ثلاثة أسئلة لابراهيمي حول مخاطر وخلفيات اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين

كشف رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصطفى ابراهيمي، عن أبرز مخاطر اعتماد القاسم الانتخابي، على أساس المسجلين، على الخريطة السياسية و النظام الانتخابي بالمغرب، موضحا الأسباب الحقيقة لتشبث فريق “المصباح” برفض هذا المقترح، رغم دفاع جل مكونات مجلس النواب عنه.

وتوقّف إبراهيمي، في حوار من ثلاثة أسئلة أجراه معه “pjd.ma ” على هامش تقديم فرق الأغلبية والمعارضة باستثناء فريق العدالة والتنمية، لمقترح تعديل يقضي باعتماد قاعدة عدد المسجلين وليس عدد الأصوات المعبر عنها الصحيحة، في احتساب القاسم الانتخابي، عن الخلفيات التي دفعت هذه الأطراف السياسية للدفاع بشكل مستميت عن هذا المقترح، رغم عيوبه الدستورية والديمقراطية.

وفيما يلي نص الحوار:

ما الذي يجعلكم ترفضون مقترح القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، رغم أنه يحظى بتأييد جل الفرق والمجموعات النيابية؟

لابد في البداية من الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية، قدم العديد من التنازلات فيما يتعلق بإعداد القوانين الانتخابية المؤطرة للاستحقاقات المقبلة، مقارنة بما تضمنته مذكرته التي وجهها إلى الحكومة في إطار المشاورات التي عقدت مع وزير الداخلية تحت إشراف رئيس الحكومة، سواء فيما يتعلق بانتخاب أعضاء مجلسي النواب المستشارين، وفيما يخص الجماعات الترابية والغرف المهنية.

غير أن النقطة التي ظلت عالقة، والتي لم يتم الحسم فيها، في ظل هذه المشاورات، تتعلق بالقاسم الانتخابي، حيث دفعت بعض الأطراف السياسية باعتماد قاعدة عدد المسجلين وليس عدد الأصوات المعبر عنها الصحيحة، وفق ما كان عليه الأمر سابقا في احتساب القاسم الانتخابي، فيما رأى حزب العدالة والتنمية أنه خيار معيب ديمقراطيا ودستوريا، وليس له أي مرجعية دولية.

وبالرغم من أن مشاريع القوانين التنظيمية التي أحيلت على البرلمان لا تتضمن أي مقتضى يتعلق باعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، إلا أن فريق العدالة والتنمية، أثار هذا المقترح خلال المناقشة العامة المتعلقة بمناقشة مشاريع القوانين المذكورةـ، بحضور وزير الداخلية، بالنظر إلى أنه كان يترقب أن تأتي بعض الفرق بتعديلات ترتبط بتغيير القاسم الانتخابي المعمول به.

دعْنا نُذكّر أيضا في هذا السياق، أن تفحّص جميع المذكرات التي تقدمت بها كل الأحزاب التي تدافع اليوم عن هذا المقترح المسيء للديمقراطية وللنظام التمثيلي، يقود إلى التأكد من أنها خالية من أي إشارة إلى هذا المقترح، وهو ما يجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام، حول خلفيات طرح هذا المقترح الذي يسعى مقدموه لبلقنة المشهد الحزبي وتحوير إرادة الناخبين.

وبالتالي، فإن رفضنا في حزب العدالة والتنمية، للقاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، مبدئي، وينطلق من قناعة تقوم على أن اعتماده يشكل انتكاسة وانزياحا عن روح المقتضيات الدستورية المؤطرة للخيار الديمقراطي والمنطق الانتخابي السليم، وأنه أمر نشاز يتعارض مع ما هو معمول به في التجارب الديمقراطية المقارنة.

وهذه القناعة تستند أيضا، إلى أنه بالاطلاع على القانون المقارن والممارسات الفضلى في الديمقراطيات العريقة، لن نجد بلدا واحدا يعتمد نمط الاقتراع باللائحة والتمثيل النسبي، يعتمد في احتساب القاسم الانتخابي على المسجلين في اللوائح الانتخابية، بل جل الأنظمة تعتمد في تحديد القاسم الانتخابي على الأصوات الصحيحة، وهي الأصوات المعبر عنها ناقص الملغاة.

ما هي أبرز مخاطر هذا المقترح على الخريطة السياسية وعلى النظام الانتخابي؟

يتعين التأكيد أن فلسفة التمثيل النسبي، تقوم على ترجمة عدد الأصوات المحصل عليها إلى عدد المقاعد المتبارى حولها داخل الدائرة الانتخابية المعنية، غير أن اعتماد القاسم الانتخابي وفق الصيغة التي تطرحها الأطراف المدافعة عن احتساب المسجلين في اللوائح الانتخابية، ولا تسمح بترجمة هذه الأصوات بشكل سليم ومنطقي وديمقراطي إلى مقاعد برلمانية.

