نزار بركة: “لندع الجدال جانبا ونعمل معا لاجتياز الأزمة”

20-11-2012
قال نزار بركة وزير المالية في إشارة إلى رد فعل الاتحاد العام للمقاولات بالنسبة لبعض مقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2013، والتي أسالت كثيرا من الحبر، ” لقد قمنا بعقد جلسات عمل مع أعضاء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وكان الحوار غنيا  ومفيدا وطبعته الإيجابية لأننا نتقاسم جميعا هَمَّ الحفاظ على القدرات التنافسية للمقاولات، كما أن الكل متضامن عندما يتطلب الأمر ضمان الأمن الاجتماعي للطبقات الفقيرة”. وأضاف: “في الحقيقة، وبالنظر إلى التحديات التي من الواجب علينا رفعها، لندع الجدال جانبا ونخوض في العمل المشترك للاجتياز الأزمة”.

وأضاف في حوار أجراه مع أسبوعية “لوبسيرفاتور دي ماروك”، في عددها الصادر بتاريخ 16 نونبر إلى 22 منه، تعليقا على بعض النقط التي أثارت جدلا من قبيل المساهمات التضامنية لذوي الأجور المرتفعة إن “تعليل هذا الخيار يكون بطرح سؤال بسيط: ما هو النموذج الاجتماعي الذي نريده لبلادنا؟ هل نريد أن نتبع منطقا يعود بالنفع على البعض ويتجه نحو تدمير فرص الشغل، وتفاقم الموازنات، واتساع الهوة في ميزان الأجور، أم نريد تحقيق نمو بروح تضامنية يسمح بدمج الطبقة المهمشمة في عملية توزيع أكثر عدالة لثمار النمو؟ نحن اخترنا المنطق الثاني، منطق التضامن”.
وتابع بركة في نفس السياق، “نطالب اليوم هذه الفئة المساهمة بما يعادل علبة سجائر “غولواز” بيضاء في اليوم حتى يتمكن 1 مليون طفل من العالم القروي من البقاء في مدرسته، و8 ملايين من الفقراء من الولوج إلى الخدمات الطبية الأولية في المستشفيات بالمجان”.
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

ما هي قراءتكم لمشروع قانون المالية لسنة 2013 الذي يحمل بعض المقتضيات التي تغضب الاتحاد العام لمقاولات المغرب؟
مشروع قانون المالية 2013 جاء في سياق خاص، تطبعه الأزمة الاقتصادية العالمية التي تخيم منذ 5 سنوات الأخيرة، ثم هناك تغيير في أسعار المواد الأساسية، أكثر تحديدا، المواد الطاقية التي تشكل أكثر من 96٪ من واردات المغرب. وهذا ما دفعنا، في إطار هذا المشروع، إلى الجواب على كثير من هذه المخاوف من خلال ميزانية تنموية تضامنية في إطار ما يسمى بالاستقرار. حيث ينطوي هذا المشروع على قدرة أكبر في التحكم في التوازنات الماكرو- اقتصادية. لم نرد أن نخوض في سياسة التقشف، كما فعلت العديد من البلدان. وذلك لما تستلزمه هذه السياسة من رفع في نضام الضريبة على القيمة المضافة، والخفض من نفقات الاستثمار، الخفض من فرص التشغيل خاصة في القطاع العمومي…لذلك قمنا بصياغة  مشروع قانون المالية ل2013 وفق خيار يراهن على تحقيق نمو تضامني في ظل الاستقرار والتحكم في التوازنات الماكرو- اقتصادية.

نص مشروع قانون المالية على إجراءات المساهمة في تغذية الصندوق الوطني للتضامن والموجهة إلى أشخاص ذاتيين وشركات، لماذا لم تنصوا على هذه المساهمة في إطار إصلاح شامل لنظام الضريبة على الدخل؟
كان هذا واحدا من الخيارات التي قمنا بدراستها، ولكننا لم نأخذ به، لأن الذهاب في هذا الاتجاه يقتضي خلق فئة ضريبية جديدة إضافية بنسبة 45 في المائة أو 47 في المائة. لقد قمنا بإقصاء هذا الخيار لأن الحكومة الحالية تريد أن تدافع عن الطبقة الوسطى. لقد خفضت الحكومة السابقة معدل الضريبة من 44 في المائة إلى 38 في المائة. أما الحكومة الحالية، فارتأت بدل ذلك أن تطلب من أصحاب الأجور المرتفعة أن تساهم تضامنا  لمدة 3 سنوات، وبالتالي لا يتعلق الأمر بفرض فئة ضريبية جديدة، كما يقول البعض، لأننا إذا قمنا بذلك سنكون متناقضين مع الأهداف التي جئنا من أجلها.
نريد من الأشخاص المعنيين بهذه المساهمة أن يبذلوا جهودا للتضامن مع الشرائح الفقيرة خلال 3 سنوات، في انتظار توسيع الوعاء الضريبي، وإيجاد مصادر لضمان استمرار صندوق التضامن الاجتماعي.

