شبيبة “المصباح” تضع الإنتاج التلفزيوني والسينمائي تحت مشرحة التقييم

محمد الطالبي

مبادرة نوعية تلك التي أطلقتها شبيبة العدالة والتنمية، بتنظيمها لندوة فنية حول الإنتاج التلفزيوني والسينمائي الوطني بين إكراهات الواقع وتطلعات المشاهد، التي تندرج في إطار الحملة الوطنية الـ 15 للشبيبة، وفي إطار الانفتاح الذي نهجته شبيبة “المصباح” في برامجها، حيث كثيرا ما قادت الشبيبة مبادرات نوعية انفتحت فيها على جميع الشرائح المجتمعية، وتطرقت فيها لمواضيع نوعية ومختلفة من ثقافة ورياضية وفكر وثقافة، بعيدا عن الانغلاق والتقوقع الذاتي.

محمد أمكراز، وفي تصريح لموقع pjd.ma، أكد أن هذا النشاط يأتي في إطار توجه الشبيبة الذي ينفتح على جميع المجالات الفنية الرياضية الثقافية والفكرية، “إيمانا واقتناعا أن الفن مجال خصب للاشتغال باعتبار الأدوار والرسائل التأطيرية والتوعوية التي يؤديها”.

وفي هذا الصدد، شكلت الندوة الفنية، التي نظمتها الشبيبة، نشاطا نوعيا، باعتبار أن الموضوع مرتبط بالإنتاج السينمائي والتلفزيوني، الذي كثيرا ما أثار النقاش وأسال الكثير من المداد من طرف النقاد والصحافيين ونال الكثير من التعليق والنقد، وهو ما سعت الندوة لمقاربته من جميع الزوايا الفنية التقنية والنقدية الأكاديمية والقانونية.

الفن يحتاج للسياسة

قال مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، إن لديه إيمانا قويا بأن الفن فعلا يحتاج للسياسة، من خلال مجموعة من المراسيم والقوانين والإستراتيجيات والتصورات، باعتبار أن هذه الإجراءات وحدها هي التي يمكن أن تساهم في تنمية هذا القطاع الذي يعاني من الكثير من الإشكالات، منوها بـ”الندوة التي نظمتها الشبيبة باعتبار أنها مسهمة في فتح هذا النقاش الهام”.

وأوضح بوحسين، في الندوة الفنية التي نظمتها شبيبة العدالة والتنمية، نهاية الأسبوع المنصرم بالرباط، أن تقنين هذا المجال يجب أن يساهم  في إرساء الجودة من خلال هيكلة القطاع الذي يعرف فوضىى، كما يعرف أيضا عناصر قوة، من مبدعين، وإشراقات مهمة في الدراما، لكن ما ينقص هو “نوع من الغربلة التي تسمح بتنامي الجودة”.

وشدد المتحدث ذاته، على أن الإبداع يحتاج إلى الوقت الكافي باعتبار أنه إنتاج فكري، متأسفا من بعض أعمال “السيت كوم” التي يتم إنتاجها في يوم واحد، حيث تحول الإبداع إلى مجرد “جوتابل”، فالإبداع، يقول بوحسين، يحتاج إلى تفكير وبحث مضني، لكي يتم عزل القليل من أشياء كثيرة.

الفن مسؤولية كل القطاعات

من جهتها، قالت الفنانة بشرى أهريش، إن المجال الفني، ليس فقط قطاعا مختصرا على الفنانين وبعض القطاعات المعنية بالفن، بل هو مسؤولية كل القطاعات، مشيرة إلى التجربة التركية في هذا الصدد، حيث يتم التنسيق مثلا بين القطاعات الفنية وجميع الوزرات والقطاعات  الأخرى إسهاما في إبراز المؤهلات التي تزخر بها البلد، وهي امكانيات يتم تسويقها للعالم وتسهم في الرفع من ايرادات السياحة.

وأشارت الفنانة المغربية، إلى أنه يجب تمليك الفن لكل المواطنين، فليس بالضرورة أن يكونوا فنانين، ولكن الكل يحتاج إلى ملكات فنية في مجال اشتغاله، فالفن أسلوب حياة يحتاجه المدرس في التدريس والمحامي في المحاماة وغيرها من المهن، فتمليك الفن للمواطنين، يعتبر تحدي سيكون له أثر ايجابي للتفاعل مع أي انتاج فني وبالتالي التغلب على الرداءة.

