ابن كيران: الهمة يعمل على تحجيم العدالة والتنمية

أمين عام حزب العدالة والتنمية حل ضيفا على “الصباح” وقال إن البام حزب فاسد و

مقدمة:

لم يتردد عبد الإلاه بن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، كثيرا في قبول دعوة “الصباح” ليحل ضيفا على مكتبها في الرباط. كان الرجل عند الموعد، وبصدر رحب، أجاب عن الأسئلة التي طرحت عليه. يعتبر بن كيران أن ما وقع في سلا ومحاولة توريط جامع المعتصم، قيادي في حزبه ونائب عمدة سلا، قضية سياسية ليس إلا، لأنه متيقن من نزاهة المعتصم الذي كان يتابع معاناته بسبب تحالف حزب المصباح مع نور الدين الأزرق، رئيس مجلس المدينة الحالي، الذي أطاح بإدريس السنتيسي، العمدة السابق. ثم إن بن كيران يوجه بأصابع الاتهام إلى السنتيسي ويقول إنه “وراء هذا الملف، وهو من تقدم بشكاية في الموضوع، لكن أقول لهم إن هذا الإمبراطور هو من يحق أن يفتح تحقيق بشأن طريقة اغتناءه وكيف راكم ثروته في المدينة”. كما لم يخف بن كيران الضربات التي توجه لحزبه من قبل حزب الأصالة والمعاصرة، وبالتحديد من طرف إلياس العماري، مبديا استعداده للجلوس من أجل المكاشفة مع فؤاد عالي الهمة “لأقول له إن حزبه فاسد”…..   

إعداد نادية البوكيلي وجمال بورفيسي وعبد الله الكوزي- تصوير عبد المجيد بزيوات

*ما هي آخر تطورات ملف اعتقال جامع المعتصم على خلفية ما وقع في مدينة سلا، وكيف سيتعامل الحزب مستقبلا مع هذه القضية؟

*بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، نحن ننظر إلى هذه القضية على أساس أنها سياسية وليست جنائية. وسأدلي لكم بالتفاصيل كما وقفت عليها شخصيا. كما لا يخفي فإن فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة المعاصرة، منذ سنوات طويلة لم تكن بيننا خصومة خاصة وأنا أتجنب أن تصل العلاقات إلى هذا المستوى، لكن منذ البداية كان يعمل على تحجيمنا وعلى أن لا نأخذ مكاننا كاملا كحزب سياسي في الانتخابات، وهو الذي كان وراء تحجيمنا في انتخابات 2003، إذ دخل معنا في مفاوضات لكي نحدد عدد المقاطعات والجماعات التي سنترشح فيها ثم بعد ذلك في انتخابات 2007، خرج من الحكومة لأنه كان لديه مشروع آخر ليقوم بالدور نفسه، وشعرنا بأن تلك الانتخابات وقع فيها ما وقع. في 2009، خرج وأسس حزبه الذي اعتبرنا آنذاك من حقه كمواطن، ولم نكن مخطئين ربما إذ لم نعبر عن تحفظنا إزاء هذا الحزب نظرا لأنه حزب مسنود من الإدارة ومن السلطة بطريقة غير معقولة وغير قانونية ولا ديمقراطية،  لكن هذا لم يظهر كثيرا في التصويت، بل في الترشيح قبل ذلك، إذ لم يكن بإمكان حزب أسس في فبراير أن يغطي كل الدوائر بدون مساندة رجال السلطة أو بعضهم على الأقل. وبعد انتخابات 2009 ، حصل حزبنا على الرتبة السادسة، قبلنا بوضعنا واعتبرنا أن الأمر معقول. وإذا كان هناك شيء ما فقد كان محدودا خصوصا أننا كنا الأوائل في المدن. ولما جاءت التحالفات في معظم المدن، كانت النتيجة أننا سنكون إما مسيرين أو عنصرا أساسيا في التسيير، وهذا كان عاما في كبرى المدن بما في ذلك مراكش التي فاز بها الأصالة والمعاصرة، لأننا رجحنا مرشحتها على مرشح حزب آخر، وارتأينا أن سمعة فاطمة الزهراء المنصوري أحسن وقررنا دعمها. وكنا سنسير معظم مدن الجهة الشمالية الغربية، وسنشارك في التسيير في طنجة، كما كنا سنسير أهم مدن جهة مكناس تافيلالت، وأيضا القنيطرة والرباط والدار البيضاء، إلا أن آلة الأصالة والمعاصرة نزلت بقوة، وانتزعت منا مدنا عن طريق الترغيب والترهيب، بل بلغ الأمر إلى درجة تأخير الإعلان عن نتائج انتخابات الرئاسة في طنجة وفي وجدة وغيرهما.

