الحقاوي: ستتقلد المرأة مسؤوليات في مواقع حساسة كانت سابقا حكرا على الرجال


12-01-17
أفادت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بأن المرأة ستتقلد مسؤوليات في مواقع حساسة كانت سابقا حكرا على الرجال، مؤكدة، في حوار مع يومية “المساء” نشرته في عددها الاثنين 16 يناير الجاري، أنه من المتوقع أن يتم تعيين المرأة في منصب والية وعاملة، كما ستكون في مواقع لم يعتد المجتمع المغربي أن يرى فيها نساء يتحملن المسؤولية.
وأضافت أن مسطرة الاستوزار داخل حزب العدالة والتنمية أفرزت عنصرا نسويا واحد أما بخصوص الأحزاب الأخرى، تضيف الحقاوي، “فقد كانت هناك أسماء نسائية مرشحة للاستوزار، لكن ربما ارتباطهن بقطاعات معينة جعلهن خارج التشكيلة عندما لم تعد هذه القطاعات بيد الأحزاب التي اقترحتهن”.
واعتبرت الوزيرة أن الملفات المعروضة على الوزارة كلها ملفات ساخنة وذات أولوية، إلا أن هناك، حسب الحقاوي، ملفات ذات صفة استعجالية مثل ملف تشغيل المعاقين، “وإن كان لا يدخل في اختصاص وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية…غير أن ما يمكن أن نقوم به هو تحفيز الجهات المسؤولة لحل هذا الملف”.
وحول تعاملها مع بعض الظواهر الاجتماعية من قبيل التسول والأمهات العازبات، أكدت أن الوزارة ستعتمد سياسة مندمجة يتم من خلالها تحقيق التقاطع بين جميع المجالات التي تدخل في اختصاصات الوزارة عبر مقاربة تشاركية على المستوى الأفقي.

وفيما يلي  النص الكامل للحوار :
أثار تعيينكم  كوزيرة وحيدة ضمن تشكيلة أول حكومة بعد الدستور الجديد، وهو ما جر انتقادات المنظمات النسائية وعدد كبير من الفاعلين سواء سياسيين أو حقوقيين، كيف تنظرون إلى هذه الانتقادات؟
أنا لست مسؤولة عن هذا الوضع  الذي جعل تشكيلة الحكومة تضم وزيرة واحدة، ولقد عبرت عن عدم ارتياحي لهذه الوضعية، خصوصا ونحن في مرحلة من المراحل المهمة الخاصة بتعزيز مشاركة النساء سياسيا  ووصلنا إلى  مستوى من المستويات المتقدمة من وجود المرأة في مراكز القرار، إضافة إلى أننا مطالبون بتنزيل ناجح لمقتضيات فصول الدستور الجديد المتعلقة بتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء ،وتحقيق الإنصاف للمرأة وكذا السعي نحو المناصفة في الهيئات والمجالس سواء المنتخبة منها أو غير المنتخبة، لذلك أعتقد أن هذه الوضعية تسائل جميع المسؤولين، إلا أنه بحكم متابعتي لمرحلة التفاوض لتشكيل الحكومة، هناك بعض عناصرالتفسير  التي كانت سببا في هذا الوضع ومنها أن حزب العدالة والتنمية اعتمد مسطرة ديمقراطية من أجل اختيار المرشحين للمناصب الوزارية، وهاته المسطرة لم تفرز إلا امرأة  واحدة والكل قبل بهذه النتيجة نساء ورجالا، على اعتبار أننا احترمنا المعايير التي يجب أن تتوفر في المرشح واحترمنا المسطرة التي صادق عليها المجلس الوطني، وتم الترشيح في الهيئة 55 المشتركة بين المجلس الوطني والأمانة العامة للحزب  باتصويت السري، وأن الأمانة العامة  اعتمدت في تزكيتها النهائية على  التداول والتصويت السري أيضا، فلا أحد  يمكنه أن ينازع في هذه النتيجة، أما بخصوص الأحزاب الأخرى، فقد كانت هناك أسماء نسائية  مرشحة للاستوزار لكن ربما ارتباطهن بقطاعات معينة جعلتهن خارج  التشكيلة  عندما لم تعد هذه القطاعات بيد أحزابهن التي اقترحتهن ,وتحت ضغط الوقت وبعض الاكراهات الداخلية, لم تتخذ الاحتياطات والتدابير الضرورية لتفادي هذا الوضع.  سيتم ولا شك  استدراك  ذلك  في المرحلة المقبلة  التي ستعرف عملية الترشيح لمناصب عليا في مختلف الدوائر والقطاعات والمجالات، وربما بسبب هاته المحنة التي عشناها كنساء  نتيجة هذه  التمثيلية المقلصة للنساء داخل الحكومة، سيكون استدراك كبير على مستوى التعيينات في مواقع أخرى، مما لم يكن ممكنا تحقيقه دون هذه الوضعية، أنا متفائلة جدا، وأعتقد أنه سيتم تعويض هذا الخصاص بتعيينات ذات أهمية كبرى.

