أبو العرب يشرح المحددات الاقتصادية المتحكمة في نسبة المديونية بالمغرب

مليكة الراضي

قال عبد النبي أبو العرب المحلل الاقتصادي، إن الأرقام التي كشف عنها صندوق النقد الدولي بخصوص مديونية المغرب، تحمل خبرا سارا للمغاربة وللحكومة مفاده تراجع نسبة المديونية مقارنة مع السنوات الفارطة، وأيضا استمرار تحسن نسبة هذه المديونية في أفق سنة 2024 ، مشيرا إلى أن هذه النسبة ستعرف تراجعا بنقطة واحدة في كل سنة حيث ستستقر في سنة 2024 في 60 في المائة.

مؤشرات النقد الدولي ايجابية

واعتبر أبو العرب، في تصريح لـ pjd.ma، هذا التطور نقيض ما يتم ادعاؤه وما يروج له حول مديونية البلد التي هي متحكم فيها وفي مستويات مستقرة وتعرف تحسنا مقارنة مع السنوات السابقة حيث وصلت في سنة 2000 مقارنة بالناتج الداخلي الإجمالي إلى 70 في المائة، مشيرا إلى أن الأمور في تحسن مستمر في ما يتعلق بالسنوات المقبلة.

وأكد المحلل الاقتصادي، أن هذه مؤشرات جد ايجابية لا بد أن نهنئ عليها الحكومة لأنها من جهة تحكمت في المديونية يعني أن نسبة التمديُن انخفضت بصفة ملحوظة وتدريجية ولكن أيضا من جهة أخرى فالحكومة الحالية والسابقة كانت لهما أولوية كبيرة في ما يتعلق بالتحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية.

وأبرز أن الحكومة السابقة تمكنت من وقف النزيف الذي كانت تعرفه الخزينة العامة فيما يتعلق بنفقات صندوق المقاصة، وأيضا هذه الحكومة لأنها استمرت في التحكم في هذه النفقات والتي يجري مسلسل التحكم فيها خاصة في ما تبقى من صندوق المقاصة والمتعلقة بنفقات غاز البوتان والتي من المنتظر أن تتوقف في سنة 2021 .

هناك إرادة حكومية للتحكم في المديونية

وأبرز المتحدث ذاته،  أن هناك سياسة متواترة للحكومتين في ما يتعلق بالتحكم في النفقات العمومية، وهناك أيضا إصرار على ترشيد المديونية من جهة أخرى، وهو ما جعل المغرب، يضيف أبو العرب، يتحكم بشكل ملموس في هذه المديونية والذي سيمكن مستوياتها من التراجع في السنوات المقبلة.

وأوضح في هذا الصدد، أن المغرب يستفيد من شروط المديونية بشكل إيجابي جدا على المستوى الدولي وذلك بالنظر الى العديد من المؤشرات الإيجابية المتعلقة ببنياته الاقتصادية وبمعطياتها الماكرواقتصادية بصفة عامة حيث يستفيد من نسبة فائدة منخفضة لا تتجاوز 2,4 في المائة، وأيضا من مدد الاستدانة المريحة مما يمكن التحكم في نسب الفائدة التي يؤديها المغرب، مشيرا إلى أن كل هذه المؤشرات مكنت المغرب من التحكم في مستوى مديونيته التي هي في مستوى منخفض مقارنة مع العديد من الدول.

وأشار في هذا الصدد، إلى بعض الدول المتقدمة التي ترتفع فيها نسبة المديونية كاليابان وفرنسا وإيطاليا التي تصل فيها نسبة المديونية إلى 135في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وقال إن المغرب نموذج إيجابي بالنظر إلى المنحى التراجعي لنسبة المديونية في السنوات المقبلة.

مناخ الأعمال محفز

وأوضح أبو العرب، أن هناك عاملا آخر يساعد على التحكم في نسبة المديونية ويتعلق الأمر بمناخ الأعمال الذي يتميز به المغرب ويتميز بالتقدم على هذا المستوى، مما يمكن من رفع الثقة في مستوى الاقتصاد الوطني في ما يتعلق بقدرته على جلب الاستثمار، وهذا أيضا عامل إيجابي يؤكد المتحدث ذاته،  يدفع وكالات التنقيط الدولي إلى إبقاء مستوى الثقة عاليا في الاقتصاد المغربي مما يمكنه من الاستفادة من مستويات فائدة ايجابية ومنخفضة مقارنة مع ما تستفيد منه حتى بعض الدول المتقدمة نظرا لمستوى مديونيتها المتقدم كإيطاليا واليونان وإسبانيا.

لا خطر على سيادة المغرب

وبين المتحدث ذاته، أن هذه المديونية هي بالأساس داخلية حيث تشكل فيها نسبة المديونية الخارجية ما لا يتعدى 29 في المائة في حين أن الباقي كله عبارة عن مديونية داخلية، مؤكدا أن هذه المديونية العمومية لا تشكل أي خطر على سيادية الدولة المغربية على اقتصادها لأن المقرضين والمؤسسات ذات الدين على الخزينة العمومية هي مؤسسات داخلية ومتحكم فيها لذلك لا خطر على استقلالية السياسة الاقتصادية الوطنية.

وتابع أن هذه المديونية بما تنتجه سنويا من فوائد ومن عائدات على الدين يتم ضخها ليس نحو الخارج وإنما في القنوات الاقتصادية والمالية الوطنية، وهو أمر إيجابي بالنظر إلى أن الخزينة تقوم بفضل كل هذه المديونية الداخلية بعدد من الاستثمارات الكبيرة، بحيث عرف المغرب تطورا ملحوظا ومستقرا للمبالغ المخصصة للاستثمارات والتي تناهز 195 مليار درهم وهذه المبالغ يتم ضخها في الاقتصاد المغربي.

وأردف أن هذه العملية برمتها ايجابية وتساهم في الحيوية الاقتصادية للمغرب ولمقاولاته، متمنيا أن يتمكن المغرب من رفع مستوى النمو الذي يعرفه الاقتصاد لأنه أوتوماتيكيا، يوضح أبو العرب، إذا ارتفع النمو ستتراجع نسبة المديونية أكثر لأن نسبة النمو له أثر مباشر على نسبة الناتج الدخلي وهو ما يجب الاشتغال عليه.

هذا، وكان صندوق النقد الدولي، قد أفاد في تقريره الأخير أن نسبة المديونية في المغرب قد بلغت 65,1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مؤكدا أن هذه النسبة ستعرف تراجعا خلال الخمس سنوات القادمة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.