أما قضية سلا، فقد تابعتها مع الأخ جامع المعتصم الذي كان الحديث في البداية يروج بأنه سيكون رئيسا لمجلس المدينة، بعد ذلك، تبين له أن الأمر غير ممكن. وللحفاظ على التحالف ضد عودة السنتيسي، الرئيس السابق، أخبرني المعتصم أنه سيدعم نور الدين الأزرق، وقلنا إن السنتيسي سبق أن خضنا معه تجربة، ولم نتمكن من تحقيق شيء ذي أهمية، ولم يعط الاعتبار الحقيقي للمدينة، وتحت مسؤوليتي، أقول إن السنتيسي اعترف لي بأنه لم يسمح للإخوان لكي يعملوا بطريقة مريحة، وهذا كلام أقوله على مسؤوليتي والله شاهد عليه.

سرنا في اتجاه الأزرق، لكن وقعت ضغوطات على السيد مصطفى المنصوري، طلب منه بأن يضغط على الأزرق ليفك تحالفه مع العدالة والتنمية، ويلتحق بالسنتيسي. وأعتقد أن المنصوري بذل جهدا كبيرا، لكنه وصل إلى درجة أنه رفض الاستمرار في هذا النحو، ثم وقعت ضغوطات على الأزرق في الخامسة صباحا من يوم التصويت على الرئيس، وأخبرنا المعتصم بالأمر، بل وذكر لي الدور الذي لعبه مباشرة إلياس العماري، وقال لي إن الأزرق صمد أمام تلك الضغوطات، وقرر أن نسير جميعا، فقلت له بأن يتوكل على الله. وفي اليوم نفسه، بلغني أن المنصوري قيل له إنه لن يبقى رئيسا لمجلس النواب، كما بلغ إلى علمنا أن الأزرق لن يبقى رئيس هيأة في مجلس النواب. واستمرت آلة الضغط التي وصلت إلى حد اعتقال المعتصم، وهو الاعتقال الذي لم نكن نتصوره لعدة اعتبارات. فالمعتصم كان تحت مراقبتنا وعملنا مجتمعين منذ أزيد من ثلاثين سنة ونشهد أمام الله أننا لم نر عليه قط أية مخالفة تتعلق بالفساد المالي، بل كان رجلا عفيفا يرفض الاستفادة من حقوقه الطبيعية أحرى يتطاول على حقوق غيره، هذا أمر تعرفه ساكنة سلا لأن الشخص سير مقاطعة تابريكت لمدة ست سنوات، وكان نائب رئيس الجماعة الحضرية لمدة ست سنوات، ثم سير المقاطعة لمدة سنة ونصف، وشغل منصب نائب الرئيس نور الدين الأزرق، كل هذا يجعل المعتصم فوق الشكوك ولو تورط في شيء، لانكشف أمره بين الناس.

لقد حقق المعتصم انجازات كثيرة والدليل على ذلك أنه في عام 2007 ، استطاع الحزب الفوز بمقعدين في دائرة سلا، وهذا يبين أنه كان عنصرا رئيسيا. لقد تجاوزنا السنتيسي الذي احتل الرتبة الرابعة، علما أنه كان في كل مرة يحتل الرتبة الأولى، وأعتقد أن ما وقع حاليا يدخل ضمن حسابات انتخابات 2012. فالقضية سياسية، المقصود منها إضعاف حزب العدالة والتنمية وعزله عن الآخرين، وإلى حد الآن لا يفهم عموم الناس لماذا غادر المنصوري منصب رئاسة مجلس النواب وأيضا رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار.

إن جامع المعتصم الذي صمد في وجه شخص متنفذ مثل إلياس العماري، يؤدي حاليا الثمن، ولا بد لرئيس الجماعة الحضرية الذي صمد في وجه ضغوطاته أو ضد من كان معه في تلك الليلة أن يؤدي الثمن، ولابد لأي سياسي أن لا يفكر في الاقتراب من العدالة والتنمية لأنه سيتخوف من أن يقع له ما وقع لنور الدين الأزرق، وأي رجل أعمال، كما هو الشأن بالنسبة إلى السيد محمد عواد من حزب الاستقلال الذي تحالف مع المعتصم من أجل تكوين الأغلبية، أن يؤدي الثمن. هذه هي كبرى الرسائل التي أريد من هذه القضية، ولهذا منذ البداية، عالجنا الأمر على أنه سياسي.

