يتيم يكتب: هل هي قرون العنف السياسي تطل على المغرب؟

14.01.20
بقلم/ محمد يتيم*
شهدت السنتان الماضيتان بعض الانفلاتات والتحرشات ببعض السياسيين والتجمعات السياسية بشكل أخذ يتنامى بشكل مقلق. في هذا الصدد نستحضر عددا من  محاولات الاعتداء على ملتقيات وتجمعات سياسية لحزب العدالة والتنمية، وبعضها كان من تأطير الأمين العام للحزب نفسه، كما سبق أن حدث في فاس. كما نتذكر الاعتداءات وأعمال البلطجة التي تعرض لها بعض مناضلي الحزب خلال انتخابات الإعادة في مولاي يعقوب !!!.
بعض هذه المحاولات كانت تستغل مطالب بعض فئات المعطلين وتركب عليها، كما حدث عندما صادف أن كان  الأمين العام للحزب رئيس الحكومة وجوده في شارع محمد الخامس لقضاء بعض أغراضه الشخصية.

 وفي نفس الشارع  خلال احتفالات فاتح ماي من السنة الماضية تعرض الاستاذ عبد الله بها النائب  وزير الدولة والنائب الأول للأمين العام لمحاولة اعتداء من بعض المحسوبين على الأطر المعطلة.
الأمور لم تقف عند بعض تجمعات العدالة والتنمية ورئيس الحكومة ووزير الدولة بل تابعنا مؤخراً اعتداء لفظيا كاد أن يتحول إلى اعتداء بدني على السيد وزير الصحة داخل قبة البرلمان، وهو في حقيقته اعتداء مضاعف، أي على مؤسسة تنفيذية، أي الحكومة من خلال الاعتداء على أحد وزرائها خلال القيام بمهامه داخلها، ثم اعتداء على مؤسسة تشريعية وانتهاكا لحرمتها خلال أدائها لمهامها التشريعية.

في الآونة الأخيرة أيضا تعرض الأستاذ المقرئ أبو زيد عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية والنائب البرلماني عن دائرة الجديدة إلى حملة إرهابية استهدفت سلامته الجسدية  لم تستثن أفراد أسرته.
وأول أمس تناقلت الأنباء خبر الاعتداء على السيد نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة أثناء توجهه إلى تأطير تجمع حزبي بمدينة أسا، حيث تعرض لقذف بالحجارة تربت عليه جروح تبين أنها طفيفة فيما بعد.

بعض هذه الاعتداءات تتخذ أشكالا أخرى، أي في الاعتداء على الملك العام أو احتلال المرافق العامة، أو تعطيل السير في الطريق العام وعرقلة سير بعض وسائل النقل العام، تحت حجة الاحتجاج الذي يبقى عملية مشروعة ما لم يتحول إلى اعتداء على الأفراد والتجمعات والملك العام.
مظاهر العنف هذه التي أخذت تطل بقرونها على المغرب والتي لم تكن في السابق سوى طريقة للتعبير من بعض المجموعات العدمية المتطرفة في الجامعة تطرح أكثر من تساؤل، وتدفع الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمدنية ووسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والالكترونية أن تسائل نفسها من جهة عن مسؤوليتها في الحفاظ على الطابع الحضاري والسلمي في الاحتجاج  والدفاع عن المطالب، وتبعث نذير شؤم في هذا الإطار.

وهي من جهة ثانية  ينبغي تدفعها كي تسائل نفسها حول طبيعة الخطاب الحدي العدائي والعنيف تجاه المخالفين السياسيين، وعلى الخصوص تجاه المسؤولين الحكوميين الذين قبل أن يكون خصوما سياسيين هم بحكم مسؤولياتهم الحكومية رجال دولة يشتغلون لفائدتها ولفائدة المواطنين، وأن السكوت على تلك الاعتداءات أو تبذيرها بأي شكل من الأشكال هو تبرير واستباحة للعنف السياسي  كعملة نجا الله منها بلادنا في المجمل، وأن من بررها اليوم قد يكتوي بنارها غدا، علما أن تقييم أداء المسؤولين الحكوميين  لا ينبغي أن يكون إلا بوسائل حضارية سواء من خلال النقاش العمومي المسؤول أو من خلال المحاسبة والمعاقبة لأدائهم من خلال صناديق الاقتراع. فهل هي قرون العنف السياسي تطل على المغرب أم أنها تبقى تعبيرات محدودة؟
نتمنى أن تكون الفرضية الثانية هي الأصوب، لكن مهما يكن فإنه غدا من اللازم اليوم أن نطرح قضية المسؤولية المعنوية عن هذه التعبيرات العنيفة في خطاب السياسيين والإعلاميين، هذا إذا سلمنا أن بعض هذه التجاوزات والانزلاقات هي انزلاقات تلقائية وعفوية ولم تكن مبيتة ومخدومة  كما يوحي بذلك بعضها. فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
*عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.