الأزمي للوماتان: “لدينا أولويات ثلاث: تسهيل حياة المقاولات وتعزيز التماسك الاجتماعي وإعادة التوازنات الماكرواقتصادية”

25-12-2012
حدد ادريس الأزمي الإدريسي الوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالميزانية أولويات الحكومة في تسهيل حياة المقاولات والتماسك الاجتماعي وإعادة التوازنات الماكرواقتصادية، وشدد على أن الغاية المنشودة في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة هي سن ثقافة التدبير في مشروع مجتمعي والبحث على منافذ للأزمة.

وقام  وزير المالية في حوار مطول مع  جريدة “لوماتان”  في عددها الصادر في 17 دجنبر 2012، بعرض شامل لأهم الأوراش الكبرى التي تترجم التوجه الإصلاحي للحكومة، كالإصلاح  الضريبي وإصلاح صندوق المقاصة وصندوق التقاعد… وعلى المستوى التواصلي أعلن الأزمي عن برنامج تواصلي حول قانون المالية 2013 حتى  تتعرف جميع الفئات المقاولاتية على مقتضياته ومستجداته.
 
قال إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المكلف بالميزانية، إن فلسفة قانون المالية لسنة 2013  تنطوي على ثلاث أولويات أساسية تتجلى في تسهيل حياة المقاولات والاستثمارات من جهة ومواجهة الفوارق الاجتماعية والمجالية من جهة ثانية وإقرار التوازنات الماكرو اقتصادية من جهة ثالثة. وتتوقع الحكومة نسبة النمو أن تصل إلى 3.6 ‪%‬ بينما تتوقع ظروف الأزمة العالمية نسبة النمو أن تستقر في 3.3 ‪%‬ برسم 2013. أما على مستوى السوق الأوروبي سجل الاقتصاد المغربي إيقاع نمو سلبي وصل إلى حدود (- 0,4 ‪%‬)،  وتتوقع الحكومة أن يصل إلى معدل  0.2 ‪%‬ برسم 2013، كما أن هناك عامل حاسم وهو سعر المواد الأولية وسعر المحروقات، فلأول مرة بالمغرب يصل سعر البرميل إلى 112 دولار مقارنة مع 104 دولار في 2011 و78 دولار في 2010، بالإضافة إلى عبء صندوق المقاصة الذي تجاوز 52 مليار درهم هذه السنة.

وعن رؤيا الحكومة في ما يتعلق بالسياسة الضريبية والطريقة التي تعتزم إتباعها في هذا الشق، أعلن الوزير أنها المرة الأولى التي تفوق فيها الإيرادات الجبائية النفقات، حيث اختارت الحكومة أن تنهج منطق عقلنة النفقات. وعن الضغط الضريبي، أوضح الأزمي بأن الحكومة حاولت ما أمكن أن لا تضيف شطرا ضريبيا جديدا، واحتفظت فقط بتلك التي أبانت على فعالية اقتصادية واجتماعية. وهكذا ستستفيد الشركات الراغبة في الرفع من رأسمالها من تخفيض في الضريبة على الشركات.

وفي ما يخص النفقات العمومية، يفيد الأزمي، “تم تجاوز مرحلة الإسراف  بالرغم من كون الحكومة لم تستطع التقليص من كتلة الأجور، لقد سجلنا في الفترة ما بين 2011 و2012 مبلغ 5 مليار درهم أي ما يعادل 98 مليار درهم من نفقات وتكاليف الأجور وذلك بسبب الحوار الاجتماعي والترقيات الداخلية. وعلى مستوى نفقات التسيير بذلت الحكومة جهودا كبيرة، وبالنسبة إلى ميزانية الاستثمار تم الحفاظ على نفس المعدل، أما عبء المقاصة الذي تعمل الحكومة عليه حاليا فهو مرتبط بأسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية”.


