حوار.. الطويل: هكذا تشتغل المؤسسة التشريعية في ظل حالة الطوارئ الصحية

قال محمد الطويل، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، إن المؤسسة التشريعية تواصل القيام بأدوارها التشريعية والرقابية وفق ترتيبات خاصة فرضتها حالة الطوارئ الصحية بسبب جائحة كورنا.

وأكد الطويل، في حوار خص به “مجلة العدالة والتنمية” في عددها الخامس الصادر نهاية الأسبوع المنصرم، على استمرارية العمل التشريعي والرقابي، لا سيما التصدّي للنصوص (مشاريع ومقترحات) المطبوعة بطابع الاستعجال وهي تلك المتعلق بمرسوم بقانون الخاص بحالة الطوارئ الصحية، ثم فيما بعد، تم تقديم بعض النصوص ذات الأهمية البالغة من قبيل مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال ومشروع قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية، والذين تم تقديمها في اجتماع للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، ثم نص ثالث متعلق بالمواد المخصبة ودعائم النباتات.

وهذا نص الحوار:

كيف يمارس البرلمان أدواره التشريعية والرقابية في ظل فترة الحجر الصحية ؟

في الواقع، تفاعلت المؤسسة البرلمانية مع ظروف الوباء ومع حالة الطوارئ الصحية بكل المسؤولية والوطنية. فهي من جهة، عمدت إلى استئناف عملها بالحرص على افتتاح الدورة الربيعية في الجمعة الثانية من شهر أبريل وفقا لما ينصّ عليه الدستور في فصله 65. وذلك وعيا من كل مكوناتها، فرقا ومجموعة، بأن اللحظة تستدعي انخراط البرلمان بالنظر إلى الأدوار التي يمكن أن يضطلع بها نواب الأمة وممثلوها في التعبير عن قضايا المواطنين وانشغالاتهم والدفاع عنها بما يتيحه العمل البرلماني من إمكانات. كل ذلك، طبعا، في إطار احترام المقتضيات التي يتضمنها المرسوم بقانون المتعلق بسن الأحكام الخاصة بحالة الطوارئ الصحية.

وفي هذا الإطار، تم الشروع في عمل المؤسسة في الآجال الدستورية المقررة، ولكن وفق ترتيبات خاصة وبرنامج عمل مؤقت يستجيب وظروف وإكراهات الجائحة. وذلك من خلال برمجة الجلسات الرقابية بشكل أكثر تركيزا، حيث تم تحديد القطاعات الحكومية المعنية مباشرة بتدبير موضوع الوباء من صحة وداخلية وفلاحة ومالية وتجارة وتربية وطنية، تخصص لكل قطاع جلسة واحدة بخلاف ما كان معمولا به سلفا. على أن الجلسات الشهرية المخصصة لمساءلة السيد رئيس الحكومة قد عقدت في موعدها.

أما بخصوص العمل التشريعي، فقد باشرت اللجان الدائمة عملها بعقد مكاتبها لقاءات لبرمجة أشغالها، وذلك بالعمل على استكمال المسطرة التشريعية لمشاريع ومقترحات القوانين المعروضة عليها، لا سيما تلك المطبوعة بطابع الاستعجال أو المستجيبة مع  وضعية الجائحة والتي من شأنها أن تساهم في مواجهة الوباء.

هذا، بالإضافة إلى عملها الرقابي، إذ سبق لبعض اللجان الدائمة أن عقدت اجتماعات خلال الفترة الممتدة بين الدورتين لمتابعة جهود مقاومة تفشي عدوى فيروس كورنا، خاصة في قطاعات الصحة والفلاحة والتجارة والداخلية. وبالمناسبة، فإن لجنة الداخلية قد عقدت اجتماعا لمناقشة مشروع المرسوم بقانون السالف الإشارة إليه.