وأقول لكم صراحة لو عرفنا أن المعتصم ارتكب شيئا غير أخلاقي أو غير قانوني، فإننا لن ندافع عنه. المعتصم كان هو رئيس اللجنة المركزية لمنتخبي العدالة والتنمية وأخيرا غيرنا بنية هيأة المنتخبين بسبب كثرة انشغالاته وأصبح عبد الله بها رئيسا والمعتصم معه.

المعتصم هو من كان يؤطر المنتخبين وينظمهم وهو إنسان ذو كفاءة عالية. وعندما ولج العمل الجماعي لم تكن له دراية بالمجال، إلا أنه بسرعة كبيرة، وخلال وقت وجيز، أصبح ضابطا لآليات العمل الجماعي بشكل لافت للانتباه، وهو بالنسبة إلينا مرجع نعود إليه في مثل هذه الإشكالات التي اتهم بها، ونكلفه بحلها في مختلف المدن. المعتصم من الناحية القانونية لو عثرنا ضده على مثقال ذرة، لما غامرنا بالحزب، والدليل على ذلك، ما وقع في ميدلت. عندما تابعت الشريط، قلت إنه وقع على الأقل في أفعال غير لائقة، فرفعنا يدنا، لأننا لسنا طائفة ننصر من كان منا بأي وجه كان. نحن حزب سياسي لديه مرجعية أخلاقية وإسلامية، وهذا شيء نعتز به. هذا الحزب لا يمكن أن يدافع عن شخص يتورط في أمور غير مقبولة، لهذا تخلينا عن رئيس مجلس ميدلت، ولو كان جامع المعتصم كذلك رغم أنه عضو في الأمانة العامة “لم نكن سنعمر معه السوق”.

نحن متأكدون من براءة المعتصم، والإخوان سيخوضون معركتهم إلى النهاية.

إنهم يؤاخذون على جامع المعتصم ثلاثة أمور أساسية. أولها أنه منح رخص السكنى لعمارات لم تستوف رخص البناء المسلمة من قبل رئاسة المجلس السابق الإجراءات اللازمة. من المعروف أنه من الناحية القانونية لا توجد أي مسؤولية لأن الملفات بقيت عالقة لسنوات طويلة والمعتصم شرح هذا الأمر في شريط وقال إن السنتيسي هو من يؤخر البت في هذه الملفات مما يفتح المجال للابتزاز المستمر وأصبح المستثمرون يفرون من سلا. فارتأى المعتصم ضرورة حل المشكل بالتوافق مع الإدارة ومع المجلس بأكمله بما في ذلك الرئيس، وأقدم على حل المشكل بمجرد ما أتيحت له فرصة ذلك. غرضه رقم واحد العمل على حل مشكل الاستثمار العقاري في سلا.

ثانيا يؤاخذ عليه أنه منح رخصة مصعد لعمارة من أربعة طوابق، وأن المصعد أقيم في منطقة كانت على شكل باحة، العمارة لم تكن في الأصل بحاجة إلى تلك الباحة ثانيا لم يقدم على هذه الخطوة إلا بعد اخذ الموافقة من مختلف الأطراف المعنية، وصاحب العمارة لم يكن حاجة إلى المصعد، إلا أنه فضل  أن يفعل ذلك لفائدة الساكنة، وأخذ الموافقة من كل الأطراف إلا الوكالة الحضرية، التي بقى رأيها في هذه القضية استشاريا وليس إلزاميا.