كيف جاء قرار فرض ضريبة على الأجراء؟
تعليل هذا الخيار يكون بطرح سؤال بسيط: ما هو النموذج الاجتماعي الذي نريده لبلادنا؟ هل نريد أن نتبع منطقا يعود بالنفع على البعض ويتجه نحو تدمير فرص الشغل، وتفاقم الموازنات، واتساع الهوة في ميزان الأجور، أم نريد تحقيق نمو بروح تضامنية يسمح بدمج الطبقة المهمشة في عملية توزيع أكثر عدالة لثمار النمو؟ نحن اخترنا المنطق الثاني، منطق التضامن.
اليوم، يطلب من أصحاب الأجور المرتفعة أن يساهموا ولمدة 3 سنوات، ونحن بذلك لا نضرب القدرة الشرائية للطبقة الوسطى ولا نهاجمها كما يدعي البعض. ولمزيد من التوضيح، يظهر تحليل لسلم الأجور بأن فقط  نسبة 20 في المائة من الأجور  تفوق 7000 درهم في الشهر، وبأن 8 في المائة من الأجراء يتقاضون أكثر من 10 ألاف درهم في الشهر، ولكننا اقتصرنا على الأجراء الذين يتقاضون أكثر من 25 ألف درهم في الشهر، وهو ما يعادل 0,9 في المائة. وبالتالي فإن 99,1 في المائة ليسوا معنيين بهذه المساهمة. دائما وبلغة الأرقام نتحدث عن 36 ألف شخص يشكلون جزء من الجسيم الإعلامي والسياسي والاقتصادي الصغير جدا.  نطالب اليوم هذه الفئة المساهمة بما يعادل علبة سجائر “غولواز” بيضاء في اليوم حتى يتمكن 1 مليون طفل من العالم القروي من البقاء في مدرسته، و8 ملايين من الفقراء من الولوج إلى الخدمات الطبية الأولية في المستشفيات بالمجان.
وتجدر الإشارة إلى أن المساهمة ليست ثابتة، إذ تتراوح ما بين 3 في المائة بالنسبة للصافي الدخل الذي يتراوح ما بين 25 ألف درهم و50 ألف درهم، ونسبة 5 في المائة بالنسبة لصافي الدخل ما فوق 50 ألف درهم. أريد أن أشير إلى أن الوزراء معنيون بهذه المساهمة والبرلمانيون أيضا سيساهمون. هم نعتوا هذا الإجراء بالقرار الطائش ونحن ندعو للرجوع للوراء وتذكر ما قمنا به سابقا، علنا نتذكر بأنه عندما تم خفض الضريبة على المداخيل خلال السنتين الماضيتين، فقد فقدت الدولة 12 مليار درهم  تم ضخها تلقائيا في مداخيل الأسر لتحسين وضعية الطبقة المتوسطة.

ماذا يحمل شروع قانون المالية في ما يخص تنافسية المقاولات؟
جاء مشروع قانون المالية 2013 بإجراءات خاصة  لتعزيز تنافسية المقاولات ومساعدتها على التصدير، وذلك عبر صندوق للدعم تدعم من خلاله الدولة المقاولات المصدرة نحو السوق الإفريقية أو سوق البلدان العربية ومواكبتها عن طريق عقود تنموية. تقليص العبء الضريبي عبر تقليص الضريبة المطبقة على الشركات من 30% إلى %10 لمساعدتها على خلق فرص الشغل. كما قمنا بتخفيض الضرائب الجمركية على المدخلات، والمواد الأولية، خاصة في قطاع الفلاحة والصناعة الغذائية والصيدلة.
كما أننا قمنا بعقد جلسات عمل مع أعضاء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وكان الحوار غنيا ومفيدا وطبعته الإيجابية لأننا نتقاسم جميعا هَمَّ الحفاظ على القدرات التنافسية لمقاولاتنا، وكلنا متضامنون عندما يتطلب الأمر ضمان الأمن الاجتماعي للطبقات الفقيرة. وفي الحقيقة وبالنظر إلى الظرفية الحالية، فالكل مطالب بالكف عن الجدال والخوض في العمل المشترك.

يقال بأن الحكومة لم تبدل مجهودا لخفض النفقات العمومية، ما تعليقكم؟
الحكومة مصممة على خفض عجز الميزانية حتى لا تتجاوز 4,8 في المائة. ومن أجل ذلك، خططنا للخفض من نفقات المقاصة ب52 مليار درهم لسنة 2012، وب40 مليار درهم في سنة 2013، وهذا بفضل إصلاح صندوق المقاصة. لقد قمنا بالحد من ارتفاع مصروفات التشغيل، غير تلك المتعلقة بالأجور، إلى 0٪. حيث كانت هذه النفقات تعرف زيادة بنسبة 10٪ من قبل. اليوم إنها مستقرة باستثناء المساهمة في التقاعد، وقد بذل جهد حقيقي في هذا الاتجاه.

ترجمة ‪pjd.ma‬

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.