ليلة القبض على قبيلة “الصباح”

قبل بضعة أسابيع فقط، خرجت القبيلة التي تقف خلف جريدة “الصباح” الغراء، كما تخرج فيالق البواسل، للدود عن استقلال القضاء، وهو حق كبير يراد به باطل أكبر، وكانت النازلة حين أحال قاضي التحقيق بفاس قياديا في حزب العدالة والتنمية سبق البت في قضيته بحكم نهائي وقرارات قضائية ومقرر لهيئة الانصاف والمصالحة، مما عرض قرار قاض التحقيق لردود في حدود النقد والتعليق، لا تأثير فيها ولا تهديد ولا تدخل في استقلاله.

فخرجت قبيلة “الصباح” الباسلة، بسيوف يلمع فيها الصدا، وافتتاحيات تسابق أشعة الصباح، لتطرح أسئلة المكيدة والوقيعة، “من يريد بسط سطوته على القضاء؟ ومن يريد لجم يد القضاء ومنعها من الوصول إلى الحقيقة؟”.

وذهب التنظير لما يبدو، ولما في السرائر، إلى حد قول القبيلة في تذييل إحدى افتتاحياتها إن “مصلحة السياسي تختلف دائما عن مصلحة القاضي، فالأول يبحث عن النجومية والسطوة، أما الثاني فيبحث عن الحقيقة والعدالة، فلسنا أمام واقعة حامي الدين فقط، بل نحن أمام محمي من قبل رجال الدين والسياسة”.

بل وطالبت ” أن يكون الرد في مستوى هذه الإرادة المعلنة لإعادة عقارب القضاء سنوات إلى الوراء، حين كانت الضغوطات ومنطق التعليمات والترهيب السياسي”

لقد عودتنا قبيلة “الصباح” على ذاكرتها الخارقة، وهي تمحو بالليل ما تكتبه بالنهار، والذي بلغ اليوم درجة غشا فيها الظلام صباحهم، وأنهى عصر ادعاء البطولة، والاستبسال، وادعاه التفقه في فصول القانون والدستور، وامتلاك ناصية الحقيقة، وتحويل الصحافة إلى سوط مسلط على رقاب المخالفين.

سنعيد طرح الأسئلة على جريدة “الصباح”، من يريد بسط سطوته على القضاء؟ ومن يريد لجم يد القضاء ومنعها من الوصول إلى الحقيقة؟”. وأي ترهيب أكثر من هذا الذي مارسته الصباح على الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط في خبر بالصفحة الأولى لعددها المزدوج الصادر بتاريخ “9 -10 مارس 2019″، بعنوان عريض “الوكيل العام بالرباط يكمم الأفواه !!!.

لقد حمل المقال من الترهيب والابتزاز ما لا يمكن أن تخطئه عين، وقبيلة “الصباح” تقول :” لن نخوض في الحياة الخاصة للمسؤول، لأننا نحترم القانون، لكننا سنخوض فقط في معارك مؤسسته العمومية التي لم تلتزم بالحياد، كلما تعلق الأمر بمتابعة صحافيين، والتي كان آخر صورها، الجلسة الأخيرة لمحاكمة أربعة زملاء صحافيين، إذ وقف فيها ممثل النيابة العامة مترجما توجهات الوكيل العام واجتهاداته، وطالب في مرافعته الحكم على الصحافيين بالسجن، لأنهم كتبوا خبرا صحيحا لم يرق حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين”.

وهل يعني ذلك في الصحافة شيئا آخر غير “أننا سنخوض في الحياة الخاصة” إذا دعت الضرورة إلى ذلك، وما لم يطبق الوكيل العام ما تريده قبيلة “الصباح”؟.

وزادت “الصباح بتدخلها بالقول:”لن نتحدث عما ضاع لمستثمرين ومواطنين جراء مراقبة ناقصة لمكاتب الموثقين خلال عهد الوكيل العام، ولا عن شكايات مستثمرين أتراك نهبت أموالهم، ولن نخوض في معركة الأم العازبة موظفة الأوقاف التي اضطرت إلى إشهار معركتها سنوات لنيل حقها ولن نتناول قصة “ولد الفشوش” التي لولا الصحافة لما تحركت النيابة العامة، ولن نتناول قضايا عروس الشمال طنجة، واللائحة طويلة….

وزادت قبيلة “الصباح” من تدخلها إلى درجة مطالبة رئيس النيابة العامة بالتدخل لمصلحتها، وجاء في المقال “ستظل مطالب النيابة العامة بسجن الصحافيين نقطة سوداء ووصمة عار يسجلها التاريخ في زمن استقلالية القضاء، والمأمول، تدخل رئيس النيابة العامة، المعروف بنزاهته واستقامته واتزانه، لتقويم الاعوجاج الذي قد يكون سلوكا فرديا بعيدا عن توجهات رئاسة النيابة العامة، التي كانت دائما منفتحة ومتواصلة وتؤمن بشيء اسمه الصحافة في المجتمع، وبمكانتها في هرم الديمقراطية”.

هل يمكن أن نضع الكلمات الآن في مكانها؟ سنقول إن الصحافي يبحث دائما عن النجومية والسطوة، والقاضي يبحث عن الحقيقة وتطبيق القانون، وأن ما مارسته قبيلة “الصباح” هو ترهيب وابتزاز للوكيل العام بالرباط، وعبره إلى كل من تسول له نفسه تحريك مسطرة ما في حق أي اسم تدافع عنه جريدة “الصباح”، لأن ما تناقلته الصحيفة لم يكن خبرا، ولم يكن مقال “رأي” يحمل انتقادات أو تعليقات استنادا إلى بنود القانون ومواد الدستور، ولم يكن تحليلا، بل كان بيانا يحمل تهديدا مبطنا ليد طويلة، تستطيع أن تلجم رجال النيابة العامة والقضاء عن القيام بواجبهم.

ويحق لنا أن نتساءل، على هامش هذا المقال، أين اختفت الجمعيات التي أعلت صوتها، ونظمت الندوات الصحفية ودبجت البيانات، وأطلقت عنانها للتصريحات، عندما تعلق الأمر بقضية عبد العالي حامي الدين، ولم تنبس ببنت شفة، في الوقت الذي يتعرض فيه وكيل عام الدائرة الاستئنافية الأولى في المغرب للابتزاز والتحقير ؟

وهل يمكن مقارنة ما قيل في موضوع القرار القاضي بإحالة حامي الدين على غرفة الجنايات بفاس وليس في حق القاضي، مع ما قالته الصباح في حق الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط، والذي يمكن أن يكون قرارا له أو لا يكون ؟

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.