وعن سؤال حول العلاقة بين العبء الضريبي والتنافسية، قال الأزمي إن الحكومة خصت، في إطار برنامجها الاقتصادي والاجتماعي، المقاولة التي تساهم في خلق فرص الشغل والثروات بامتيازات هامة، والنقطة الوحيدة التي ما تزال محط نقاش هي تلك المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة، والنظام الضريبي متعدد المعدلات التي تثقل كاهل المقاولات، وإلغاء هذا النظام سيكون له وقع جد إيجابي، يضيف الوزير. “لكن هذا الإجراء يكلف عشر مليارات من الدراهم في هذه الفترة الصعبة التي تحتم علينا ترشيد النفقات، هذا يعنى أن المجهود المبذول على مستوى الميزانية سيكلف 13 مليار درهم. وقمنا في هذا الصدد بإدراج قانون توريق الديون في قانون المالية لسنة 2013، لا أقول بأنه الحل وإنما سيكون هذا الحوار محط نقاش معمق خلال حوار الإصلاح الضريبي المنتظر في فبراير 2013. هذه السنة، ولأول مرة،  بادرنا إلى التسريع في عملية استرداد الشركات لما قيمته 3.68 مليار درهم  من الضريبة على القيمة المضافة، وهو ما يعادل أكثر ب33 ‪%‬  بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية”.

وأعلن الأزمي عن برنامج تواصلي حول قانون المالية 2013 حتى  تتعرف جميع الفئات المقاولاتية على مقتضياته ومستجداته خصوصا في ما يتعلق بالإعفاء من عقوبات التأخير في السداد، وتلك المتعلقة بالمقاولات غير المهيكلة التي خصص لها عدد من الإجراءات التي تشجع على التحاقها بالقطاع المهيكل.

وحول التواصل الحكومي في شأن قانون الميزانية ومطالبة الفاعلين بنقاش مسؤول أكد الأزمى أن جل التوصيات المقترحة  من طرف المعارضة والأغلبية تم التعامل معها بكيفية جد إيجابية، وأنه لأول مرة لم تستعمل المادة 77 سوى مرة واحدة عن طريق التصويت بحيث تم قبول عدد كبير من التوصيات المقترحة من طرف المعارضة. وعن سؤال حول إحدى الأولويات الثلاث وهي الفوارق الاجتماعية ومصير صندوق التضامن أجاب الوزير بكون الحكومة أحدثته بالاعتماد على مداخل مؤقتة. أما النفقات برسم المساعدة الطبية “راميد” التي شملت مليونين شخص مسجل، ودعم التمدرس الذي شمل 130 ألف طفل وكدا الإعانات الموجهة إلى المعاقين فكل هذا رفع  من وتيرة النفقات. وهذا يتطلب إصلاح النظام الضريبي من أجل الوصول إلى الموارد الهيكلية. وهذا ما سنقترحه، يضيف الوزير، عند انعقاد الجلسات المقبلة حول النظام الضريبي وهي مقترحات لن تدخل حيز التطبيق إلا سنة 2014‪ ‬أو 2015.

أما الآن ، يقول الوزير، فنحن نعالج حالة الوعاء الضريبي الحالي بواسطة المساهمة التضامنية من  خلال المداخل التي تفوق 30 ألف درهم. هناك كذلك المساهمة التضامنية المستخلصة من الأرباح التي تتراوح بين 15 و 25 مليون درهم سنويا وبمعدل اقتطاع في حدود 0.5 ‪%‬ والمساهمة التضامنية المستخلصة من الأرباح التي تتراوح بين 25 و 50 مليون درهم سنويا بمعدل‪ ‬1‪%‬، تم الأرباح التي تتراوح بين 50 و 100 مليون درهم بمعدل‪ ‬1.5‪% ‬. وأخيرا اقتطاع فى حدود 2‪% ‬ على الأرباح التى تتجاوز المائة مليون سنويا. وتجدر الإشارة أنه فقط 782 مقاولة من أصل 60 ألف هي التي تذر أرباحا مهمة وبذلك فهي معنية بهذا الإجراء وتساهم في صندوق التضامن الوطني.

