الأخ الأمين العام في حوار صريح مع شباب 20 فبراير في ندوة “الأيام”:

نحن لم نقف ضدكم، ولم نصطدم معكم ولم ندع إلى مقاطعة حركتكم كما لم ندنها

لو تشاورتم معي واتفقنا على الشعارات والأهداف، لخرجت معكم ولساندتكم، أما وإنكم لم تطرقوا بابي ولم تستشيروني، فإذن أنتم الذين تتحملون المسؤولية

مطالبكم تشبه إلى حد كبير مطالب السياسيين الجادين. لكن كان عبيكم أن تعرفوا بأنفسكم

07ـ 03ـ 2011

 خاطب الأستاذ عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية  شباب حركة 20 فبراير قائلا :” نحن لم نقف ضدكم، لم نصطدم معكم ولم ندع إلى مقاطعة حركتكم كما لم ندنها، قلنا فقط إننا كحزب سياسي لن نشارك، أما من أراد المشاركة بصفته الشخصية فقد فعل”، مضيفا خلال مشاركته في ندوة نظمتها مجلة “الأيام” في عدد رقم 465 الصادر بتاريخ 5 مارس 2011، إلى جانب نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ورئيس جمعية عدالة عبد العزيز النويضي و كل من حكيم صيكوك و نزار بن نماط وأمينة بوغالبي وعبد الله أبلاغ والمهدي بوشو، ممثلي حركة شباب 20 فبراير، “وأزيد لأقول لكم إن ابني وهو في سنكم، قد شارك معكم في تظاهرة الرباط، لكن عندما علم بما حدث في الحسيمة وبسقوط قتلى، قال لي بأنه يعترف بصحة قرار العدالة والتنمية”، موضحا في الندوة المذكورة التي احتضنها مقر النقابة الوطنية للصحافة بالرباط :”لو تشاورتم معي واتفقنا على الشعارات والأهداف، لخرجت معكم ولساندتكم، أما وإنكم لم تطرقوا بابي ولم تستشيروني، فإذن أنتم الذين تتحملون المسؤولية، لو لجأتم إلينا لنسقنا معكم، وبالتالي كنا سننزل معكم بثقلنا، وسنتحمل المسؤولية معا، وربما يكون العدد أكبر، وسنكون مهددين حتما، ولكن ضمانات النجاح ستكون أكبر”، موضحا :”ما أريد أن أقوله الآن للإخوة في حركة 20 فبراير، هو أنني قرأت الأرضية الصادرة عنهم، ويمكن القول أنني لست ضد أي نقطة من النقاط الواردة فيها بشكل مطلق، وإن كانت هناك بعض المسائل التي يجب أن تناقش..على كل حال، ومنذ بداية مسيرتنا قبل 20 سنة مع الدكتور الخطيب -رحمه الله-، كانت هذه الأمور الواردة الآن في أرضية  20 فبراير تقع في عمق انشغالاتنا ونقاشاتنا، ويمكن القول بأننا طالبنا منذ ذلك التاريخ بنفس المطالب الواردة في هذه الأرضية”.