مثل ماذا؟
ستكون المرأة في مواقع حساسة كانت حكرا على الرجال، ومثال على ذلك قد يتم  تعيين المرأة في منصب والية وعاملة ، وستكون في مواقع لم يعتد المجتمع المغربي أن يرى  فيها نساء  تتحمل المسؤولية، مثلا رئيسات جامعات، إذ أن تاريخ المغرب عرف وجود امراة واحدة  وهي  الأستاذة رحمة بورقية في هذا المنصب وبعد انتهاء مدة ولايتها السنة الماضية, اليوم ليس هناك أية امرأة على مستوى  رأس الجامعة المغربية…؟

الملاحظ أيضا أن الوزيرة الواحدة في الحكومة الجديدة تولت مسؤولية  مجال اختصاصها المرأة، ألم يكن ممكنا أن تشغل بسيمة الحقاوي منصبا وزاريا آخر غير هذا؟
أنا متفقة معك  تمام الاتفاق على أن المسؤولية على قطاع يتعلق بالطفولة والفقر والهشاشة والأسرة تناط بها النساء في أغلب الأوقات، وإن كان هناك رجال قد تحملوا هذه المسؤولية مثل سعيد السعدي والراحل عبد الرحيم الهاروشي، وقد يكون هناك مسوغ لهذا الاختيار يتعلق بأن  الأقرب لهذه القطاعات وأن الأكثر تمكنا ومواكبة واهتماما وقدرة على فهمها  واستيعابها هي المرأة، لكن هذا  ليس مبررا  لكي تخندق المرأة  دائما في موقع قرار مرتبط بذاتها كموضوع، وفي أحسن الظروف تصبح فاعلا فيه, تكريسا لوضع ثقافي سائد.
 لقد كان من المؤشرات القوية التي يمكن أن نأخذ بها ونحن متوجهين نحو السياق العام الذي يذهب فيه المغرب انطلاقا من دستوره وقوانينه أن تسند للمرأة حقائب ذات طبيعة مختلفة عن طبيعة القطاعات الاجتماعية والمرتبطة بالأسرة والمرأة، خاصة أن  منصب الوزيرمنصب سياسي لا علاقة له بالجنس أو بالتخصص الدراسي و المهني  (وان كان هذا الأخير مستحبا)  فالمهم هو الحنكة السياسية والقدرة على التدبير والحضور القوي  وتحقيق الفاعلية و النجاعة في المجال والزمان المحد د للحكومةوفق التزاماتها.
  ان هذه   الأمور سوف تعالج  في المحطات  المقبلة ,لأن وقفة النساء التقييمية  وإثارتهن لهذا الموضوع، وأنا في مقدمتهن بحكم اهتمامي وتخصصي الأصلي ونضالي من أجل هذه القضية وبحكم أنني أتقلد هذه المسؤولية  الضخمة في هذا المجال،  ستكون له نتائج، فالوقوف عند هذا الأمر سيكون ما يبنى على أساسه من عمل في المستقبل.

هل اتضحت لكم رؤية العمل المستقبلي، وهل وضعتم برنامج عمل للوزارة؟
نحن الآن في مرحلة التداول بشأن  البرنامج الحكومي،  وما تحتاجه الوزارة الآن هو وضوح في  الرؤية وهيكلة موحدة  وميزانية  كافية تتناسب و الأهداف التي يجب تحقيقها وتساير مستوى الاستراتيجيات التي نريد تحقيقها  على مستوى هذه الوزارة التي تحتاج  إلى  نهضة حقيقة  و اقلاع جديد، يبدأ باصلاح الادارة وتوحيد الهيكلة وضبط الاختصاصات لمختلف الهييئا ت تحت الوصاية  ويمر عبر اعتماد سياسة مندمجة و شمولية  في التدبير وينتهي بانجازات ملموسة لها آثر في واقع المجتمع عموما  والفئات المعني بها القطاع .وهذا يتطلب  تقديم برامج ناجعة لتحقيق الأهداف المرجوة.
وخلاصة القول إن الخطوط العريضة للتوجه من أجل العمل الفعال مرتبطة أساسا بالرؤية والهيكلة والميزانية وتفعيل إدارة الوزارة.

