حامي الدين يكتب: في مصر.. الثورة تنبعث من جديد

14.01.29
عبد العلي حامي الدين*
بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لثورة 25 يناير بمصر رسمت المنظمات الحقوقية الدولية وعلى رأسها منظمة العفو الدولية صورة قاتمة عن الواقع الحقوقي بمصر متهمة الجيش المصري بالقمع وانتهاك حقوق الإنسان على نحو غير مسبوق،
فمنذ الثالث من يوليوز، قتل 1400 شخص غالبيتهم من أنصار مرسي في أعمال عنف وأكثرية هؤلاء قضوا بسبب “الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن”، بحسب منظمة العفو الدولية.

كما قامت السلطات باعتقال ناشطين لعبوا دورا بارزا في ثورة 25 يناير، من خارج مناصري الرئيس مرسي وتم إقرار قانون جديد يحظر التظاهر ، كما انتقدت العديد من المنظمات الحقوقية الهجمات على الصحافيين وحرية الصحافة، إضافة إلى التفتيش الممنهج لمقار منظمات غير حكومية خوفا من ثوثيق جرائم الانقلاب..
لقد سبق أن قلنا في مقال سابق بأن ما حصل يوم 3 يوليوز يمثل  ثورة مضادة لإجهاض مسار الثورة الحقيقية والعودة بالبلاد إلى المربع الأول.
الخيار الوحيد الذي اعتمده قادة الانقلاب هو خيار القمع وقطع الطريق أمام أي إمكانية للمصالحة أو حتى إمكانية قيام ديموقراطية صورية شكلية خوفا من عودة الإخوان وراهنت السلطات الحاكمة على إعادة هاجس الخوف من جديد عن طريق اعتماد أسلوب الصدمة والقتل خارج نطاق القانون، بل وصل الأمر إلى ارتكاب مجازر وحشية دفعت العديدين من مؤيدي الانقلاب على الرئيس المنتخب إلى معارضة الجيش والتحول إلى المعارضة من أبرزهم محمد البرادعي..

المفاجأة الصادمة أن الاحتجاج الشعبي لم يتوقف ونظرية إعادة بناء الخوف في قلوب الناس لم تصمد طويلا، وهو ما وضع الانقلابيين في مأزق حقيقي..
حاجز الخوف انهار تماما، لكن المشكلة أن قادة الانقلاب تورطوا في اعتماد استراتيجية وحيدة وهي القمع، بحيث لم يستطيعوا التراجع عنها وبالتالي ارتكاب المزيد من المجازر الوحشية وهو يجعلهم أمام انتحار سياسي حقيقي..

المبادرة الوحيدة التي أقدم عليها قادة الانقلاب هي محاولة إقناع قادة الحراك الشعبي بقبول خارطة الطريق مقابل إطلاق سراح المعتقلين، المعتقلون رفضوا مقايضة حريتهم الشخصية مقابل التفريط في حرية الوطن..وحتى إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية كان لعبة مكشوفة لم تصمد أمام يقظة الشعب المصري وإصراره على انتزاع حقه في الحرية..
بالإضافة إلى الحصار الداخلي الذي تمثله الاحتجاجات هناك الحصار الخارجي الذي تمثله الملاحقة الدولية لقادة الانقلاب، فجميع الجرائم المرتكبة من طرف الجيش والشرطة يجري توثيقها بدقة متناهية بواسطة مؤسسات دولية، كما يجري توثيق خروج القضاء المصري عن المعايير الجنائية الدولية مما يفقده أي مشروعية أمام المحافل الدولية..

الخوف من المحاسبة دفع إلى تحالف مربع الجيش والشرطة والقضاء والإعلام واعتماد سياسة الهروب إلى الأمام خوفا من أي تراجع..
دماء الشهداء لن تضيع سدى وستبني مجدا حقيقيا لمصر الثورة في المستقبل وإن بدا ذلك مطلبا بعيد المنال في نظر صديقنا حسن طرق…
إنكم ترونه بعيدا ونراه قريبا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…
*عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.