الاستثناء الانتخابي المغربي.. الواقع والمأمول

المحجوب لال

لا شك أن المغرب خلق استثناءه الإيجابي في تعاطيه مع الاحتجاجات التي شهدها العالم العربي عام 2011، كما خلق هذا الاستثناء بعدم انخراطه في موجه الخريف الديمقراطي التي لاحت شُهبها سنة 2013 وما بعدها، وحافظ على دورية إجراء العملية الانتخابية، وتبعا لذلك أكملت حكومة العدالة والتنمية ولايتها الأولى برئاسة الأستاذ عبد الإله ابن كيران، وأكمل الحزب ولايته الحكومية الثانية برئاسة الدكتور سعد الدين العثماني.
غير أن الناظر للصورة في عمومها، يدرك أن ما وقع خلال شتنبر الماضي، سواء من خلال مخرجات العملية الانتخابية، أو خلال المصادقة على القوانين المؤطرة لهذه الاستحقاقات، يدرك أن التشويش على هذا الاستثناء أخذ في الارتفاع بصورة مسيئة لكل التراكم الديمقراطي والتوافقي المحقق.
ومن آخر ما يؤكد هذه الإساءة المتحدث عنها، إعلان وزارة الداخلية عن إجراء انتخابات جماعية “تكميلية وجزئية”، نتيجة لفائض المقاعد وليس لشغورها، ولا شك أن نسبة مهمة من المغاربة لم تستوعب بعد هذا الأمر، وحق لها ذلك، إذ أنه استثناء عالمي ما أحببنا أن تقع فيه بلادنا، غير أن لِمَن وراء “الرموك” المتحدث عنه رأي آخر، خلاصته أن تجربة العدالة والتنمية الحكومية والتدبيرية يجب أن تنتهي، بما لها وعليها، ومهما كانت الكلفة، حتى وإن مُست صورة الوطن في الخارج وأُضعِفت ثقة المواطنين في مؤسساتهم في الداخل.
الاستثناء الذي نريد، ليس الذي يحقق مصالح حزب العدالة والتنمية ويُبقي عليها في المؤسسات، بل أن يكون قرار هذا الإبقاء من عدمه بيد الناخبين، عبر قوانين انتخابية عادلة، حينها، وإن أفضت لتموقع “المصباح” ثالثا أو رابعا أو خامسا أو غيره فلا إشكال ولا اعتراض، لأن الناخب سيختار من هو أفضل لتحقيق آماله وتخفيف آلامه، وسينكب حينها العدالة والتنمية على إعادة لملمة ذاته وما سقط من هويته خلال فترة التدبير الحكومي، وسيكون حينها المغرب قد حقق الاستثناء الذي نفتخر به ونعتز، سواء أكان “المصباح” في المؤسسات المنتخبة أم خارجها.
وفي أفق الوصول لهذه الصور المشرقة من تمثيل انتخابي عادل وديمقراطي، فإن حزب العدالة والتنمية عبر قراره القاضي بعدم المشاركة في الانتخابات الجزئية المزمع تنظيمها يوم 2 دجنبر، لا يفر من المنافسة ولا يخاف المواجهة، بل يقول وبشكل صريح، إن إدارة الشأن العام أسمى من العبث، ويجدد التأكيد أن القوانين الانتخابية جزء لا يتجزأ من العملية الديمقراطية، ويجب أن تعكس إرادة الناخبين، وأن تُقَر بعد تشارك وتوافق جماعي، الغلبة فيه للصالح العام، وأن تُسهم في إفراز مؤسسات قوية ومتماسكة، وأن تَكون أداة إيجابية في مسار الانتقال الديمقراطي، بما هو ضرورة واقعية وتاريخية، لا العكس.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.