حوار..الناصري يكشف أسباب انخفاض سيولة الأبناك ويقدم مقترحات لرفع  الاحتياط النقدي الوطني

كشف نوفل الناصري، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، عن أسباب انخفاض السيولة في الأبناك المغربية، مقدما جملة من اقتراحات للرفع من نسبة الاحتياطي الإلزامي الوطني والذي يعتبر صمام أمان لمستقبل المغاربة، كما استعرض، في حوار مع “pjd.ma” أهم الإجراءات، التي جاء بها مشروع مالية 2020، لمعالجة هذا الإشكال.

 وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

 يثار في الساحة الوطنية موضوع انخفاض السيولة في الأبناك المغربية، أو ما يعرف ارتفاع “الكاش”، بداية ما صحة هذا الأمر؟

بالفعل، تم تسجيل ارتفاع مستوى حاجيات السيولة البنكية، وهذا الأمر أكد عليه والي بنك المغرب في الندوة الصحفية التي عقدها إثر اجتماع مجلس البنك، كما أنه تمت إثارة هذا الموضوع مع المجموعة المهنية للبنوك بالمغرب، ويرجع هذا لتباطؤ وتيرة الودائع لدى الأبناك، حيث كانت ترتفع ب6في المائة إلى 3,5في المائة، في المقابل ارتفع النقد “الكاش”، الذي يخرج من البنوك، من 10 ملايير إلى 17 مليارا حاليا.

وأوضح والي بنك المغرب، أنه ومن أجل تدارك هذا الخصاص، تم ضخ سيولة مالية إضافية في الدورة الاقتصادية؛ كيف تتم هذه العملية، وما تأثيرها على الاقتصاد الوطني؟

هناك عدة إجراءات يمكن أن يعتمدها البنك المركزي، من أجل ضخ السيولة المالية في الاقتصاد، ولعل أبرزها، هو خفض سعر الفائدة الرئيسي من طرف بنك المغرب. غير أن والي بنك المغرب ارتأى أن يخفض معدل الاحتياطي الإجباري وذلك لضخ سيولة دائمة تفوق بقليل 11 مليار درهم في البنوك.

وأعتقد أن هذا التدبير سيؤثر على نسبة الاحتياطي الإلزامي الوطني والذي يعتبر صمام أمان لمستقبل الوطن أبناء الوطن، وللأسف فقد تقلص هذا الاحتياط من 4في المائة إلى 2في المائة.

ما هي في نظركم الأسباب وراء انخفاض السيولة في الأبناك المغربية؟

الجواب، على هذا السؤال مُركب والأسباب عديدة، لعل أبرزها في نظري ضعف ثقة المواطن في مؤسسات البلد وهذا راجع لذلك القلق الاجتماعي الذي انطلق بإضرابات محلية هنا وهناك، وبالمقاطعة وما أثارته من تداعيات على المناخ العام الوطني.

 وأعتقد أن عدم تحقيق الإجماع على الاختيار الديمقراطي، كثابت وطني رسخه الدستور المغربي هو مسبب الأسباب، لما نشهده اليوم من توترات وارتباكات في المشهد السياسي الوطني، فلا مناص من الديمقراطية، وأثرها الايجابي على تقدم المجتمعات مُثبت في التجارب الدولية، وهي سند ودعامة حقيقية للتنمية الاقتصادية وللاستقرار الاجتماعي المغربيين.

في نظري على الجميع، حكومة ومؤسسات وبرلمانا وأحزابا وفاعلين اقتصاديين وماليين واجتماعيين وقطاع بنكي، الانخراط والتوافق التام والعمل يدا بيد من أجل التأسيس لمرحلة انتقالية عنوانها توطيد الثقة وترسيخ الديمقراطية وخلق مصالحة حقيقية وتوافق وطني بين جميع الفرقاء حول هذين الدعامتين.

 وبرأيي أن هذا التوافق سيمثل الأرضية والقاعدة الصلبة التي سيبنى عليها النموذج التنموي الجديد، وهذا ما دعا إليه ملك البلاد صراحة الجميع في الدخول البرلماني الحالي. فحماية الديمقراطية في المغرب شرط رئيسي للتنمية الاقتصادية ومنفذ مفصلي في تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. 