وعن سؤال حول ما يمكن جنيه من الجلسات القادمة حول النظام الضريبي  صرح وزير الميزانية أن العمل سوف يجرى حول ثلاث مواضيع وهي أولا محور النظام الضريبي وتنافسية المقاولات في علاقتهما مع الضريبة على القيمة المضافة من جهة  ثم الحساب الداخلي للمقاولات في علاقته مع نظام سن الضريبة المقسم لأجزاء. المحور الثاني يهم الضريبة والإنصاف بمعنى كيف يجب التفكير بطريقة ذكية حول الضريبة الفلاحية تسمح بالمحافظة على الفلاحة المعيشية وتحديد القطاعات التي يجب أن تساهم في التضامن الوطني كما ينص على ذلك الدستور. المحور الثالث يهم الضريبة على الثروة، وهذا يتطلب بدوره التفكير بطريقة ذكية بالنظر إلى التجارب الدولية والظروف والخصوصيات المغربية والحفاظ على استقرار رأسمال.

 
وعن سؤال حول مجلس المنافسة الذي طالب بمراجعة الضريبة العقارية، عقب إدريس الأزمي بقوله إن الحكومة تقوم بمحاربة الريع العقاري بواسطة الإجراءات الضريبية. فقد استفاد قطاع العقار من عدد من آليات المساعدة الضريبية خلال السنوات الأخيرة حيث تم هذا فى إطار منظور حكومي كان يتوخى اجتناب العجز في توفير السكن وذلك بتعبئة كل الوسائل العقارية والجبائية والمساعدة المباشرة. هذه السنة – يقول الوزير- تم تغيير المقاربة بحيث أصبح المواطن الذاتي هو الذي يستفيد من الإعفاء الضريبي وليس القطاع.

وفي ما يخص أثمان العقار التي عرفت تحولا ملحوظا، انتقل ثمن المتر مربع من سقف 5000‪ ‬إلى 6000 درهم، ولكن عدد الوحدات التي من المفترض بناؤها تقلص. فمجموعتي الشركة العامة العقارية والعمران تلعبان دورا هاما في ضبط السوق وبمقدورهما العمل على تحفيزه. كما هو في متناول الطبقة المتوسطة شراء هذا النوع من العرض عبر اللجوء إلى التوفير والحساب البنكي. في ما يتعلق بالريع العقاري- يضيف الوزير- هناك ترتيبات جديدة عملت على الرفع من المعدل المعمول به في القروض العقارية وهو المعدل الذي انتقل من 20 إلى 30 ‪%‬ بالنسبة للأرض التي تنتقل من المجال القروي إلى المجال الحضري. نفس الشيء بالنسبة للقطع الأرضية العارية وعلاقتها بالمدة الزمنية لامتلاكها. الفكرة تقتضي مواجهة الريع والمضاربة والعمل على تشجيع الاستثمار و الإنتاج.  
بالنسبة للمديونية الخارجية، قال الأزمي “رخص البرلمان للحكومة، أن تقترض وحدد سقف 20 مليون درهم من أجل ذلك. وبالفعل استطاعت الحكومة أن تحصل على 500 مليون دولار إضافية‪ ‬وبمعدلات أقل من تلك المخولة لإسبانيا وللبرتغال وإيطاليا. وهذا دليل قاطع على الثقة التي يحظى بها المغرب. ولم تكن هذه المرة الأولي التي يقترض فيها المغرب من السوق الدولية، حيث سبق وقام بذلك في 2003‪ ‬و2007 و 2010 على مستوى سوق الأوروبي. واقتراض هذه السنة 2012 تم على مستوى سوق الدولار حيث يوجد احتياطي ليس فقط أمريكي، حيث اكتتب الأمريكيون بمعدل 70 ‪ %‬ من هذه القروض، والثلاثين في المائة اكتتب فيها مستثمرون خليجيون. وسوق الدولار هذا يولى أهمية بالغة للاستقرار الذي ينعم به المغرب، والإصلاحات التي انخرط فيها  المغرب منذ عقد من الزمن، وكذلك للسياسة الحكومية التي تروم الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية والتماسك الاجتماعي”.