ما هي الملفات التي في مقدمة اهتمامكم والتي ستحظى بالأولوية؟
إن الملفات المعروضة على الوزارة كلها  ملفات ساخنة وذات أولوية،  إلا أن هناك ملفات ذات صفة استعجالية مثل ملف  تشغيل المعاقين،  وإن كان ملف التشغيل لا يدخل في اختصاص وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والمرأة والتضامن، بل هي من شأن الوزارة المختصة، غير أن ما يمكن أن نقوم به هو تحفيز  الجهات المسؤولة لحل هذا الملف. إضافة إلى ذلك هناك  ملفات ذات أهمية كبرى جدا مرتبطة بتوضيح المسار التي يجب أن تتخذه الوزارة وتسير فيه انطلاقا من  حاجتها  إلى إقلاع جديد برؤية واضحة وبالقوة الضرورية لتفعيل برامجها  للقيام بكل الوظائف المنوطة بها  سواء في ما يتعلق بالفقر والهشاشة أو ما يتعلق بالطفولة والمسنين والمعاقين، والحمد لله هناك إدارة قوية جدا عبر عنها المسؤولون والعاملون والفاعلون  داخل  هذه الوزارة  من خلال اللقاءات الماراطونية التي أجريتها معهم، فقد عبروا  عن رغبتهم بالنهوض بهذا القطاع، وكلهم يشتركون في الرغبة في إصلاح القطاع وفي أن يصبح أكثر فعالية ونجاعة.

هناك مجموعة من الظواهر الاجتماعية كالتسول  والأمهات العازبات ودعارة المغربيات بالخارج  التي تسيء إلى سمعة المرأة المغربية، كيف ستتعاملون مع هذه الملفات؟
سوف نعتمد  على سياسة مندمجة يتم من خلالها تحقيق التقاطع بين جميع المجالات التي تدخل في اختصاصات الوزارة  عبر مقاربة  تشاركية على المستوى الأفقي الذي يجعل من سياستنا سياسة  مندمجة مع  باقي السياسات العمومية في القطاعات الأخرى ، فما تعانيه مجموعة من الفئات من مشاكل ومن معيقات كلها من شأن القطاعات الحكومية الأخرى،  فلا بد لنا  أن نلعب دورا  يجعل باقي مكونات الحكومة تنخرط في هذه الأوراش، وهذا لا يعني أن دورنا سيكون تنسيقيا  لأن ذلك  سيكون تعبير مختزل جدا  لما تقوم به الوزارة، فالوزارة يجب أن تلعب دورا رياديا في تقديم الحلول الناجعة في هذه القضايا الشائكة وهذا ليس بالمستحيل بل يحتاج إلى حضور بشكل كبير لرسم استراتيجية للتعامل الداخلي بين جميع الأجهزة التي تدخل في وصاية الوزارة وأيضا في علاقة هذه الوزارة بباقي القطاعات الحكومية، وأنا لاحظت رغبة الكل في الانخراط في هذا الورش الكبير.

لاحظ قلة  الإحصائيات التي أنجزتها الوزارة حول مجموعة من الظواهر مثل اغتصاب   الأطفال، ففي غالبيتها تكون أرقام غير واضحة، إذن هل أنتم ستقومون بوضع استراتيجية تعتمدون فيها بالأساس على تشخيص الواقع كما هو؟
سواء تم إنجاز هذه الدراسات من طرف الوزارة أو من قبل المندوبية السامية للتخطيط وغيرها من الجهات، فهي كلها دراسات تقريبية من حيث المعطيات التي تساعد على تشخيص الواقع  وفهمه واستيعابه في أفق معالجته. أستطيع القول إن الدراسات لا تجرى في غالبيتها على العينة الأم، وإنما تتم على عينة تمثيلية تقربنا من واقع الحال، ولكن لا تقدم مجموعة من المعطيات المرتبطة بالوضعية بأكملها، لذلك فهي من الناحية العلمية تعتمد الأرقام التي استخلصتها هذه الدراسات كأساس لإعداد برامج وغيرها.
بالرغم من ذلك فإنه دائما يبقى هامش من الخطأ  في أي دراسة الذي يقابله كذلك هامش من الاحتياط، إلا أنها تبقى مهمة بالنسبة لأي خطوة تسعى المؤسسة إلى تنفيذها.

