في يومها العالمي.. أكاديمي: اللغة العربية مطالبة بالابتكار التكنولوجي لمواجهة التحديات الرقمية

أكد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جمال الدين الهاني، أن اللغة العربية مطالبة بالابتكار التكنولوجي لمواجهة التحديات المرتبطة بالتطور المتسارع في مجال استعمال وتوظيف الرقمنة.

وأوضح الهاني، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف يوم 18 دجنبر من كل سنة، أن اللغة العربية شأنها شأن سائر اللغات البشرية، يمكنها المساهمة في إغناء المجال الرقمي، مستحضرا بهذا الخصوص الدراسات والبحوث التي أصبحت تنجز باللغة العربية في مجالات دراسة الإشارات، وإعداد المعاجم الرقمية، وما ينشر على الشبكة العنكبوتية من نصوص مترابطة.

وسجل أن العالم يعرف طفرة متسارعة في مجال استعمال وتوظيف الرقمنة، وهذا التحول الذي تشهده الحياة المعاصرة في جميع مناحيها يدفع إلى التساؤل عن مدى قدرة اللغة العربية على مواكبة التطور التكنولوجي، معتبرا، في هذا الصدد، أن إشكالية النمو الرقمي تتعلق بالدرجة الأولى بالقدرة على مسايرة التطور التكنولوجي وإنتاج برامج رقمية بعلاقة مع اللغة العربية.

وفي سياق استعراضه للآليات التي من شأنها تمكين اللغة العربية من المحافظة على مكانتها كإحدى اللغات الأكثر تداولا في العالم، أشار الهاني إلى أن اللغة العربية تعد من اللغات الأكثر استعمالا في العالم، فهي إحدى اللغات الرسمية للأمم المتحدة، غير أن هذه الوضعية لا يمكنها أن تضمن لها الاستمرار في المحافظة على مكانتها إلا باعتماد استراتيجية جريئة وواضحة المعالم.

وللوصول إلى هذا الهدف الطموح، قال المتحدث ذاته إنه ينبغي وضع مخطط بأربعة أبعاد، يتمثل الأول في “التعليم” وذلك عبر ضرورة إعادة النظر في فلسفة بناء المناهج بالانتقال من مناهج تلقينية إلى مناهج تكوينية تبني شخصية المتعلم وتنمي حسه النقدي.

ويتمثل البعد الثاني، يضيف الهاني، في “البحث العلمي”، الذي يقتضي ضرورة وضع استراتيجية وطنية تخدم بالدرجة الأولى متطلبات النمو بالمغرب، وتطوير المشاريع البحثية المتكاملة بين الدراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الحقة والمعلوميات مع خلق وتثمين الروابط بينها، مؤكدا أن هذه العلوم لا يمكنها إلا أن تكون مترابطة بحكم أن هدفها أولا وأخيرا خدمة الإنسان.

أما البعد الثالث، فيرتكز على “الترجمة”، حيث أبرز عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية أنه لا بد من النهوض بالترجمة كآلية للحفاظ على مكانة اللغة العربية والتحامها باللغات الأكثر تداولا في ميادين العلم والمعرفة، مسجلا أن هذه المقاربة كفيلة بجعل العربية قادرة على مسايرة التقدم العلمي والتكنولوجي.

وبخصوص البعد الرابع، أكد الهاني على “التكنولوجيا الرقمية” باعتبارها ضرورة لتحفيز ودعم الشراكة بين الباحثين في الدراسات اللغوية والمستثمرين في تكنولوجيا الرقميات، موضحا أن هذه المقاربة هي الكفيلة بتقوية وتحديث اللغة العربية كوسيلة للتواصل قادرة على الخلق والإبداع في المجال العلمي والتكنولوجي وإدخال مستعمليها إلى عالم الحداثة.

ولدى حديثه عن تدبير تعلم اللغة العربية بموازاة مع تعلم اللغات الأجنبية الأخرى (الفرنسية والانجليزية والاسبانية) والحفاظ على مستواها المعرفي من الناحية التواصلية والعلمية، لاحظ الهاني أن المدرسة المغربية “تبدو غير قادرة على تكوين متعلم متحرر من سلطة المعلم والكتاب المدرسي، مما لا يسمح له بتنمية معجمه ورصيده اللغوي، ولا تتاح له في الوقت ذاته فرصة التخاطب باللغة العربية”.

وسجل الأكاديمي أن معرفة لغة ما لا يتناقض مع استعمال لغة أو لغات أخرى “فكلما استعمل شخص لغات متعددة، كلما سهل عليه تعلم لغات أخرى”.

وخلص إلى التأكيد على أنه يمكن اعتبار التعدد اللغوي بالمغرب ظاهرة إيجابية تبدأ باللغتين الوطنيتين، العربية والأمازيغية، وتمتد إلى اللغات الأجنبية من فرنسية وإسبانية وإنجليزية ولغات أخرى، مشددا على أنه ليس في ذلك أي تناقض، بل هي ميزة تيسر للمواطن المغربي تدبير التعدد اللغوي واستثماره في رصيده التداولي والمعرفي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.