حوار.. حمضي: سلالة “كورونا” الجديدة ليست أكثر خطورة من السلالة المعروفة

بِالتزامن مع بدء حملة التطعيم ضد فيروس “كورونا”، على صعيد بعض الدول عبر العالم أثارت السلالة الجديدة لفيروس “كورونا” التي جرى اكتشافها ببريطانيا خلال الأسبوع المنصرم، مخاوف الكثير من العودة إلى نقطة الصفر، في معركة القضاء على الوباء الذي أربك كبريات الدول العظمى، وخلف خسائر مادية وبشرية كبيرة.

وتفاعلاً مع جملة من الأسئلة والاستفهامات التي تشغل بال الرأي العام الوطني، حول ما إذا كانت السلالة الجديدة، أكثر خطورة وأكثر فتكا من القديمة، وهل وسائل تشخيص فيروس كورونا، تبقى صالحة لتشخيص السلالة الجديدة أم أنه يجب ابتداع وسائل جديدة لتشخيص المرض؟.

وحول التأثيرات المحتملة للسلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد المكتشفة مؤخرا ببريطانيا على مسار الجائحة، وأي انعكاس لها على مجهودات العالم وعلى بلادنا في مواجهة الجائحة، يقدم الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، في حوار مع “pjd.ma “، عددا من المعطيات والتوضيحات المتعلقة بالسلالة الجديدة لفيروس “كورونا”، والتي عزلت بريطانيا عن باقي دول العالم.

1-   بداية دكتور، ما هي الإشكالات التي يطرحها اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا؟

أولا، ينبغي التذكير، بأن الفيروسات تشهد دائما تحولات، حيث تقع عليها طفرات باستمرار، وفيروس كورونا المستجد، عرف بدوره عدة تحولات منذ ظهوره قبل سنة، بالإضافة إلى أن خبراء الفيروسات يؤكدون أن هذا الفيروس هو من النوع المستقر نوعا ما مقارنة مثلا مع فيروس الانفلونزا الموسية، الذي يعرف تحولات أكبر وأكثر من كورونا المستجد.

ولكن حين يتعلق الأمر بفيروس صنّفته منظمة الصحة العالمية، على أنه جائحة عالمية، يكون هناك تتبع دقيق لأي تحول مهما كان صغيرا في الفيروس، لأنه إذا وقع تحول كبير في الفيروس، قد يكون له تأثير على مسار الجائحة برمتها.

وهنا تجب الإشارة، إلى أن الفيروسات تكون عرضة للطفرات، حيثما كان هناك انتشار واسع للفيروس، وهذا يعني أنه كل ما كان هناك إصابات كثيرة، كل ما كان هناك امكانية حدوث طفرة سلالة جديدة تنتشر بسرعة، وكل ما أصيب أناس كثيرون بهذا الفيروس يكون هناك احتمال مع الأسف أن تظهر سلالة أكثر خطورة من هذه السلالة الجديدة نفسها، ولذلك قامت بريطانيا بفرض الحجر الصحي من جديد على لندن وعلى الجنوب البريطاني الذي ظهرت فيه هذه السلالة.

2-   ما هي مخاطر السلالة الجديدة، وهل يمكن أن تعيدنا إلى نقطة الصفر في مواجهة الوباء؟

السلالة الجديدة ليست أكثر خطورة من السلالة المعروفة ولا أكثر فتكا، ولكن هذه السلالة هي أكثر سرعة في الانتشار من السلالة السائدة لحد اليوم، كما يمكن التأكيد على أن السلالة الجديدة لا تقوض اللقاحات المكتشفة أي أن هذه اللقاحات تبقى فعالة ضد هذه السلالة الجديدة، بالإضافة إلى أن وسائل تشخيص المرض لا زالت صالحة هي الأخرى.

لكن مع ذلك، فإن سرعة انتشار الطفرة الجديدة طرح مشكلتين على الأقل، الأولى أنه مع تزايد سرعة انتشار الفيروس، سيكون علينا أن نضاعف المجهودات أكثر من أجل احتواء الوباء، والثانية أنه يجب تشديد الإجراءات سواء الإجراءات الحاجزية والوقائية التي أقرتها السلطات الصحية المختصة.