وفي معرض جواب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية على سؤال أحد شباب 20 فبراير حول “ما إذا كان هذا يعني أنه مع 20 فبراير؟” قال ابن كيران :”لا تؤولوا كلامي على هواكم، أنا قلت إننا لم نجد في هذه المطالب المطروحة في هذه الأرضية شيئا يصطدم ويتعارض مع ما ندعو إليه”.. وحول عدم مشاركة الحزب يقول ابن كيران :”أقول  في البداية إنه لدي مشكلا مع هذه الورقة (يقصد أرضية 20 فبراير)، كنت أتمنى أن تكون مذيلة بأسماء، لماذا؟ لأنه لا يمكن لشخص أو مجموعة أن تأتي إلى شعب لتقول له إنها ستصدر بيانات، في عمومها ليس هناك اعتراض جوهري عليها.وأقول مرة أخرى، إن هذه المطالب الواردة في هذه الأرضية تشبه إلى حد كبير مطالب السياسيين الجادين. لكن ما أريد أن أقوله، هو أن الإخوة في حركة 20 فبراير لم يعرفوا بأنفسهم بطريقة تمكننا من التعرف عليهم، كان بالإمكان مثلا أن يؤسسوا جمعية أو يؤسسوا حزبا، لأنه بالنسبة إلي، إذا أصبح واحد من هؤلاء الشباب غدا هو الوزير الأول في المغرب، فأنا لا اعتراض لدي”، مضيفا :”مبدئيا هؤلاء مواطنون مغاربة ناضجون وفي سن يسمح لهم بالعمل السياسي. لكن لا يمكن أن تأتي إلى شعب، وتقول له نحن مجموعة 20 فبراير، وهذه ورقتنا ونطلب منك أن تلتزم بها، يجب أولا أن تعرف بنفسك، كي نتمكن من الرجوع إليك ومناقشتك. لأنه لو أردنا الآن التفاوض حول هذه المطالب، فمثلا، حين تتحدث الأرضية عن دستور ديموقراطي يمثل الإرادة الحقيقية للشعب، فإنني أقول إن هذا كلام جيد، لكن السؤال هو، كيف سيكون هذا الدستور؟ وكم فصلا سيضم؟ ومن سيتناقش من أجل وضعه؟ يجب أن تخبرونا بذلك، ويجب أولا أن تجيبوا على سؤال بسيط هو “شْكون نْتوما” فأنا اليوم أتيت إلى هنا وأنا لا أعرف أحدا منكم، وسأعود أدراجي وأنا لا أعرف أحدا منكم، إنما ليس لدي أي مشكل معكم، ولكن في النهاية، التقيت مع شباب لا أعرفهم، وسينتهي اللقاء وأنا لا أعرفهم. يجب أن يعرفوا بأنفسهم، إذا أرادوا ذلك من خلال جمعية، فذلك حقهم، وإذا أرادوا حزبا فذلك حقهم، وإذا لم يريدوا ذلك، فعليهم أن يخلقوا إطارا خاصا بهم ويطرحوا مشروعهم على المجتمع..”.  وزاد ابن كيران قائلا :” أنتم جئتم بعد ثورتين عظيمتين أعادتا الروح للإنسان العربي والمسلم بصفة عامة، الأولى في تونس والثانية في مصر، ولستم وحدكم الذين تشبعتم بأفكار خاصة وشعرتم بشجاعة استثنائية للدفاع عنها بهذه الطريقة، فلن تجدوا في تصريحاتي أي إساءة لكم…وأنا لا أستهين مطلقا بكم، لقد أصبحتم ظاهرة اجتماعية وسياسية، ولا يمكنني أن أستهين بها، لذا يلزمكم أن تفهموا أنكم بالنسبة لنا مواطنون مغاربة تعبرون عن قناعاتكم السياسية وانشغالاتكم، وتريدون الدفاع عنها، وشعاراتكم في العموم مقبولة…أنتم ترفضون تأسيس حزب أو جمعية، وأنا أنصحكم أن تعرفوا بأنفسكم، الثورة ليست عيبا وليست حراما، ولكن نحن إصلاحيين ولسنا ثوريين، لأننا نعتقد أن الثورة لن تأتينا بالاستقرار، وستحطم المغرب الذي نعرف، أنا أقول للأوروبيين الذين ألتقي بهم دائما :إذا فقدنا الصحراء لا أعرف المغرب الذي ستجدونه، لكن من المؤكد أنكم لن تجدوا المغرب الذي تعرفونه اليوم…”!

