حوار.. عدوي: التنمية السياسية باهتة في “تقرير بنموسى” والأولوية لمغرب الثقة والديمقراطية

أكد ادريس الصقلي عدوي، رئيس منتدى الأطر والكفاءات لحزب العدالة والتنمية، أن تنزيل النموذج التنموي الجديد يقتضي العمل على واجهتين، “توفير منظومة ملائمة وشفافة وتنافسية وغير ريعية لإنتاج الثروة وتثمينها”، و”توفير شروط التوزيع العادل للثروة مجاليا واجتماعيا وقطاعيا”.

وأبرز عدوي في حوار مع “مجلة العدالة والتنمية” في عددها 30 الصادر نهاية الأسبوع الماضي، أن دور اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، لم يكن هو إعداد برامج حكومية بديلة، ولكن إعداد مرجع يمكن أن يساعد كل الفاعلين، قائلا “إننا اليوم نتوفر على مشروع خريطة طريق ورؤية تحدد لنا المغرب في أفق 2035، وهذا إيجابي، فمن لا رؤية له لا وجهة له ولا يمكنه أن يبني المستقبل”.

وفيما يلي نص الحوار:

س: كيف ترون أهمية وجود تقرير مرجعي يرسم معالم نموذج تنموي لمغرب في أفق 2035؟

 في البداية، لابد من تثمين نهاية هذا الورش الوازن المتعلق بالنموذج التنموي الجديد ونشر مخرجاته في موضوع مصيري بالنسبة لمستقبل المغرب، وتثمين الإعلان أمام جلالة الملك بحضور ممثلي الأحزاب السياسية، فقناعتنا أن لا تنمية ولا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية قوية.

نعتقد أن دور اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي لم يكن هو إعداد برامج حكومية بديلة، ولكن إعداد مرجع يمكن أن يساعد كل الفاعلين. فاليوم نتوفر على مشروع خريطة طريق ورؤية تحدد لنا المغرب في أفق 2035، وهذا إيجابي، فمن لا رؤية له لا وجهة له ولا يمكنه ان يبني المستقبل، اذ لا توجد رياح مناسبة لمن لا وجهة له.

تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، هو نتاج مسلسل ومسار انطلق منذ 2017 ويتضمن مساهمات متعددة، واعتمد منهجية تشاركية، لكن نعتبرها غير مكتملة، حيث تم الاستماع إلى الأحزاب مثلا، لكن لم يتم عرض المخرجات الأولية أمامها قبل نشرها.

س: هناك تقاطعات مهمة بين المذكرة التي قدمها حزب العدالة والتنمية بخصوص رؤيته للنموذج التنموي الجديد وبين التقرير العام الأخير الذي أصدرته اللجنة، ما أبرز نقاط التلاقي والاختلاف؟

 نتفق مع ما ورد في النموذج التنموي، من العمل على تحقيق السيادة الوطنية والسيادة الصحية (صناعة صيدلانية وطنية قادرة على إنتاج الأدوية والمعدات واللقاحات) والسيادة الغذائية ( أقوى من الأمن الغذائي الذي أكدنا عليه في مذكرتنا) وهذا إيجابي ويتطلب إرساء قواعد فلاحة مستدامة وتحقيق الاندماج والإلتقائية حول مفهوم الأمن الغذائي، وتنزيل التوجه الذي أكدنا عليه في مذكرتنا الثانية: ننتج بالمغرب ونستهلك بالمغرب، فالفلاحة أكثر من أي قطاع، هي رهان المجتمع وهي استقرار الساكنة القروية، هي الأمن الغذائي للمغاربة، فما عشناه طيلة أشهر الحجر الصحي مع توفر جميع ما نحتاج إليه من مواد غذائية دليل آخر على نجاح المغرب.

من جهة أخرى، فإننا نتقاطع مع ما ورد في النموذج التنموي الجديد على اعتبار الرقميات محرك للتغيير، وإدارة متجددة كرافعة للتحول، وهذا ما أكدنا عليه في المذكرتين من ضرورة إصلاح الإدارة بشكل شامل وعميق اعتمادا على الحكامة الإلكترونية والتدبير القائم على النتائج وجعل الرقمنة في قلب السياسات العمومية وربطها لزاما بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.