وأوضحت أهريش، أن المشكل الذي تعاني منه الإنتاجات الفنية مرتبط بالخصوص بغياب “سياسة إعلامية” واضحة لدى الإعلام، يمكن أنهم أيضا يقدمون حججهم، لكن، في اعتقادي، نحتاج فعلا إلى سن سياسة واضحة المعالم يكون مركزها المحوري اعتماد الجودة كأساس للإنتاج الفني تلبية للرغبات المتزايدة للمشاهدين الذين يشتكون من ضعف الإنتاج.

أفول السينما المغربية

من جانبه، أرخ المخرج والمنتج عبد الرحمان التازي، في مداخلته، للتجربة السينمائية، التي أكد أنها بدأت منذ سنة 1897 في قصر فاس مع مولاي عبد العزيز، مشيرا إلى أن السينما المغربية في جميع مراحلها عرفت تطورات وتراكمات مهمة، وكانت في محطات تاريخية مرجعا بحيث يتم الاعتماد عليها، بل تؤثر على التلفزيون قبل أن تنقلب الآية وتصير التلفزيون هي التي تؤثر على السينما.

وأضاف التازي، أن مرحلة التكنولوجيا الرقمية وظهور قوة الانترنت والفضاءات الإعلامية الجديدة، أحدث ثورة جعلت دور السينما يتضاءل بشكل لافت وكبير، فلم يعد يهتم بالقاعات السينمائية وانتهت النوادي السينمائية، مشيرا إلى أنه تم فقدان دور المؤلف المبدع لأننا ذهبنا إلى توجه واحد وهو ما يريد الجمهور، فالأصل أن يدافع المبدع على فكرته ويؤطر بها المتابعين وليس العكس.

قانون الفنان

“كانت تجربة مهمة بالنسبة لي، بحق التجربة البرلمانية التي عشتها كانت محطة مهمة في مساري خاصة مع فريق العدالة والتنمية الذي كان فريقا قويا ومنسجما ومدافعا شرسا عن مواقفه”، هكذاعلق الفنان المغربي، ياسين أحجام، على محطته السياسية التي عاشها كنائب برلماني ودافع فيها بقوة عن قانون الفنان، في محطة عرفت “صعوبات، اعتراض، وايجابيات وأيضا تحقيق مجموعة من الطموحات”.

وأضاف أحجام، في مداخلته، أن قانون الفنان الذي ترافع عليه في قبة مجلس النواب، كانت ولادته “جرأة كبيرة”، بعد عمل مضني وصعب، ولكن حين ترى أن القانون خرج رغم المشاكل السياسية التقنية وغيرها، فإنك تفتخر بذلك، فهو قانون يشكل خريطة الطريق للنهوض بهذا القطاع الذي يمثل 50 في المائة من تطلعات الفنانين، فيما مازلنا نحتاج إلى النصف الآخر المرتبط بحقوق المؤلف.

الخوف من النقد

بوره، أكد مصطفى الطالب، الناقد السينمائي، أن النقاد المغاربة يتهربون من نقد الأفلام والإنتاجات الفنية، فالنقاد يهربون من النقد وتقييم الأعمال، لأن ذلك يسبب لهم إشكالات مع المخرجين والفنانين وكتاب السيناريو وغيرهم،  مردفا أن النقد يسهم في جودة العمل وتطويره، فنحن لا ننتقد إلا لكي تكون هناك مصداقية للمخرج وكاتب السيناريو الذين يجب أن تكون لديهم القدرة على سماع النقد.

وأوضح الطالب، أن تقييم الإنتاجات الفنية يجب أن يكون بمقاربتين، مقاربة ايجابية، فهناك تراكمات وهناك انتاجات موجودة، وهناك حس وطني للاهتمام بالعمل الوطني والفنان يبدع وهناك منافسة المنتجين المغاربة الذين رفعوا تحدي المنافسة والجمالية والاهتمام بالموروث الثقافي وهذه مسألة ايجابية.

ولكن في المقابل، يقول الطالب، إن الكم الموجود مع الأسف ما زال يحتاج إلى مجهودات من ناحية الكيف، فمثلا حين نرجع إلى فيلم “البحث عن زوج امرأتي”، فسنجد أنه عمل جيد، لأنه فيلم عميق في قالب كوميدي، وبالتالي، فإن شرط الإبداع الفني، هو العمق والاجتهاد في الكتابة والإخراج لكي يرقى العمل لمستوى تطلعات المشاهدين.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.