أما الأمر الثالث، انه اقتنى شقتين من المنعش العقاري محمد عواد مساحتهما 150 متر مربع ب7500 درهم للمتر المربع. هذا هو معدل الثمن المعمول به في سلا، وأنا أقول اللهم إن هذا لمنكر وبالدارجة المغربية “واك واك اعباد الله”، الرجل قضى 12 سنة كمستشار برلماني يتقاضى 30 ألف درهم في الشهر، وزوجته أستاذة ولا يملك أي شيء، استطاع في نهاية مشواره أن يشتري شقتين في حي شعبي بمدينة سلا، إنه لم يهرب إلى الفيلات الواسعة، ويؤاخذون عليه أن عواد قدم له تسهيلات في الأداء. وما وقع في هذا الأمر بسيط للغاية، فالمعتصم تمكن من توفير بعض المبالغ لأداء ثمن الشقتين، وعواد فعلا قدم له تسهيلات من باب العلاقة العادية بين الناس، فالله عز وجل قال “وإن كان ذو عسرة، فنظرة إلى ميسرة”، ولا نعتقد أن في هذا الأمر شيء مخالف للقانون، وإذا تمكنوا من إثبات أن هذا كان مقابل خدمة قدمها لعواد، فليفعلوا به ما يشاؤون، وليس لدي أي مانع، لكن هذا غير صحيح، بدليل أن المعتصم أنجز وعدا بالبيع أمام الموثق وفي الأخير، استفاد من قرض من مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي التربية والتعليم، وكما لا يخفى على أحد فإن المعتصم كان عضوا في اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين وكان المستشار الملكي مزيان بلفقيه، رحمه الله، يحترمه كثيرا ويستعين به، وبعد ذلك استفاد من القرض لأنه رجل تعليم وأدى كل ما بذمته لمحمد عواد.

يعيبون على المعتصم شيئا آخر هو أن تلك الوثيقة التي ذكرها لم يعثر عليها في الأرشيف، عليهم هم أن يقوموا ببحث لمعرفة مصير تلك الوثيقة ومن سرقها من الملف وتراودنا شكوك بشأن الشخص الذي نزعها من الملف. ولهذا السبب يتهم المعتصم بالتزوير وهل المعتصم حارس للأرشيف. لقد كان الأرشيف مستباحا، ولما انتخب المجلس الحالي، تقرر بناء حائط لتحصين المكان حيث يوضع الأرشيف. وجامع المعتصم لم يذكر تلك الوثيقة إلا لأنه كان متأكدا بأنها موجودة يقينا في الملف، بحيث كان مطلوبا منه أن يستند إلى محضر أو شهادة المكلف بالتعمير ومع ذلك كان يحرص على الاستناد إلى الوثيقتين معا، مما يجعل هذه القضية فارغة والمحامون مجمعون على أن الملف فارغ وغير قانوني، بل إن القضية سياسية وأن المعركة حولها ستكون قانونية لأن المحامين سيقومون بدورهم، ولكن أولا وقبل كل شيء المعركة ستكون سياسية.

بن كيران: السنتيسي هو من حرك الشكاية الكيدية بسلا

-هناك طرف ثان في مدينة سلا، يقول إنه ليس له علاقة في الملف المعروض على  القضاء، ويستنكر إقحامه في القضية، ما ردكم على ذلك؟

-لدينا معلومات  تفيد أن الشكاية الكيدية التي حركت هذا الملف كان وراءها السنتيسي. هذا الأخير لا يمكن أن ينكر أنه اقتنى عقارا في منطقة خضراء، ولا يمكن أن ينكر أنه قام ببناء مدرسة وسط منطقة خضراء، ما الذي فعله ليحصل على ذلك؟، السنتيسي كان وما يزال يستفيد، وجامع المعتصم أعد خمسة ملفات في هذه المسألة. وإذا كان حقا يقول إنه لا علاقة له بالملف، فيجب أن يدلي بشهادة حق في حق المعتصم. شرائح واسعة من المواطنين متضامنة مع المعتصم، ليس المشكل في اعتقال المعتصم، الظلم قد يقع، لكن من الناحية القانونية يجب ألا يتابع في حالة اعتقال، لأنه لم يكن في حالة تلبس وله كل الضمانات الشخصية والغيرية والمالية، كان من اللازم أن يتابع في حالة سراح، لكن يبدو أن القضية تستهدف إبعاد العدالة والتنمية من التسيير، أولا من خلال إبعاد المعتصم من رئاسة مقاطعة تابريكت، لتكون الفرصة مواتية لبناء تحالف جديد وعمدة جديد، إن اقتضى الأمر. لماذا نحن قلقون؟ لأن الأشخاص الذين نهبوا الجماعات واستغنوا، والذين أكلوا وشربوا بنهم، والذين لم يقدموا لسلا شيئا يُذكر، يمرحون، ولا يتابعون، إن التحقيق يجب أن يفتح في حق المفسدين الحقيقيين، وأصحاب الثروات بطرق ملتوية، يجب فتح تحقيق مع هؤلاء الناس، وإذا كان ثمة من يعتبر المعتصم ارتكب أعمالا مخالفة للقانون، كان الأولى أن يتابع ألفان أو ألف شخص آخرين، قبل أن يصلوا إلى المعتصم، ويسائلوه لماذا تساهل معه عواد في أداء ثمن شقة عادية. 

