندوق التماسك الاجتماعي فقد أضيف إلى المستفيدين الأرامل اللواتي في وضعية هشة. وتم ضخ 50 في المئة من حصيلة الرسم الجوي للتضامن، وإنعاش السياحة، في هذا الصندوق.  وخصص للمبادرة الوطنية للتنمية المباشرة  1.7 مليار درهم خلال 2014.
ومن حيث الاستثمار فقد بلغت اعتماداته  186 مليار درهم. مركزة على: الإقلاع الاقتصادي، ودعم الصادرات، ومخطط المغرب الأخضر، والمخطط الطاقي، والسياحة…واستمرار الإعفاء من الضريبة على الشركات ورسوم التسجيل على مستوى”صندوق الاستثمار صندوق افريقيا 50″ الذي تم إحداثه من قبل البنك الإفريقي للتنمية. مع الاجتهاد في تحيين ميثاق الاستثمار، والإطار القانوني للشراكة بين القطاع الخاص والعام. وتعبئة العقار الخاص للدولة من اجل الاستثمار.

كانت هذه بعض الإشارات التي وردت في القانون المالي، مع التركيز الحكومي في المستقبل على ما يلي: الاحتفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، وزرع الثقة داخليا وخارجيا من أجل تشجيع مخطط الإقلاع الاقتصادي، والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية، وتحسين الحكامة التي تشكل بؤرة كل إصلاح.
من خلال التصنيع ودعم التصدير، وتطوير الشراكة بين القطاع العام والخاص، وتبني المنافسة الترابية والاقتصادية،  وتحضير مشاريع القوانين المالية على ضوء القانون التنظيمي للمالية، وتحسين نجاعة أداء التدبير العمومي،وتعزيز المبادئ المالية، وتقوية شفافية المالية العمومية،  وتقوية البرلمان في مناقشة الميزانية. مع إتمام إصلاح العدالة، والتي خصص لها حوالي 200مليون درهم لسنة 2014.
والاجتهاد في الإصلاح الضريبي، من أجل العدالة والتنافسية، والثقة بين الإدارة والمواطنين. والتضريب التدريجي على الاستثمار الفلاحي الكبير، مع الإعفاء للصغار والمتوسطين. والانطلاق في إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وذلك بالتوحيد التدريجي للأسعار، لحصرها في سعرين 10 في المئة، و20 في المئة. مع إرجاع دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم. واعتماد التشاركية في التنزيل المتدرج لتوصيات المناظرة الوطنية حول الإصلاح الضريبي.

من خلال هذا العرض الموجز نؤكد على أن الحكومة اقتحمت الطريق الصعب والذي سيعطي ثماره، بدل الحلول الترقيعية، المؤقتة، لذلك قال “حميد برادة” الإعلامي المغربي إن الأمور بدأت تتغير في المغرب مؤخرا..هذا لا يعني أننا تجاوزنا كل الإشكالات، بل ما تم تحقيقه يجب أن يشجع، لأن المستفيد هو المغرب، أما السياسة فهي تداول ومنافسة شريفة، وخدمة الصالح العام انطلاقا من أي زاوية، المهم هو إنجاح الديمقراطية، والمرحلة الانتقالية والتنزيل الديمقراطي للمقتضيات الدستورية. وأن نكون واقعيين مع الشعب بدل أن نبيع لهم الأوهام، لأن الكل أصبح يدرك ما له وما عليه في إطار ديمقراطية مواطنة تشاركية. في تكاملية مع الديمقراطية التمثيلية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.