وعلى هذا الأساس، فإن هناك تباينا كبيرا في احتساب المقاعد وتوزيعها بشكل يضمن العدالة الانتخابية، بحيث عندما نجد من يحصل على 60 ألف صوت يتساوى في دائرة انتخابية ما مع من يحصل على 2000 صوت، بمعنى 10 أصوات من الحزب الذي حصل على 60 ألف تعادل صوت للحزب الذي حصل على 2000 صوت، وهو ما يفرغ العملية الانتخابية من أي محتوى ويجعلها بعيدة كل البعد عن احترام الديمقراطية لإفراز مؤسسات تتمتع بالمصداقية.

المنطق الديمقراطي في الانتخابات الحرة والنزيهة، يقول أن من يحصل على 20 في المائة من أصوات الناخبين المعبر عنها يوم الاقتراع، يتعين أن تمنح له 20 في المائة من المقاعد المتبارى حولها، وبالتالي لا يعقل لمن حصل على 1 في المائة من الأصوات وأن يحصل على 20 في المائة من المقاعد، ومن هذا المنطلق نحن نقول إن هذا الأمر فيه ضرب للديمقراطية والتفاف على إرادة الناخبين.

ينبغي أن نشير أيضا في هذا الصدد، إلى أن الدعوة إلى حذف العتبة، مؤشر خطير على هذا المستوى، لأنه يزيد الطينة بلّة، لما لذلك من تأثير في بلقنة المشهد الحزبي والتحكم المسبق في نتائج الانتخابات، فضلا عن تأثيراته المحتملة على صعيد الاستقرار السياسي للحكومة وللمجالس المنتخبة، حيث يؤدي هذا المقترح في حال اعتماده إلى وجود صعوبات في تشكيل الحكومة علاوة على عرقلة تشكيل المجالس المنتخبة.

ومن ثم عبر فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، في أكثر من مناسبة عن رفض المطلق لاحتساب القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين باللوائح الانتخابية، بالنظر إلى أن اعتماده سيشكل خطورة على الديمقراطية، وليس على نتائج حزب العدالة والتنمية.

كما أن احتساب الأصوات على أساس عدد المسجلين سيحول العملية الانتخابية إلى عملية لتوزيع المقاعد على الأحزاب بالتساوي وبدون منافسة، علاوة على أن هذا الأمر يضرب أساس العملية الديمقراطية وهو التنافس، ويضر بنسبة المشاركة التي ستكون بدون جدوى، والمحاسبة السياسية عبر ممارسة حق وواجب التصويت.

 ومن هذا المنطلق، نحن نرى أن احتساب القاسم الانتخابي على هذا الأساس، يخالف المقتضيات الدستورية والمنطق الانتخابي السليم، ويعاكس التجارب المقارنة الفضلي، وسيشكل تراجعا وانتكاسة خطيرة على الديمقراطية التمثيلية التي حققت فيها المملكة أشواطا معتبرة، ومكاسب مهمة.

برأيكم لما تتشبث باقي الفرق البرلمانية بهذا المقترح رغم عيوبه الدستورية والديمقراطية، وهل هناك خلفيات غير معلنة من وراء ذلك؟

الخلفيات التي تبدو لنا من تشبث هذه الأطراف السياسة بهذا المقترح، الذي لا يوجد في أي مرجعية دولية، والذي كما أشرت سلفا لم تتضمنه مذكراتهم الانتخابية، ولم يرد ضمن مشروع القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، هي أنه بلغت لدى هذه المكونات السياسية قناعة بأنهم منهزمون أمام العدالة والتنمية، وبالتالي ليس بمقدورهم الذهاب عند المواطنين لإقناعهم ببرامجهم والتصويت لصالح مشاريعهم الانتخابية.

وهذا برأيي، يعني أن التقديرات التي توصلت إليها هذه الأطراف السياسية التي تدعم اليوم هذا المقترح المفتقد لأي مشروعية، تؤكد أن حملاتهم الانتخابية لن تجدي نفعا في الحصول على المقاعد المطلوبة للحصول على المرتبة الأولى لرئاسة الحكومة المقبلة، وهو ما دفعهم إلى اللجوء إلى هذه الأساليب الهجينة، والعمليات الحسابية الملتبسة للسطو على مقاعد الآخرين.

لابد من التأكيد أيضا بما لا يدع مجالا للشك، أن الرغبة المبيتة من وراء الدفاع المستميت من قبل عدد من الأحزاب السياسية الوطنية، بما فيها تلك المعنية بخسارة مقاعد كبيرة من اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، هي قطع الطريق على حصول العدالة والتنمية على المرتبة الأولى خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وهذا الأمر، يجد تفسيره في اصطفاف أحزاب المعارضة إلى جانب الأغلبية ما عدا العدالة والتنمية، لتأييد اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، رغم عيوبه الدستورية والديمقراطية، وهو ما دفعهم لغض الطرف عن تعارض هذا المقترح مع فلسفة نظام التمثيل النسبي، وجوهر الديمقراطية التمثيلية، مادام يسعفهم في الحيلولة دون فوز العدالة والتنمية بالانتخابات المقبلة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.