ليس هناك اتفاق بيننا وبين حزب الاستقلال لتشكيل تحالف، أو مواجهة حزب معين، أما قضية التظاهر في الشارع، فنحن حزب مسؤول يشتعل في إطار القواعد

بن كيران: العدالة والتنمية مستهدف منذ أحداث 16 ماي

*لكن ما وقع في سلا لا يستهدف جامع المعتصم، بقدر ما يستهدف العدالة والتنمية ويراد توجيه ضربات خلال المدة الفاصلة للانتخابات التشريعية المقبلة؟

*هذا أمر واضح. والعدالة والتنمية يعيش الاستهداف المتواصل منذ 16 ماي 2003 بمختلف الوسائل والأساليب، لقد تفجرت قضية أبو بكر بلكورة في مكناس، ثم ما وقع في تمارة اعتبرناه فضيحة، لقد زج بالمدينة في توقف تام للمجلس البلدي، علما أن الأمر كان يختلف تماما في الولاية السابقة، إذ بمجرد دخول تمارة، كنت تشعر أنك انتقلت من بلد إلى بلد من حيث النظافة ووضعية الطرقات والمساحات الخضراء وغيرها.

حزب العدالة والتنمية مستهدف، لذلك نعبر عن احتجاجنا لأننا نتلقى الضربات، بل إننا مستهدفون بعدة وسائل،  لقد غرروا برئيس مجلس الشاون المحسوب على العدالة والتنمية، وبرئيس مقاطعة الصخور السوداء بالدار البيضاء، وأقول إن الذين انسحبوا من العدالة والتنمية بمحض إرادتهم، لن أتحسر على مغادرتهم صفوف الحزب، هؤلاء في اعتقادي لا يصلحون للعدالة والتنمية، إنهم ذهبوا وسيلقون المصير الذي أرادوا، لقد رضوا بأن ينسحبوا من العدالة والتنمية التي كانت عضويتهم فيه تشرفهم ويقدر الحزب شأنهم، فسينظرون كيف سيعاملون.

لقد أرادوا إزاحتنا من تسيير الرباط، وهذا ما صرح به عالي الهمة ولم يكذب الأخبار التي نشرت بشأنه، لقد قال إنه سيفكك تحالفات الدار البيضاء وسلا والرباط، إن العدالة والتنمية شكل العنصر الرئيسي في الرباط وتنازل عن الرئاسة لصالح فتح الله ولعلو الذي تحالفنا معه. بل إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية طلب منا توسيع التحالف ليشمل البام والذين كانوا في المعارضة، الآن، نفاجأ بمحاولة إخراجنا من الأغلبية. إنها معارك تم خوضها ضد العدالة والتنمية.

ثم لأقولها صراحة هؤلاء لا يستهدفون العدالة والتنمية، بل يستهدفون الحياة السياسية. لقد كانت البداية بالعدالة والتنمية، ثم بعد ذلك، انتقلوا إلى حزب الاستقلال ثم إلى الاتحاد الاشتراكي. والغريب في الأمر أن الذي يريدون أن يتحالفوا معهم، يتآمرون عليهم في الرباط. إنهم استهدفوا فتح الله ولعلو علما أنه شخص محترم لدى المغاربة، كمناضل ووزير مالية لمدة عشر سنوات ولا أحد طعن في كفاءته ونزاهته، وعندما انتخب عمدة لتسيير الرباط، اعتبرنا الأمر إيجابيا، لأن الرباط وضعت بين أيدي شخص من مستوى ولعلو، وهذا كان اختياري من البداية، لقد كنت متحمسا بأن يسير فتح الله ولعلو الرباط، ولكن بما أن العدالة والتنمية حصل على الرتبة الأولى في العاصمة، راج كلام بين الحلفاء اسم لحسن الداودي، الذي تنازل لفائدة ولعلو.  

إنهم الآن يعكرون الجو ضد فتح الله ولعلو، ويحاولون إفساد تحالفه، بل وتنحيته من الرئاسة، والضغط من أجل فك الارتباط مع العدالة والتنمية.

