العنف بالجامعة.. “عقيدة يسارية”؟

عاشت الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية مؤخرا على صفيح ساخن، بسبب الفوضى التي خلفها التيار اليساري المحسوب على “البرنامج المرحلي”، وذلك بإقدامه على إشهار السيف في وجه الطلبة أثناء ندوة أشرف على تنظيمها فرع منظمة التجديد الطلابي بالكلية ذاتها. هذا الفصيل الذي يؤمن بأن العنف أداة من أدوات الإقناع كما يقول لينين قد حول الجامعة  من مشتل  للعلم والثقافة والحوار إلى ساحة للعنف وإشهار السيوف.
في هذا السياق، يرى عبد الحفيظ اليونسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن ما وقع في الرشيدية هو نتيجة استمرار تواجد مكون طلابي ما يزال يؤمن بالعنف في التغيير ويحن إلى السنوات الماضية التي قطع معها العالم وليس فقط المغرب.
العقيدة ” الدموية”
وأوضح أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـpjd.ma، أن اليسار خصوصا ما يسمى بـ”البرنامج المرحلي” يؤمن بأن العلاقة مع الإسلاميين علاقة فيها الدماء والعنف، وأنها علاقة تمليها القطيعة الاجتماعية، معتقدين أن حسم الصراع مع الإسلاميين يجب أن يكون بالسيف والدم.
ولذلك يضيف اليونسي، فعملية نسف المحاضرة التي أشرف على تنظيمها مكون طلابي داخل الحرم الجامعي، هي عمل إجرامي بدرجة أولى، لأنه عرض حياة المواطنين والمواطنات للخطر من خلال حمل السلاح الأبيض في وجههم، فالتكييف القانوني لما قام به طلبة هذا الفصيل بالرشيدية  هو “تعريض المواطنين والمواطنات للخطر وهو ما يعاقب عليه القانون الجنائي المغربي”، يقول المتحدث ذاته.
واستطرد اليونسي، أن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو من المسؤول عن عدم إنفاذ القانون على مثل هذه الممارسات، لذلك يشدد المتحدث ذاته، على ضرورة تغيير المقاربة التي تقارب بها مؤسسات الدولة العنف داخل المؤسسات الجامعية، لأنه ليس عنفا فصائليا من خلاله تحقق الدولة أو من يظن ذلك تحقيق مآرب بأن تبقى  الحركة الطلابية مشتتة وتعيش على الصراع الى غير ذلك.
ولكن في الحقيقة، يؤكد المتحدث، الأمر اختلف كثيرا على ما كان عليه سابقا، فالأمر هنا  يتعلق بعصابة إجرامية تعمل داخل الجامعة وتمارس العنف ليس فقط على الإسلاميين بل تمارسه على الأساتذة والطلبة غير المنتمين وتمارسه على الإدارة، ولازالت تقوم بوسائل بدائية من قبيل محاكمة الطلبة وكأننا دولة داخل دولة يقول اليونسي.
ما الحل؟
وعليه فإن الخلاف حسب اليونسي وارد، ولكن لا يجب أن يتطور الى التصفية الجسدية، مستشهدا بالطلاب الذين قضوا بسبب العنف داخل الحرم الجامعي آخرهم الطالب الحسناوي عبد الرحيم الذي ينتمي إلى منظمة التجديد الطلابي.
وخلص أستاذ العلوم السياسية، إلى أنه من أجل محاصرة هذه العصابة الاجرامية داخل الجامعة يقتضي الأمر ثلاث مقاربات، تتعلق الأولى بإنفاذ القانون والتعامل مع من يقوم بهذه الجنايات أو الجنح وفق مقتضيات القانون الجنائي، ومعاقبته من خلال المؤسسات الضبطية والقضائية.
في حين تتعلق المقاربة الثانية حسب اليونسب  بفتح الحوار مع مثل هذه المكونات خصوصا من طرف بعض الشخصيات اليسارية الوطنية من أجل الدفع بهؤلاء لتغيير العقيدة الدموية التي يؤمنون بها، مبينا أنه في كل الحالات الحوار لا بد أن يبقى مع المتطرف والدموي ومن لا يؤمن بالحوار، فدائما الحوار يجب أن يبقى كآلية من آليات التواصل.وأردف “قد لا يتحاورون مع الإسلاميين ولا مع الدولة ولكن هناك شخصيات يسارية وطنية لديها مصداقية يمكنها أن تدفع هؤلاء إلى تغيير منطقهم الدموي، لأنه في الحقيقة هذه مراهقة نضالية، ومن مر بالجامعة يعرف ذلك وأن هؤلاء الطلبة الذين يواجهونهم هم طلبة عزل فقراء ولا ينتمون إلى ما يسمون بالطبقة الفوقية أو من يملك رأس المال أو من يستغل فائض القيمة، فهؤلاء طلبة بسطاء عاديون فلا بد من التعامل معهم بما يليق بهم كطلبة”.

وإلى جانب هذه المقاربات، أكد اليونسي على مقاربة تفعيل الهياكل داخل الجامعة من خلال العمل التدبيري الذي تقوم به هذه المؤسسات في مواجهة من يخرج عن النظام الداخلي والقوانين المسطرة داخل الجامعات.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.