الانتخابات الجزئية.. حامي الدين: دفاعا عن سيادة القانون

عبد العلي حامي الدين

دفاعا عن سيادة القانون

ردا على التبريرات الواهية بخصوص الأساس القانوني لما تم تقديمه أنه انتخابات تكميلية و جزئية ستجرى يوم 2 دجنبر 2021 من أجل ملء 22 مقعدا تابعا ل22 جماعة من بينها جماعات نظمت فيها الانتخابات وفق نمط الاقتراع اللائحي( تطوان، وجدة، الفقيه بنصالح)، بالإضافة إلى مقاعد تتعلق بنمط الاقتراع الفردي في جماعات أخرى.

وقد تم الاستناد في كل هذا بشكل غير موفق على المادة 139 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية،

أولا، المادة 139 تؤطر كيفية توزيع المقاعد والحالات التي يتم فيها إجراء اقتراع جديد ولا علاقة لهذه المادة بالانتخابات التكميلية والجزئية بهدف ملئ شغور في لائحة أو دائرة فردية.

ثانيا: ماذا تقول الفقرة الرابعة من المادة 139 التي جرى الاستناد عليها باعتبارها الأساس القانوني لتنظيم هذه الانتخابات الجزئية والتكميلية؟

تقول: “إذا لم تحصل اللائحة الفريدة أو المترشح الفريد على خمس أصوات الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية على الأقل أو عندما يتعذر إجراء عمليات الاقتراع أو إنهاؤها في إحدى الدوائر بسبب عدم وجود مترشحين أو رفض الناخبين القيام بالتصويت أو لأي سبب آخر، يجرى اقتراع جديد في ظرف الثلاثة أشهر الموالية”.

والحقيقة أن القراءة القانونية الدقيقة لهذه الفقرة لا تحتمل الكثير من التوسع في التأويل، فهي تتحدث عن دوافع إجراء اقتراع جديد في ظرف ثلاثة أشهر، وهي:

– عدم حصول اللائحة الفريدة أو المترشح الفريد على خمس أصوات الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية على الأقل.

– تعذر إجراء عمليات الاقتراع أو إنهاؤها في إحدى الدوائر بسبب عدم وجود مترشحين أو رفض الناخبين القيام بالتصويت أو لأي سبب آخر.

فمن الواضح إذن أن هذه الفقرة حينما تنص على “أو لأي سبب آخر” فهي تربطه بتعذر إجراء عمليات الاقتراع أو إنهاؤها في إحدى الدوائر ، ولذلك فهي تعدد أسباب هذا التعذر إما بسبب عدم وجود مترشحين أو بسبب رفض الناخبين القيام بالتصويت أو لأي سبب آخر.

وهو ما يعني أن السبب الآخر المقصود هو السبب الذي ينتج عنه تعذر إجراء عمليات الاقتراع أو انهاؤها ولا يعني أي سبب آخر في المطلق كما حاول البعض أن”يجتهد ” خارج النص في محاولة لإيجاد السند القانوني لهذه الانتخابات ولو باجتزاء عبارة “أو لأي سبب آخر” من سياقها وتوظيفها بشكل لا يسمح به القانون.

ثالثا: هناك محاولات حثيثة لاعتبار أن الانتخابات المزمع تنظيمها يوم 2 دجنبر 2021 هي انتخابات مماثلة للانتخابات الجماعية التكميلية والجزئية التي جرى تنظيمها يوم 3 دجنبر 2015 لملء 17 مقعدا بـ 15 مجلسا جماعيا بقي شاغرا عقب الانتخابات الجماعية العامة ليوم 4 شتنبر 2015 المذكورة، والحقيقة أن الانتخابات التكميلية المنظمة في سنة 2015 لم تعرفها أي دائرة انتخابية مشمولة بنمط الاقتراع اللائحي، وإنما همت بالخصوص الدوائر المعنية بنمط الاقتراع الفردي وذلك إما بسبب تعذر فرز الأصوات كما حصل في بعض الدوائر بسبب سرقة الصندوق أو بسبب عدم وجود مرشحات من النساء في الدوائر الفردية المعنية..

أما الانتخابات المزمع تنظيمها يوم 2 دجنبر فيتعلق جزء منها باستكمال مقاعد في جماعات ذات نظام الاقتراع اللائحي، وهي جماعات وجدة وتطوان والفقيه بنصالح، وذلك بسبب تغيير القوانين الانتخابية المتمثل أساسا في حذف العتبة وتوزيع المقاعد على اللوائح بواسطة القاسم الانتخابي المحتسب على أساس عدد المصوتين (وليس عدد الأصوات الصحيحة) مما تسبب في ما يمكن تسميته ب”فائض المقاعد” التي لا يمكن توزيعها بعد استهلاك رصيد الأصوات الموجودة!!وهي سابقة في تاريخ الانتخابات المغربية.

المعضلة أن هناك سؤالا عريضا يطرح حول مدى قانونية المجالس والمكاتب والهيئات قبل استكمال عدد أعضائها القانوني بناء على الانتخابات الجماعية العامة، وهو ما لا يمكن استدراكه عبر انتخابات تكميلية وجزئية، ولو باستدعاء ” نظرية الشغور ” لأن الامر يتعلق بانتخاب هياكل لمجالس جماعات رغم أنها لم تستكمل العدد القانوني لأعضائها.

إن هذه الثغرات وغيرها تعني أن هناك حاجة ماسة لنقاش وطني واسع لمراجعة شاملة للقوانين الانتخابية من أجل توفير الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة كما تجري في جميع بلدان الدنيا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.