  ما هي أبرز القوانين التي ناقشها وصادق عليها البرلمان في زمن كورونا؟

بالفعل، كان التوجه إلى الحفاظ على استمرارية العمل التشريعي، لا سيما التصدّي للنصوص (مشاريع ومقترحات) المطبوعة بطابع الاستعجال. وقد كان من بين أهم هذه النصوص ذاك المتعلق بمرسوم بقانون الخاص بحالة الطوارئ الصحية، والذي تم تشريعه قبيل الافتتاح بأسابيع، حيث انعقدت لجنتي الداخلية بالبرلمان لمناقشته واعتماده. ثم فيما بعد، تم تقديم بعض النصوص ذات الأهمية البالغة من قبيل مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال ومشروع قانون التحكيم والوساطة الاتفاقية، والذين تم تقديمها في اجتماع للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، ثم نص ثالث متعلق بالمواد المخصبة ودعائم النباتات. هذا عدا، المصادقة على مشروع قانون متعلق بالتدابير الاستثنائية لفائدة المشغلين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والعاملين لديهم المصرح بها المتضررين من تفشي الجائحة.

وللعلم، فإن مكتب المجلس قد اعتمد ترتيبا خاصا لانعقاد اللجان الدائمة والجلسات العامة بحضور ممثل واحد عن كل فريق والمجموعة في اللجان، وحضور ثلاثة أعضاء من كل فريق والمجموعة في الجلسات العمومية، تشريعية كانت أو رقابية. ومع الملاحظات التي يمكن أن يبديها المرء من خلال العمل وفقا لهذا المبدأ وليس بمبدأ التمثيل النسبي، وهو المبدأ الذي ينتظم على أساسه النظام الداخلي لمجلس النواب، إلا أن واجب التضامن الوطني والحرص على روح الإجماع التي تقتضيها المرحلة جعلت فريقنا يتفاعل إيجابا مع التوجه الأول، وإن كان لازال متشبثا برأيه الذي يرى فيه ضرورة إعمال مبدأ التمثيل النسبي ومن دون الإضرار بالتدابير الاحترازية والاحتياطات المتخذة في هذا الإطار.

 هل يمكننا القول بأن البرلمان كان في مستوى هذه اللحظة بقيامه بمهامه الدستورية رغم إكراهات حالة الطوارئ الصحية؟

أعتقد أن التفاعل الإيجابي لمختلف المؤسسات والسلطات ببلادنا، بقيادة جلالة الملك نصره الله، بالحرص والسرعة اللازمين واللذين جعل صحة المواطن والحفاظ على حياته في صلب مختلف التدابير والإجراءات المتخذة، قد ساهم في إعادة ثقة المواطن في مؤسساته وممثليه. وذلك رغم بعض حملات التشويه والتشويش التي كان يتعرض لهما تبخيسا للمجهود العمومي. طبعا هناك العديد من النقائص الواجب استدراكها، ولكن روح الوطنية التي تعم الجميع قد ساهمت في ترميم صورة المؤسسات الوطنية والعمومية وتدعيم شرعيتها. كما أن بعض المبادرات التلقائية التي بادر إليها البرلمانيون في خطوة واحدة ومنسجمة من قبيل المساهمة بتعويض شهر قد عزّز من خطوات التضامن الوطني للمساهمة في صندوق كورونا وتدعيم كل هذه الجهود لمواجهة الجائحة.

والحقيقة، أن هذا الوباء كما حمل معه تهديدات وإكراهات وصعوبات كثيرة، عجزت العديد من الدول ذات الأنظمة الصحية الصلبة والاقتصاديات القوية على مواجهتها، فإن ظروف الجائحة تحمل معها العديد من الفرص كذلك والتي وجب حسن استثمارها، من قبيل البث لأشغال اللجان الدائمة والتي أضحت موضع متابعة واسعة من لدن عموم المواطنين، وهو ما من شأن أن يقرب المواطن من مؤسساته، كما من شأنه أن يُضفي طابع الجدية والمسؤولية أكثر على أعمال هذه اللجان التي تعد قوام العمل البرلماني، لأن فيها تتم المرابطات الطوال لمناقشة مشاريع أو مقترحات القوانين وكذا مراقبة العمل الحكومي بشكل أكثر دقة وتوسعا. هذا إلى جانب العديد من الإيجابيات الأخرى التي من المهم الالتفات إليها، لعلّ إحداها هذا الانخراط في مواكبة التحول الرقمي، والذي ظل ورشا معلّقا، اليوم العديد من الأعمال تتم عن بعد، اجتماعات لجان عن بعد وإدارة عن بعد وتعليم عن بعد. وهو ما يجب تكريسه والحفاظ عليه.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.