إن مؤسسة التعاون الوطني التابعة لوزارتكم  حاليا بمدون مدير بعدما أحيل مديرها السابق على التقاعد هل هناك تعيين مرتقب؟
أكيد أن هناك مجموعة من المناصب الشاغرة، وسنحاول جاهدين تغطية كل الخصاص داخل الوزارة، وكذا تغطية الفراغ الذي تعرفه الهيكلة حتى لا تؤثر هذه الثغرات على عملنا وعلى برنامج  المؤسسات التابعة للوزارة.

يقال إن هناك فساد مالي داخل مؤسسة التعاون الوطني هل ستلجؤن إلى الافتحاص الداخلي والخارجي؟
لحد الآن ما يوجد بين أيدينا حول المؤسسات التابعة لهذه الوزارة أو لوزارات أخرى، هي تقارير المجلس الأعلى للحسابات من خلال عدد من  تقارير الافتحاصات التي قام بها والتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.

هل ستقومون بافتحاصات داخلية وخارجية على مستوى مؤسسة التعاون الوطني؟
في بداية هذا المشوار يتطلب الأمر الكثير من الحكمة والتريث والتمحيص، وبعدها تؤخذ القرارات الضرورية حسب ما تؤول إليه الأمور. فعلى مستوى الافتحاصات فقد صدرت تقارير سابقة.

بالنسبة لعلاقتكم مع هيئات المجتمع المدني هل اتضحت لكم الرؤية بهذا الخصوص؟
هناك رؤية ناظمة عامة لعمل الوزارة وعلاقتها بجمعيات المجتمع المدني، لا يمكن أن أتحدث عنها الآن قبل الإعلان عن البرنامج الحكومي، لكن عموما فهي رؤية خاصة بدور  هيئات المجتمع المدني  ودور الأجهزة التابعة للوزارة وكل الجهات التي تتعامل معها الوزارة، بالإضافة إلى عدد من الفاعلين، فكلهم معبئين في إطار هذا الإقلاع الجديد، وفي هذا سبق لنا أن أجرينا لقاءات مع مجموعة من  المدراء والمسؤولين وخلصنا إلى أن كل هؤلاء العاملين على استعداد تام لإنجاح البرامج الوزارية.

بعد تعيينكم وجدتم المعطلين المعاقين معتصمين بمقر الوزارة وأقنعتموهم بالمغادرة ووعدتموهم بحل مشكلتهم، ما جديد الملف؟
المشكل المطروح هو الشغل، وفي هذا الأمر فالوزارة كلها ليست معنية، فهناك وزارات أخرى تتولى هذه المهام، لكن مع ذلك فنحن بدأنا المشاورات مع الفرقاء الآخرين، وكذا رئاسة الحكومة للنظر في هذا الأمر.
فلا يمكننا أن نتخذ أي قرار إلا بعد المراحل القادمة للحكومة والتي ستمر عبر البرلمان وكل ما يتعلق بالبرنامج، وبعدها سوف نساهم جميعا في حل هذا المشكل.

سبق أن تطرقتم إلى مسألة رفع التحفظات  على اتفاقية التمييز ضد المرأة، هل ستظلوا تثيرون هذا الموضوع؟
أمر هذه المسألة واضح، فالمشكل المطروح هو أن مسألة رفع التحفظات كان قد مر في ظروف غير واضحة وبالتالي كانت محط سؤال، غير أنه لما صرح وزير الخارجية في البرلمان على أن هذا الأمر لن يؤثر على أي شيء قد يمس بسيادة البلاد، انتهى المشكل، فهمنا جميعا هو الحفاظ على سيادة المغرب والحفاظ على مرجعيته الدستورية.

هل ستكون المرجعية الإسلامية لحزب العدالة والتنمية حاضرة أثناء إبرام الاتفاقيات الدولية؟
على المغرب أن يبرم اتفاقيات مع مختلف الدول ومختلف الهيئات الدولية، سواء بشكل ثنائي أو جماعي، وما يمكن أن أقوله في هذا الباب هو أن يكون التفاوض قوي من أجل جلب المصالح للمغرب، واتخاذ جميع الاحتياطات لعدم توريطه في التزامات لاحقة.
 

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.