وأكد الأزمي “تشكل الآفاق الاقتصادية المغربية ودينامية بعض القطاعات  كصناعة السيارات ونقل الخدمات والصناعات المرتبطة بالطيران بالنسبة للجهات الممولة الدولية قطاعات واعدة ما جعل من المغرب يستفيد من عرض مهم جدا يمتد فيه أمد التسديد لعقد من الزمن ولثلاث عقود”.

فيما يخص أفق 2013 التي تشكل موعدا للإصلاحات الكبرى كصندوق المقاصة والنظام الضريبي وصندوق التقاعد. يرى السيد الوزير أنه يتعين قبل كل شيء معالجة قضية انخفاض احتياطي العملة الصعبة والعمل على مرسوم نظام حماية التجارة بهدف تخفيض الواردات والقدرة الشرائية العمومية ومرسوم الصفقات العمومية و كيفية إجبار الشركات العالمية أن تتعامل مع المقاولات المحلية  للإبقاء على العملة داخل المغرب.

وعن سؤال حول المديونية ومعدل الناتج الداخلي الخام لسنة 2013  وتفاقم العجز واتفاقيات التبادل الحر حيث يرى البعض أنها لم تخدم مصلحة الاقتصاد المغربي، عقب الوزير بأن المديونية مرتبطة  بشكل وثيق بعجز الميزانية حيث انتهت سنة 2011 بمعدل 6.1 ‪%‬ وسنة 2012 بمعدل 5 ‪%‬ ومن المرتقب إنهاء سنة 2013 على وقع عجز قد يصل إلى 4,8 ‪%‬ ، لذلك فالكل يمول بواسطة الديون. وفي ما يتعلق باتفاقيات التبادل الحر يرى الأزمي ضرورة القيام بتقييم، بالرغم من أن هذه الاتفاقيات لا تمنع من تطوير القدرات التصديرية وممارسة الحماية التجارية وتطوير معايير تقنية لتقنين المبيدات الفلاحية.

أما الإصلاحات الهامة المتعلقة على الخصوص بصندوق المقاصة وصندوق التقاعد، فبالنسبة للمقاصة يتعلق الأمر بإصلاح مجتمعي من العيار الثقيل ولهذا فهو إصلاح على مراحل. “إن عبء هذا الصندوق أصبح لا يطاق لدرجة أنه يمنع الدولة من تطوير برامج اقتصادية واجتماعية. إذ يستحوذ 20 ‪%‬ من الطبقة الأكثر غنى على 43 ‪%‬ من‪ ‬دعم الصندوق وأن 20 ‪%‬ الأكثر فقرا لا يحصلون سوى على 9‪% ‬ من الدعم. حيث ذهبت من أصل 50 مليار درهم المخصصة لصندوق  الدعم برسم 2012 ، 20 مليار إلى جيوب 20‪% ‬  الأكثر غنى بيد أن 20 ‪%‬ الأكثر فقرا لم يحصلوا سوى على 4 ملايير درهم. هل هناك ظلم وعدم إنصاف أكثر من هذا السيناريو الواقعي؟ لكن اليوم يدخل صندوق المقاصة منعطفا جديدا بحيث سوف يعوض تدريجيا بالإعانة المباشرة للأسر المحتاجة وعبر تشجيع التمدرس”.

إلى ذلك جدد الأزمي تأكيده قائلا: “هدفنا هو التخفيف من عبء الميزانية ودعم القدرة الشرائية للمواطنين والعمل على تقوية نسيج التماسك الاجتماعي”. وفي ما يتعلق بإصلاح صندوق التقاعد “فهذا أمر صعب ومعقد، يفيد الأزمي” لذلك فنحن نسير نحو نظام ذو قطبين: القطب العمومي والقطب الخاص، ينطويان على إصلاح أساسي وإصلاح تكميلي. وستنطلق هذه الإصلاحات مع انطلاق 2013″. 

ترجمة ‪pjd.ma‬

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.