هذه حجج دفاع حامي الدين على سقوط الدعوى العمومية لقاضي التحقيق

تتجه الأنظار، غدا الثلاثاء، إلى محكمة الإستئناف بفاس، حيث ستستمر أطوار جلسات إعادة متابعة الدكتور عبد العلي حامي الدين، القيادي بحزب العدالة والتنمية، في قضية سبق للقضاء أن قال فيها كلمته النهائية منذ ربع قرن من الزمن، قبل أن يتم فتح الملف من جديد من طرف قاضي التحقيق، في قضية أكد كل المتابعين من حقوقيين وسياسيين ورجال القانون والفكر أنها “تندرج في إطار تصفية حسابات سياسية مع حامي الدين المعروف بمواقفه المنافحة عن الديمقراطية والعدالة، وأيضا مع الهيئة السياسية التي ينتمي إليها”.

دفاع حامي الدين، ومن خلال مرافعاته في الجلسات السبعة الماضية، قدم حججا دامغة و جازمة تؤكد أن إعادة المتابعة التي حركها قاضي التحقيق لا أساس قانوني لها، فهي قضية “مهزوزة قانونيا، فلا يمكن إعادة فتح التحقيق في قضية سبق أن صدر فيها حكم نهائي”، ولا يمكن فتح تحقيق جديد في قضية سبق لقاضي التحقيق أن حقق فيها وصدر فيها قرار قضائي بالمتابعة.

دفاع حامي الدين دحض جميع الأكاذيب والافتراءات المثارة بصدد هذه القضية، خاصة وأن هذه المتابعة تفتقر للأساس القانوني الذي يسندها، بل إن في إثارتها مجددا ما يضرب في العمق مبادئ جوهرية تشكل النواة الصلبة للمحاكمة العادلة، لا سيما ما تعلق منها بمبدأ سبقية البت ومبدأ قوة الأمر القضائي الحائز لقوة الشيء المقضي به، وهو الأمر الذي من شأنه أن يهدد استقرار أحكام العدالة واستتباب الأمن القضائي.

هذه الحجج والأدلة الثابتة التي تعتبر من صميم المحاكمة العادلة، جعلت هيئة الدفاع تطالب في دفوعاتها بالحكم ببطلان إحالة الملف والقول بسقوط الدعوى القضائية، بناء على ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية، التي تؤكد على أنه “تسقط الدعوى العمومية بموت الشخص المتابع وبالتقادم أو بالعفو الشامل وبنسخ المقتضيات الجنائية التي تجرم الفعل وبصدور مقرر اكتسب قوة الشيء المقضي به”،  مشيرة إلى أن هذا المقتضى “جازم وحاسم تعززه بكل وضوح مقتضيات المادة 369 من قانون المسطرة الجنائية”.

إلى ذلك استندت هيئة الدفاع في دفوعاتها المطالبة بسقوط الدعوى العمومية، بالمقتضى الدستوري الذي جعل المواثيق الدولية تسمو على التشريعات الوطنية بعد مصادقة المغرب عليها، ومن هذا المنطلق، تقول الهيئة، فإن العهد الدولي ينص بوضوح في الفقرة السابعة من المادة 14 من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 16 دجنبر  1966، أنه “لا يجوز تعريض احد مجددا للمحاكمة أو العقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها”.

هذا العهد، الذي صادق عليه المغرب سنة 1979 وتم نشره بالجريدة الرسمية 3525/6 بتاريخ 21 ماي 1980، تشدد هيئة دفاع حامي الدين، على أنه “أصبح ملزما”، وأن خرق هذا المقتضى الدولي يعتبر “خرقا مباشرا للدستور”،  مشيرة إلى أن المادة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية والمادة 369 من قانون المسطرة الجنائية تبدوان معا في “مستوى قوة وسمو ما تنص عليه الفقرة السابعة من المادة 14 من العهد الدولي”، معززين دفوعاتهم بقرارات محكمة النقض المصرية والفرنسية والمغربية.

وبخصوص الشكاية التي تقدم بها بعض الجهات، فهي، حسب دفاع هيئة حامي الدين، نفس الشكاية التي تكررت في ثلاث مناسبات، ممازيؤكد طبيعتها الكيدية، أي في سنة 2012 و 2013 و2017، حيث سبق تقديم شكاية أولى في نفس القضية، وذلك سنة 2012 وتقرر حفظها لسبقية البت في القضية بمقتضى قرار للوكيل العام للملك، إضافة إلى قرار ثان لقاضي التحقيق سنة 2013 يقضي بعدم فتح تحقيق قضائي جوابا على نفس الشكاية التي تقدمت بها نفس الجهات للمرة الثانية .

وشددت الهيئة في دفوعاتها، على أن شكاية سنة 2017، التي يتابع بسببها حامي الدين في هذه القضية، تعتبر الشكاية الثالثة، وهي نفسها التي قدمت سنتي 2012 وسنة 2013 بنفس المعطيات والتفاصيل وبنفس الأحداث، بل وبنفس الشاهد، الذي تتضارب تصريحاته حسب محضر للشرطة القضائية المؤرخ ب 16 نونبر 2011، فهي شكايات، تقول الهيئة ، “سبق أن قال فيها الوكيل العام للملك كلمته بحفظ الشكاية بسبب سبقية البت فيها بقرار نهائي”.

وتابعت الهيئة أن قرار قاضي التحقيق لم يخرق حجية الأمر المقضي به بالنسبة لقرار غرفة الجنايات فقط، وإنما أيضا بالنسبة لقرار محكمة النقض الذي غدا مكتسبا لقوة الشيء المقضي به، والصادر بتاريخ 11/06/1998 بموجب القرارات عدد 1879/8 و1880/8 و1881/8 والقاضي بسقوط طلب النقض في الملفات عدد 1594/3/8/95 و1596/3/95 و1598/3/95، كما نقض القرار السابق لقاضي التحقيق والقاضي بالأمر بعدم المتابعة.

هذه الحجج القانونية الدامغة الجازمة وغيرها التي قدمتها هيئة دفاع حامي الدين في الجلسات السبع الماضية، وفي حيز زمني ممتد في العشرات من الساعات، لم تواجهها هيئة دفاع الجهات التي تقدمت بالشكاية إلا بمقولات عامة فيها الكثير من التعويم والتسييس والانفعال والارتباك وبدا ذلك جليا في الجلسة الأخيرة، حين تقدم الأستاذ موسى الحداش، المحامي بهيئة القنيطرة، عن هيئة دفاع المطالب بالحق المدني، أصالة عن نفسه ونيابة عن أزيد من خمسة عشر من المحامين أمام هيئة الحكم بإعلان الانسحاب من هذه القضية، موجها التحية لمهنة المحاماة ومن يمارسها بـ “شرف ومسؤولية”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.