إلى جانب الأسباب السياسية التي تحدثت عنها، هل هناك أسباب اقتصادية ذات طبيعة مالية؟   

بالإضافة إلى هذا السبب الرئيسي، هناك عدة أسباب تقنية أخرى، أبرزها:

بداية، تأثر ودائع المغاربة المقيمين بالخارج على الودائع لدى الأبناك، حيث انخفضت تحويلاتهم من 5,1 في المائة في عام 2017 إلى 0,9 في المائة سنة 2018، واستقرت بذلك ودائعهم في حدود 183 مليار درهم.

ثانيا: يمكن أن نجد تفسير لتباطؤ وتيرة الودائع لدى الأبناك في تعقيدات والمساطر التشريعات الخاصة بالمقاربة ذات الصلة، بغسيل الأموال والتركيز على مصدر التمويل، الأمر أثر على تعبئة الودائع المالية.

ثالثا: هناك ارتباط وثيق بين الادخار والنمو، فتراجع معدل النمو انعكس على ادخار الأسر والادخار الوطني، وتفاقمت معه حاجة الاقتصاد الوطني للتمويل في 2018 إلى 65,6 مليار درهم، أي 5,9في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي (في 2017 كانت الحاجة إلى 37,5 مليار درهم) .

للأسف متوسط الدخل في المغرب هو في حدود 3000 درهم، والطبقة الوسطى التي تحرص على تكوين ادخار تعددت مخارج إنفاقها في التعليم والصحة والسكن والنقل، في ظل ضعف ونقص جودة هذه الخدمات العمومية، حيث كشف البحث حول مؤشر ثقة الأسر الذي عرضت المندوبية السامية للتخطيط نتائجه في منتصف يوليوز الماضي، أن 83,3 في المائة من الأسر، عبرت عن عدم قدرتها على الادخار خلال 12 شهرا المقبلة.

عامل رابع وأخير، يتمثل في أن هناك سيولة نقدية، لا يريد أصحابها (جزء فيهم من القطاع غير المهيكل)، أن تظهر هذه السيولة في المسارات الرسمية، خوفا مما يمكن أن يترتب عنها التزامات جبائية كبيرة.

علاقة بمشروع قانون مالية 2020 ، الذي تجري مناقشته حاليا بمجلس النواب، ما هي أهم الإجراءات التي جاء بها هذا المشروع من أجل معالجة هذا الإشكال؟

لابد من الإشارة، إلى أن مشروع قانون مالية 2020، نص على إجراء مهم في هذا الباب، وهي المادة رقم 7 التي تخص التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للخاضع للضريبة، وهو اجراء سيعالج الإشكالية الرابعة التي تطرقنا إليها في السؤال السابق.

 لهذا تم اقتراح إجراء تمكين الأشخاص الذاتيين، بصفة استثنائية، من التسوية الطوعية لوضعيتهم الضريبية، عبر إبرائهم من الفحص الجبائي المتعلق بتقييم مجموع الدخل بناء على نفقاتهم، وذلك مقابل اقتطاع 5 في المائة، من مبلغ الموجودات المودع لدى مؤسسات الائتمان المعتمدة، ولن يتم اعتماد النفقات المنجزة لاحقا في حدود مبلغ الموجودات الذي سيتم التصريح به، في إطار مسطرة الفحص.

وأرى أنه، يتعين على الحكومة وبالإضافة إلى هذه الإجراءات أن تعمل على استرداد الديون المتعثرة، عبر إسنادها لشركات متخصصة في التحصيل، مما سيمكن من ضخ سيولة جديدة في البنوك، في حدود 65 مليار درهم، علاوة على تفعيل الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي، لأنها ستساهم في إدماج الفئات التي مازالت لم تنخرط كلية في الخدمات المالية المتاحة خصوصا وأن نسبة الاستبناك في المغرب تقارب 60 في المائة.

كما ينبغي ضرورة فتح المجال أمام الأبناك التشاركية والإسراع بإخراج منتجات التمويل التشاركية الأخرى المتبقية (المشاركة، المضاربة، الاستصناع، السلم)، نظرا لمساهمة هذه الأبناك في جذب الادخار، وذلك لوجود فئات خارج النظام البنكي التقليدي تتطلع إلى التعامل مع البنوك التي تخضع معاملاتها لقواعد الشريعة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.