إنهم لا يتوقفون بما لديهم من السلطة والمسؤولية ويفسدون الحياة السياسية. وكما تتبعتم، فهم الآن يواجهون الاستقلاليين ويضعفون الاتحاديين وما وقع في مجلسهم الوطني الأخير دليل على ذلك. ثم إن ما وقع في العيون دليل آخر على ما أقوله. علينا أن لا نخفي الشمس بالغربال، هناك تقارير جهات محترمة وجمعيات وطنية وحتى تقرير لجنة تقصي حقائق العيون بمجلس النواب تفيد أن والي العيون السابق كان خاضعا لنفوذ سي فؤاد عالي الهمة، وخاضع لنفوذ الأصالة والمعاصرة، وعندما عين واليا في العيون، كانت مهمته سحب البساط من ولد الرشيد . ورغم معرفتي السطحية بولد الرشيد، أقول إنه ليس نبيا، وأنه يسير العيون بالطريقة التي تسير بها باقي المدن، لكن هناك فرق كبير بين العيون مثلا وطنجة. إن العيون خاضعة لمراقبة دولية، وتشكو من خصم عنيد يتوفر على 160 مليار رهن إشارته، إنها قضية تتجاوز البعد الوطني، والجزائر عليها توالي أو تعادي، وعلى الجميع أن يعرف هذا الواقع. إن الجزائر تنظر إلى المغرب بشان قضية الصحراء على أساس إنها قضية موت أو حياة بالنسبة إلى نظامها، وتحارب المغرب في هذه القضية لأنها تتصور أن أوضاع المغرب أحسن بكثير من أوضاعها الداخلية، ما يفسر استمرار تشبث الجزائر باستمرار إغلاق الخدود مع المغرب، لأنه بمناسبة فتحها خلال التسعينات، وقعت الاضطرابات في الجزائر حين تمت المقارنة الميدانية بين أوضاع البلدين.

لذلك، قلنا إن مدينة العيون، ذات الخصوصية التي يوجد بها انفصاليون وأتباع البوليساريو المعروفون وغير المعروفين ولم تحسم فيها لا معركة القلوب والعقول ولا الوضع السياسي، ليست مجالا للقيام بألاعيب، فهذا يشكل خطرا كبيرا. إنهم ذهبوا إلى العيون للعب وارتكبوا مصيبة كبيرة، مازالت تداعياتها لم تنته بعد، وصعب استرجاع الوضعية القديمة. والغريب في الأمر أن الوالي الذي كان يتحمل المسؤولية مرة أخرى يعود فيعين في مدينة أخرى، معنى هذا أن هؤلاء يتصرفون بطريقة غير معقولة في ملف حرج فيه مصلحة البلاد العليا التي تتمحور حول ثلاثة ركائز أساسية هي الإسلام والملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين والوحدة الوطنية،  وأي واحدة من الركائز الثلاث استهدفت، فإن المغرب سيكون في خطر.

ومن بين الأمور التي لم يتم الانتباه إليها كثيرا أنه في الوقت الذي حل فيه إلياس العماري بمدينة العيون، قام ب”الروينة” على خلفية ما وقع سابقا عندما نقل جلموس من قلعة السراغنة التي علق فيها للهمة ميدالية عبارة على ثلاثة مقاعد في البرلمان، ثم بعدما تمكن الحزب من  تشكيل فريق يضم 55 نائبا، لماذا لم يأخذوا كل مقاعد البرلمان، ويريحونا؟ من الطبيعي، أنه بعدما تمكن الأصالة والمعاصرة من استقطاب كل هذا العدد من البرلمانيين،  أن يكون لديه طموح بحصد كل المقاعد، لكن ينبغي أن يعرفوا أن السياسة لست حسابات تقنية، السياسة ليس هي التغلب على حزب، لأنه يمكن للدولة أن تتغلب على حزب، ولكن هذا ليس مهما، انظروا ما وقع في طنجة، وفي الحسيمة، والعيون، وكل ذلك بسبب إلياس العماري، وسؤالي هو هل يريد أن يلعب هذا الشخص دور ستالين في المغرب، من خلال إشاعة الرعب، في صفوف الناس؟ لا بأس ، هنا، أن نستحضر ما حدث في طنجة خلال تشكيل المجلس الجماعي. تعلمون أن الأحرار حلوا في المرتبة الأولى بـ 22 مقعدا،وجاء حزب العدالة والتنمية في المرتبة الثانية بـ 21 مقعدا، ثم الاتحاد الدستوري بـ 9 مقاعد، وكان بالإمكان أن تتحالف هذه الأحزاب الثلاثة وتسهم في تسيير شؤون المدينة، لكن الضغوطات الشديدة التي مورست بمختلف الأساليب، دفعت الأحرار والاتحاد الدستوري إلى الاعتذار، وقالوا “الغالب الله”، ولم يكتفوا بإزاحة  العدالة والتنمية، بل أضيف إليه الأحرار،والاتحاد الدستوري، أي الأحزاب الثلاثة التي حصلت على المراتب المتقدمة، فماذا كانت النتيجة، النتيجة هي فرض عمدة من حزب لم يحصل سوى على سبعة مقاعد. خطير، لا يفقهون أصفار مكعبة في السياسة هذه أول مرة أسمع وأرى أن 7 مقاعد تغلب 23 ،و22،و9 مقاعد. جاؤوا بعبد المولى، في عملية تصويت أعيدت ثلاث مرات، فيما بعد، جرى تفكيك التحالف، وجيء بشقيق إلياس العماري، الذي لم يستطع فرض نفسه سنة واحدة قبل ذلك مرشحا لرئاسة مقاطعة، فما الذي حدث، حتى يتمكن هذا  الشخص من الفوز بعمودية طنجة؟ لم يفهم شيئ سوى أنه شقيق لإلياس العماري. صوتت عليه كل الأطراف بدون تردد، باستثناء العدالة والتنمية ومستشارين آخرين قليلي العدد. هذه مسألة خطيرة، إن هذا الحزب يشكل خطرا على المغرب، لاحظوا ما وقع خلال انتخاب رئيس جديد لمجلس المستشارين،  لقد نزل إلياس العماري بكل ثقله،وهو ما أسهم في فوز بيد الله برئاسة المجلس،رغم أن الحزب الذي ينتمي إليه يوجد في المعارضة. وفي مراكش،كانت تكفي ملاحظة أدلى بها الأخ العربي بلقايد لتتم إزاحته، بـ 80 توقيع، إنه الترهيب وزرع الرعب في النفوس.