كيف تعامل حزب العدالة والتنمية مع التقرير؟ وهل فتح نقاش داخلي حوله؟

تعامل حزب العدالة والتنمية، ومنتدى التنمية لأطر وخبراء الحزب بشكل إيجابي مع التقرير، باعتبار أننا في محطتي يناير وشتنبر 2020 قدمنا أمام اللجنة الخاصة مذكرتين، الأولى، متعلقة بالنموذج التنموي “من أجل نموذج تنموي أصيل ومنصف ومستدام”، والثانية حول جائحة كوفيد 19 بالمغرب: “التدابير والتداعيات والافاق”، حيث أكدنا أن النموذج التنموي هو الإطار العام والشامل الذي يتضمن مجموعة من الاختيارات الكبرى المهيكلة والموجهة لسياسات تدبير وإنماء الواقع الوطني في مختلف مستوياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية والبيئية.

لذا يقتضي العمل على واجهتين، أولا: توفير منظومة ملائمة وشفافة وتنافسية وغير ريعية لإنتاج الثروة وتثمينها، وثانيا: توفير شروط التوزيع العادل للثروة مجاليا واجتماعيا وقطاعيا.

النموذج التنموي الناجح هو الذي يجعل الإنسان أساس أي تصور تنموي في بعده الفردي والجماعي، وهو الذي يتكامل فيه دور الدولة وفعاليات المجتمع، كما جاء في تقرير اللجنة، دولة قوية ومجتمع قوي، لكن دولة قوية بالمؤسسات وبالقانون وبالأحزاب ومجتمع قوي بالحقوق والحريات.

حددنا في مذكرتنا مداخيل عامة وأساسية للنموذج التنموي متمثلة أولا: في تثمين وتنمية الوطن وتعزيز الانتماء إليه، وجعل مصلحته فوق أي مصالح أخرى، وثانيا: التلازم بين الديمقراطية والتنمية، ثم ثالثا: تحفيز القيم المغربية وتملكها وتنزيلها.

هذه قراءتنا الأولية لمخرجات النموذج التنموي الجديد، والتي سنعمق النقاش فيها في يوم دراسي داخلي بين الأمانة العامة للحزب ومنتدى التنمية للأطر والخبراء.

س: هناك من يرى أن هناك تغييبا لرهانات الدمقرطة وأدوار المؤسسات المنتخبة كشرط لتحقيق التنمية، كيف ترون هذا المعطى؟

إن التنمية السياسية باهتة ولم تحدد الاختيارات المرتبطة بها، إن الرهان ليس تعبئة الموارد المالية فقط، ولكن مواصلة الإصلاحات الكبرى المرتبطة بالديمقراطية والحقوق والعدالة والحكامة الجيدة ومحاربة الفساد والقضاء على اقتصاد الريع والاحتكار.

إن الإشكال ليس ماليا، ولكن في العنصر البشري، فالتنمية كما عرفناها في مذكرتنا هي: “تنمية الإنسان بالإنسان من أجل الإنسان”.

إن الطموحات الخمسة التي حددها النموذج التنموي الجديد والمتمثلة في مغرب الازدهار والإدماج والكفاءات والاستدامة والجرأة، لا بد أن نضيف إليها مغرب الثقة والديمقراطية، لأن الأساس هو استرجاع الثقة في المؤسسات وفي الأحزاب وفي المجتمع المدني وفي قدراتنا وإمكاناتنا.

س: هناك تقارير كثيرة من هذا القبيل كتقرير الخمسينية وغيرها لمؤسسات وطنية اقتصادية واجتماعية، هل نحتاج لتقارير أم الالتزام بمخرجاتها، بمعنى ما ضمانات نجاح هذا الورش وعدم تحوله الى تقرير ككل التقارير السابقة؟

الوضع الآن يختلف، فتقديم التقرير كما سبق الإشارة إليه أمام جلالة الملك بحضور الأحزاب السياسية له أكثر من دلالة، أضف إلى ذلك اللقاء مع الأحزاب حول آليات التفعيل المرتبطة بإعداد ميثاق وطني للتنمية، الذي يعد التزاما سياسيا ومعنويا لكل الفاعلين، وهذا كله يطرح السؤال حول التموقع المؤسساتي للنموذج التنموي، أي هل نحتاج لرافعة قانونية لهذا النموذج التنموي (قانون إطار أو قانون) تعطيه القوة الإلزامية؟ أم نكتفي بميثاق يحدد الأولويات والأهداف ومبادئ العمل ويركز على الاختيارات الأساسية للتنمية.

 

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.