ما الذي يحرك استطلاعات الرأي حول الحريات الفردية!؟

نُطالع من حين لآخر نتائج استطلاعات للرأي ودراسات وتقارير نفذتها مواقع ومؤسسات غير معروفة، تكون في كثير من الأحيان غير موثوقة ولا تستند على أي منهجية علمية دقيقة، آخرها الدراسة التي نشرت في المغرب حول الحريات الفردية، ما يثير العديد من الأسئلة حول مدى صدقية النتائج التي تُعلن عنها هذه المؤسسات؟ وهل هناك جهة ما تقوم بمتابعة ورصد ما يتم نشره من قبل هذه المؤسسات؟ وماهي الآليات لضمان نزاهة جمع المعلومات والآراء من المواطنين؟

حرب الحداثيين والتقليدانيين

أستاذ علم الاجتماع علي الشعباني، يرى أن الأمر يتعلق بحرب إعلامية ما بين الحداثيين وما بين التقليدانيين أو الذين يدافعون عن المقومات الثقافية والدينية والأخلاقية في المجتمعات الراهنة، مبينا أن هذه الحرب قائمة بين المتمسكين بالثقافات والقيم والأخلاق وثوابت المجتمع المنبثقة حتى من دستور المملكة، والذين يدعون الدفاع عن الحريات الفردية وعن الانفتاح الثقافي والحضاري وغيرهم، وهذه مسألة يجب أن نتعامل معها بنوع من الحذر. يؤكد الشعباني.

وأبرز الشعباني في تصريح خص به pjd.ma، أنه لا توجد جهات معينة تضبط هذه الاستطلاعات، مستطردا أنه حتى الجهات الرسمية تتحفظ في أن تخوض في مثل هذه الأمور وتعطي بعض الأرقام، لأن الدولة الرسمية حسبه تريد أن تبقى بعيدة عن هذا الصراع، ولكنها تترك المجال مفتوحا أمام من يريد أن يتناول مثل هذه الظواهر.

أرقام مغلوطة

ونبه المتحدث ذاته، إلى أن الأرقام التي تأتي بها هذه الدراسات أو استطلاعات رأي أغلبها مغلوطة ولا تعبر عن آراء المغاربة ولا تمثل كافة المجتمع، مشيرا إلى أنه حتى في الإحصائيات الرسمية هامش الخطأ وارد، لذلك، فبحسبه لا يمكن أن نستكين أو نُقر بهذه الأرقام نهائيا، لأننا، يضيف الشعباني، “لا نعرف كيف يتم اختيار العينات ولا نعرف ما هي الدوافع التي جعلت أولئك الذين يبحثون في هذه المواضيع، ومن دفعهم الى البحث في هذا الموضوع، هذه كلها إشكاليات منهجية صارمة يجب أن يتم التقيد بها وهو ما يغيب عن هذه الدراسات للأسف الشديد”.

وقال إن الرهان اليوم، هو أن نبحث عما يمكن أن يساهم في تماسك المجتمع وفي تقويته وبنائه على أسس متينة، وهذه الأسس، يضيف الشعباني، هي ثوابت وهي ثقافة وهي دين وهي أخلاق وهي عادات وتقاليد اجتماعية التي عاش عليها هذا المجتمع منذ أن بدأنا نتحدث عن الأمة المغربية أو المجتمع المغربي.

وحول الآليات لضمان نزاهة جمع المعلومات والآراء من المواطنين، اعتبر الشعباني، أن الأمر مرتبط بالجهات التي تقوم بهذه الأبحاث، متسائلا هل لدينا مؤسسات لاستقصاء الآراء؟ فهي غير موجودة، إذن، يضيف الشعباني، “المسائل تبقى على عواهنها وكل من أراد أن يبحث في الظواهر التي تثير الجدل واللغط يُقْدِم علينا”.

 انطباعات وأحكام مسبقة ومجحفة

لكن، يستدرك الشعباني، هناك مؤسسات نثق فيها في بعض الجامعات، حيث هناك بعض الأكاديميين النزهاء وبعض الباحثين الذين يتوخون النزاهة والموضوعية، مبينا أن قواعد النزاهة والموضوعية هي موجودة في كل العلوم حتى في العلوم الإنسانية، مشيرا إلى أن إميل دوركايم الذي عندما وضع كتاب “قواعد المنهج في علم الاجتماع” لم يكن يمزح، لأن هناك ظواهر اجتماعية وجب التقيد عند دراستها بالقواعد والمناهج والصرامة.

وأيضا، يستطرد الشعباني، الابتعاد كل البعد عن الذاتية والانسلاخ عن الذات وعن الأفكار المسبقة، والتعامل مع المعلومات بصرامة وبقواعد المنهج، إذا أردنا أن نصل الى تحليل وتفسير وضبط الظواهر الاجتماعية التي نخضعها الى الدراسة دون ذلك لا يمكن أن نثق في أي دراسة كانت يؤكد المتحدث ذاته.

لذلك، فبحسبه، هناك الكثير من الانطباعات والأحكام المسبقة والمجحفة حول بعض الظواهر التي تبقى بعيدة كل البعد عن النزاهة العلمية والتجرد من الذاتية والأفكار المسبقة والمغرضة التي تريد أن تصل الى حقائق تسعى اليها في الآجل أو في العاجل.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.