نحن حزب مسؤول ونشنغل وفق القانون

-هل هناك تنسيق مع حزب الاستقلال في مواجهة “البام”؟

-ليس هناك اتفاق بيننا وبين حزب الاستقلال لتشكيل تحالف، أو مواجهة حزب معين.

-هل صحيح أنكم قررتم توسيع دائرة وفضاء الاحتجاج لتشمل الشارع؟

 -نحن حزب مسؤول يشتغل في إطار القواعد والقانون، ويحترم المؤسسات، ويقدر استقرار البلاد، والمشكل بالنسبة إلينا ليس هو مشكل العدالة والتنمية، بل المشكل يتجلى في فقدان المصداقية في العمل السياسي مما يؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات. إن المنتمين إلى الحزب الجديد يمكن تصنيفهم في خانتين. نوع يخاف من الحزب، وصنف آخر التحق بصفوفه لأنه يطمع فيه. إن هذا مشروع يشكل خطرا على استقرار الوطن، وعلى الديمقراطية، وأيضا على الحياة السياسية.

لكنكم هددتم بالاحتجاج إلى حين استرجاع المعتصم حريته، هل ستقودون معركة قانونية؟

سنلجأ إلى كل الوسائل القانونية المتاحة للدفاع عن جامع المعتصم، فالقضية سياسية كما سبق أن كررنا مرارا، حتى تكون الأمور واضحة.

ألا تتخوفون من أن تؤثر الضربات التي يتلقاها حزب العدالة والتنمية سلبا على نتائجه في استحقاقات 2012؟

 يمكن أن تؤثر سلبا أو إيجابا، لكن جامع المعتصم يعرفه الجميع، خاصة في المدن الثلاث التي عاش فيها، وهي تزنيت، والدار البيضاء، وسلا، ففي هذه المدن، على الأقل، الكل يعرف من هو جامع المعتصم. لا نخاف من التأثير السلبي للملف على مسار العدالة والتنمية ونتائجه الانتخابية، بل إن ما نتخوف منه هو تدخل الإدارة، والطرق الملتوية في التحكم في الانتخابات، بدءا من التقطيع الانتخابي، وتوزيع بطاقات الناخب، واختيار نمط الاقتراع، وتدخل رجال السلطة، كما أننا نتخوف كثيرا من آفة التزوير. ونحن نعلم جيدا أنه حينما يمارس الإنسان السياسة لا يتوفر على ضمانات. سننخرط في الاستحقاقات المقبلة بما نتوفر عليه من الإمكانيات التي سندافع بها عن نزاهة الانتخابات وشفافيتها وسلامتها، والنتيجة ليست مهمة،حتى يكون هؤلاء واعين بالأمر. الحزب الذي ظل لسنوات يحكم تونس وهمش كل الأحزاب الأخرى، كما ألغى حزب النهضة ودفع بالعديد من المنتمين إليه إما إلى الهجرة، أو اختيار لغة الصمت، كيف كانت النتيجة؟ لقد أدى التحكم في مصير البلاد إلى  الاستبداد. إن الانتماء إلى الأصالة والمعاصرة فيه نوع من التمييز، فأنت حينما تشعر أن هذا الحزب مساند من طرف الإدارة، ومتنفذ، وبإمكانه أن يتجاوز  القانون، وأن يُخضع الولاة والعمال الذين أصبح الكثير منهم  يتخوفون منه، فهذا غير معقول، وحينما نصبح أمام هذا الواقع، يشعر الإنسان المنتمي إلى هذا الحزب أنه إنسان فوق العادة، ويمكن أن يطلق يديه، ويعمل ما بدا له، إخوة لنا في حزب العدالة والتنمية تعرضوا للضرب مرتين في الدروة، هذا خطير جدا ولا يمكن الاستمرار في هذا الوضع، حيث يسود الرعب والتهديد.