3-   بما أنه تم التوصل إلى لقاحات فعّالة ضد فيروس كورونا، فهل اللقاحات التي تم ابتكارها صالحة لمحاربة السلالة الجديدة من الفيروس أم لا؟

بالنسبة للسلالة الجديدة، التي تم اكتشافها مؤخرا في بريطانيا، هي سلالة تنتشر بسرعة أكبر من السلالة التي كانت سائدة، حيث يقول الخبراء حسب الملاحظات والأرقام الأولية إن السلالة الجديدة هي أكثر سرعة في الانتشار بنسبة تصل إلى 70 في المائة من السلالة قبلها.

وهذا يطرح مشكلا كبيرا، على مستوى المجهودات التي تهدف إلى محاصرة الفيروس، وتطويق انتشاره سواء على المستوى المحلي والوطني أو الدولي، وهنا تجب الإشارة إلى أن معدل التكاثر Rt ” ” ازداد مع السلالة الجديدة بنسبة 0.4 نقطه، وفق ما يؤكد على ذلك عدد من الخبراء، وهذا كذلك له تأثير على درجة التحكم في الوباء.

لكن في المقابل، فإن الخبراء يقولون، إنه ليس هنا ك أي خطورة إضافية أو درجة فتك أكثر أو نسبة إماتة أكثر مع السلالة الجديدة وهذا أمر مطمئن، إضافة إلى أن الاصابة بهذه السلالة الجديدة يمكن تشخيصها وتتبعها بنفس الطرق والوسائل المعروفة لحد الساعة، وليس هناك أي حاجه لابتداع واكتشاف وسائل جديدة للكشف وتشخيص الإصابة بكوفيد- 19 مع السلالة الجديدة.

اللقاحات المكتشفة حاليا تبقى صالحة مع السلالة الجديدة، طبعا الخبراء الأوروبيون كانوا يتحدثون عن “لقاح فايزر”، الذي اعتمدوه كأول لقاح سيستعملونه، ولكن يمكن بشكل عام من الناحية العلمية، القول بأن اللقاحات المتوفرة حاليا، ستبقى فعالة ضد السلالة الجديدة، بحيث عموما المختبرات حين تقوم بابتكار لقاح منذ البداية يركز الخبراء على أجزاء الفيروس الأقل عرضة للتغيرات، دون أي ضمانات 100 في المائة طبعا.

4-   بالنسبة لنا في المغرب، ما هي التأثيرات المحتملة لظهور هذه السلالة الجديدة على المجهودات الحكومية لمحاصرة الوباء؟ وما هي الاحتياطات الواجب اتخاذها؟

يتعين على السلطات المغربية، العمل على اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير الاحتياطية، من أجل منع تسلل هذه النسخة الجديدة من الفيروس إلى المملكة، حتى لا يتحول الوباء الى سرعة أكبر وتفشي المرض بشكل أسرع وأكثر، لأنه كلما كانت هناك إصابات جديدة وكثيره كل ما كانت هناك حالات خطيرة في أقسام الإنعاش وحالات وفيات أكثر وهو ما نريد تجنبه.

ومن أجل تجنّب هذا السيناريو، فإنه ينبغي على المغرب اتخاذ جميع التدابير لمنع تسلل الطفرة الجديدة من الفيروس الى بلادنا، عبر إغلاق الحدود في وجه الدول التي تعرف انتشارا لهذه النسخة الجديدة، في انتظار تنسيق دولي في الموضوع، رغم أن بريطانيا اليوم هي الدولة المعنية بهذا الأمر أكثر من غيرها.

وينبغي كذلك، مضاعفة مراقبة الجائحة بالمغرب، سواء من الناحية البيولوجية، من خلال دراسة “جينوم” الفيروسات في المختبرات أو من الناحية الوبائية، من أجل تتبع سرعة انتشار الوباء في المغرب، في حال تسلل الطفرة الجديدة لا قدر الله، وهو ما يفرض على المواطنين الاحترام التام بالإجراءات الحاجزية، بهدف منع انتشار الوباء سواء النسخة القديمة أو الجديدة.

علاوة على ذلك، يتعين على المنظومة الصحية، أن ترفع من جاهزيتها وقدرتها على التشخيص وعلى العزل وعلى التكفل بالمرضى لمنع انتشار المرض، إلى جانب الإسراع في  تنفيذ الحملة الوطنية للتلقيح  ضد كوفيد- 19، من أجل محاصرة الوباء سواء في نسخته القديمة أو الجديدة، لأنه كل ما انتشر الفيروس أكثر كل ما ازدادت احتمالات حدوث طفرات جديدة ربما أخطر لا قدر الله.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.