وبخصوص موقف حزب العالة والتنمية من المشاركة في مسيرة 20 فبراير، يقول ابن كيران :” لما اتضح موقف الحزب من مطالب حركة 20 فبراير، وأنه يتقاطع مع العديد منها، إن لم يكن جميعها ، فمن الطبيعي أن يطرح السؤال عن أسباب رفضه المشاركة في المسيرات التي دعت إليها من أجل تحقيق تلك المطالب، والتي كانت من جملة انشغالات الحزب منذ بداية المسيرة مع الدكتور الخطيب قبل 20 سنة، ولم يتحقق منها شيء!! فمازال المغرب يعيش على إيقاع كر وفر بين أسلوب التحكم العتيق وأسلوب الانفتاح والانتقال الديمقراطي الذي بشر به العهد الجديد، بين جيل يتطلع إلى مستقبل أفضل يشارك في صياغته بما يسمح له من الاستفادة من الثروة، وبين جيل لم يستطع الانفكاك من أسر العهد القديم في تكوينه وثقافته، يحتكر الثروة ويعتبر السلطة مغنما، يرفع شعار الديمقراطية والحداثة ويمارس الحكم بأسلوب الحزب الوحيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه!!، ويمضي الأستاذ عبد الإله بنكيران في حديث تمي بالوضوح والشفافية مع شباب 20 فبراير، شارحا الأسباب التي كانت وراء اتخاذ الأمانة العامة للحزب قرارعدم المشاركة في مسيرة 20 فبراير: “أقول لكم إنه قبل الخروج أو الدعوة إلى مسيرة، يجب أن يكون الإنسان مسؤولا وتكون له الضمانات الكافية للدخول في أي معركة، أنا مثلا لو كنت متأكدا أنكم سترفعون شعار “إسقاط النظام”، لأخذت موقفا آخر، لا يمكن إلا أن يكون ضدكم، أنا لم أصدر أي موقف لأنني أحترمكم. أنا لا أستطيع أن أغامر بالحزب في مظاهرة لا أعرف ما الذي ستطرحه كشعارات… لو خرج مليون مغربي يومها، هل ستكونون قادرين في هذه الحالة على ضبط الشعارات؟…نحن خرجنا في مظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني شارك فيها على الأقل مليون شخص، فلم ننجح في ضبط الشعارات، بل لم نستطع أن نتحرك في البداية لأن مجموعة حاصرتنا وجعلت حركتنا مستحيلة”، ومن الأسباب أيضا التي وقفت وراء قرار رفض المشاركة يقول عبد الإله ابن كيران : “أوليداتي، يجب ان تحذروا، هناك سياق إقليمي. ثمة حركة أسقطت بنعلي حاكم تونس ومبارك حاكم مصر، وحصدت في ليبيا ما يربو على الألف قتيل، كل هذه الظروف لا بد أن نقدرها، ونأخذها بعين الاعتبار مؤكدا “نحن أحزاب مسؤولة، هناك لحظات نقرر فيها عدم النزول إلى الشارع، لأن ثمة شريحة غاضبة، والأبواب مغلقة في وجهها ..هؤلاء بمجرد ما تنظم أية تظاهرة يغتنمون الفرصة للتخريب، ولنفرض أنكم ضبطتم الحشد من المتظاهرين، هل يمكنم أن تضبطوا الطرف الآخر؟ إنكم لن تعرفوا قط كيف ستتصرف السلطة والإدارة. نحن في حزب العدالة والتنمية حينما ندعو للتظاهر لا نضمن مروره بسلام. وأضع يدي على قلبي طيلة مدة المسيرة، و لا أرتاح إلا بعد أن يتفرق الجميع. لو تشاورتم معي واتفقنا على الشعارات والأهداف، لخرجت معكم وساندتكم، ولكن من المؤكد أنني كنت سأعيش قلقا وخوفا إلى أن نكمل المسيرة بنجاح ويتفرق الجميع”.

ومن جملة الأسباب التي بسطها عبد الإله ابن كيران في الندوة المذكورة، هو أن حزب العدالة والتنمية حزب إصلاحي يؤمن بالمشاركة السياسية، ويؤمن بالتغيير من داخل المؤسسات، ويؤمن بسنة التدرج والتراكم، وقد قام بمراجعات هامة منذ ثلاثة عقود من داخل الحركة الأم التي انبثق عنها الحزب، فتأكد لديه أن للنظام المغربي خصوصيته التي حافظ عليها والتي ميزته عن باقي الأنظمة العربية، والتي نشأت في معظمها بعد الاستعمار الحديث والانقلابات العسكرية، ومن شبه المستحيل أن يغير استراتيجيته القائمة على التدافع من داخل المؤسسات إلى حزب ثوري يسعى لقلب النظام بمجرد نجاح ثورتين في بلدين مجاورين، ولذا حافظ على هدوئه بالرغم من التحرشات والمضايقات التي تعرض لها منذ أحداث 16 ماي 2003 من طرف عصابة الاستئصاليين المتنفذين، وبالرغم من التزوير الفج الذي تعرضت إليه نتائجه في الانتخابات من طرف الدولة لتحجيم حضوره في المؤسسات، وبالرغم من تفكيك التحالفات التي أبرمها مع باقي الفرقاء من أجل التسيير الجماعي، وبالرغم من حملة الترهيب التي تعرض لها رجال الأعمال لتخويفهم من الاقتراب منه، وبالرغم من توظيف القضاء ضد مناضليه الشرفاء…هذا ما يلخصه أمينه العام بقوله لشباب 20 فبراير ” الثورة ليست عيبا وليست حراما، ولكن نحن إصلاحيين ولسنا ثوريين، لأننا نعتقد أن الثورة لن تأتينا بالاستقرار”.

الموقع: حسن الهيثمي

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.