إذا كان البعض قرر أن يصمت، فنحن في الحزب قررنا أن نتكلم.  هذا الحزب يجب  أن يصبح حزبا عاديا لا تسانده الإدارة.

في عدد من المحطات الانتخابية، بالخصوص، قدم حزب العدالة والتنمية العديد من التنازلات، وهو ما أعطى، ربما الانطباع بسهولة توجيه الضربات إلى الحزب، وهنا يطرح السؤال، طالما أنكم، في المرحلة الراهنة، قررتم عدم السكوت، هل هذا يعني أنكم لن تقدموا تنازلات في 2012؟

أولا، لم يسبق للحزب أن قدم تنازلات،عكس ما ورد في كلامكم. في 1997 نحن الذين قررنا أن نحد من حجم ترشيحاتنا، لأن نتائج الانتخابات في الجزائر وما أدت إليه، جعلنا مقتنعين أنه لا يمكن أن نغامر ببلدنا ولا بالحزب، والشيء نفسه حدث في 2002، لا ننكر أن وزير الداخلية كان يفاوضنا في عدد الدوائر الممكن لنا الترشح فيها، ولكن القرار نحن الذين اتخذناه وأعلنا عنه. في 2003،  وضعونا أمام خيار تحديد عدد الدوائر التي يجب أن نترشح فيها، ولكن هنا، يجب مراعاة مسألة أحداث ماي، وتداعياتها وما عاناه الحزب مع الدعوات الاستئصالية التي كانت تنادي بحل الحزب. وحتى لو أن الدولة تقترح علينا تحديد عدد الدوائر التي ينبغي أن نقدم فيها ترشيحاتنا، فإننا نتذاكر حول الأمر، فإذا وجدنا أن مصلحة الدولة والحزب تقتضي تحديد حجم ترشيحاتنا، فإننا نتخذ القرار. في 2007، لم نقدم أي تنازل، بل ترشحنا في جل الدوائر، وفي 2008، قبل الانتخابات الجماعية، تم إحداث حزب، ونتساءل عن أي مبرر، فنحن ملكيون، ومعروفون بخطنا المعتدل، والتزامنا بثوابت البلاد.إننا نعترض على الأسلوب الاستبدادي الذي ينهجه إلياس العماري، دون أن يعني ذلك أن لدينا عداوة مع أحد، ولكن هذا الشخص يرتكب حماقات و”زبايل”،وما حصل في الحسيمة، دليل على ما أقول،حتى أهل الريف لا يقبلون ممارساته ،إنهم لا يرضون بمن يتدخل بشكل سافر ومستفز في أمورهم.

هل أنتم مستعدون لجلسة مكاشفة مع الهمة؟

أنا مستعد لذلك، وقت ما يشاء. لقد سبق أن أعرب عن رغبته في الجلوس معي، وتم ذلك في 2009،  وتحدثنا طيلة ثلاث ساعات، ولكن بعد ذلك كنت أدعوه إلى تناول الغذاء معي،  لكنه لم يستجب لدعوتي، إذا  أراد أن يأتي للغذاء مرحبا به. ليس لدي مانع،وسأقول له إن مشروعكم  خاطئ. أما إلياس العماري، فقد تعرفنا على بعضنا البعض من قبل، وكان يبيع لي ورق الجريدة،ولكنه أصبح الآن خطرا على الديمقراطية والبلد. 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.