محمد عصام يكتب: البرنامج الحكومي…تمخض الجبل فولد سرابا

محمد عصام

أمس وبشكل بارد يعكس الخيبة من مسار الاختلالات التي رافقت العمليات الانتخابية منذ الثامن من شتنبر برمتها، استمع المغاربة للتصريح الحكومي  للسيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمام قاعة مكتظة بالنواب والمستشارين في وضعية التلبس بالإخلال بالتدابير الاحترازية التي يعاقب عليها القانون، ورغم ذلك لم يستطع هذا الحضور بث الروح ولا الحماسة المطلوبة  في هذه الجلسة الدستورية المخيبة للآمال.
جاء عرض رئيس الحكومة نشازا لا يعكس اللحظة الدستورية، خاليا من الأرقام والمؤشرات، إذ لم يضع رهانات مرقمة يمكن قياسها لا فيما  يتعلق بالنمو أو التضخم وغيرها من المؤشرات التي يجب ان تشكل الإطار التوقعي لأي برنامج حكومي وتحته تندرج الإجراءات الكفيلة بتنزيله مرقمة أيضا ومحددة في الأفق الزمني.
العرض الذي قدمه رئيس الحكومة تنكر للوعود والالتزامات التي شكلت عماد البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي خصوصا في القطاعات التي نثرت فيها وعود سوريالية سرعان ما انكشف زيفها وكذبها.
فمثلا في قطاع التعليم تبخر الوعد بزيادة 2500 درهم لرجال التعليم ولم ير له أثر ولا ذكر في العرض الذي قدمه رئيس الحكومة.
وتم ربط زيادات مبهمة بحوار قطاعي  مازال في علم الغيب هو وما سيسفر عنه.
ومن جهة أخرى كان هناك حديث عن كليات للتكوين التربوي مما سيجعل هذه الزيادة في حال وقوعها بغض النظر عن حجمها ومدى تناسبها مع الوعد الانتخابي /  الخديعة، خارج الزمن الانتدابي لهذه الحكومة أي بعد مرور وانصرام خمس سنوات هي مدة التكوين في هذه الكليات.
في موضوع الأساتذة المتعاقدين الذي شكل بدوره وعدا مركزيا في برامج أحزاب التحالف، جاء العرض خاليا من أية إشارة تلميحا أو تصريحا لهذه الفئة رغم حجمها الكبير والادوار المنوطة بها ووقع الازمة التي تعيشها ، وهذا كاف للإثبات تنصل التحالف من الوعود العريضة الجازمة بإدماج هذه الفئة في الوظيفة العمومية، فكلام الليل يمحوه النهار، “ودوام من المحال”
أما موضوع إصلاح التقاعد أو بالأحرى التراجع عما تم اعتماده من إصلاحات في عهد حكومة الأستاذ ابن كيران والتي كان لها الفضل في استدامة هذه الصناديق مرحليا في أفق لإصلاح جذري، فإن القوم مرة أخرى وجدوا ضالتهم في حكمة الصمت وتفعيل مثل “وكم حاجة قضيناها بتركها”
لم نتحدث عن غياب كامل ومتعمد عن الحديث عن الفساد ومحاربته، فالقوم بهذا الخصوص منسجمون مع ذاتهم، فعن أي فساد سيكون الحديث، ورائحة الفساد الانتخابي الذي تشكلت به الخريطة السياسية الحالية ما زالت تزكم الأنوف.
كنا نتمنى أن تتحول لحظة عرض البرنامج الحكومي إلى لحظة سياسية بامتياز يدافع فيها المدبرون عن اختياراتهم التي يجب أن تكون منسجمة مع برامجهم الانتخابية، وإلا تحولت اللحظة الى حالة نصب واحتيال مكشوفة !!!
كنا أيضا نتمنى أن لا نضطر إلى هذه اللغة القاسية لو أننا عثرنا في ما قدم على بارقة أمل تنعش في داخلنا بعضا من الرجاء وشيئا من الثقة، ولكن وكما يقول المثل” قالوا باك طاح، قاليه من الخيمة خرج مايل”

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.