إبراهيمي يكتب: أخيرا تم رفع “الفيتو” عن التغطية الصحية

مصطفى إبراهيمي

بعد إزاحة حكومة “المصباح”.. أخيرا تم رفع “الفيتو” عن التغطية الصحية لبعض المهن الحرة و المستقلين

بتاريخ 17 نوفمبر2021  وضع عزيز أخنوش  رئيس الحكومة  توقيعه على مراسيم مجموعة من الفئات للاستفادة من التغطية الصحية ومنهم التجار المعنيين  بالمساهمة المهنية الموحدة  والمقاولون الذاتيون، الأطباء، جراحو الاسنان، الصيادلة الموثقون، مع إحداث “اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية” على أن  تبتدئ “مبدئيا” الاستفادة من شهر يناير 2022 لأصحاب المساهمة الموحدة وابتداء من شهر مارس للمقاولين الذاتيين، وبالمقابل لم يتم تحديد أي آجال للبدء في خدمات التكفل والتعويض عن العلاجات بالنسبة للأطباء والموثقين والصيادلة. أما الفلاحون وعددهم مليون 600 ألف فلا حديث عن بدء تسجيلهم بالضمان الاجتماعي  خلال  سنة  2021  فبالأحرى الاستفادة من العلاجات و التعويض عنها .

وقد حضي هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة، وإذا كنا نقر بالأهمية البالغة لورش التغطية الصحية الشاملة فإننا نبدي الملاحظات التالية:

متى بدء تعميم التغطية الصحية لغير الأجراء والموظفين؟

 إن هذا الورش وبتوجيهات ملكية،  بدء مع حكومة عبد الإله ابن كيران:

  • سنة 2012  بالإعلان عن تعميم نظام المساعدة الطبية من القصر الملكي بالدار البيضاء.
  • ثم صادق المجلس الحكومي  في يناير 2016 على مجموعة من مشاريع القوانين وتم إيداعها بالبرلمان ومنها التغطية الصحية للمهن الحرة والمستقلين والوالدين وللطلبة، والمهاجرين المقيمين بالمغرب. بحيث دخلت حيز التنفيذ بالنسبة للطلبة والمهاجرين  الذين بدأوا بالاستفادة من خدماتها منذ 2016  بالمجان .

متى انطلق مسلسل عرقلة هذا الورش، الذي لن يرى النور إلا بعد إغلاق قوس العدالة والتنمية ؟

بدأت عرقلة  قوانين المهن الحرة و المستقلين والتغطية الصحية للوالدين بمجلس المستشارين، وقد أمضت هذه الأخيرة سنتين داخل البرلمان للتصويت عليها وخاصة القانونين 98 15 و 99 15  المتعلقين بالتغطية الصحية و التقاعد للمهن الحرة و المستقلين ، و التي لم يصادق عليها إلا  في عهد حكومة سعد العثماني بالتتالي في يونيو ونوفمبر 2017. هذه الأخيرة أصدرت جميع النصوص التنظيمية للقانونين المذكورين  باستثناء نص واحد  الذي يحدد الدخل الجزافي لكل فئة مهنية على حدا  (تجار، فلاحون، صناع تقليديون، السائقون، أطباء، موثقون…) لارتباطه بالمشاورات مع المهنيين و CNSS.

وهنا سينبري الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS  ليكمل مهمة العرقلة التي ابتدأت حتى قبل البرلمان، و ذلك بتصلبه في المشاورات التي كانت القطاعات الحكومية قد بدأتها مع المهنيين المعنيين التابعين لها (باستثناء قطاع الفلاحة  الذي لم يجر اية مشاورات مع الفلاحين  منذ سنة 2017 ) وذلك بالرفع من قيمة الاشتراكات التي أراد صندوق الضمان الاجتماعي فرضها حيث بلغت  بالنسبة لبعض الفئات:  13 مرة الحد الأدنى للأجر  كدخل جزافي  مضروب في 6،37%   “13 x Smig x 6,37 %”  أي أن الانخراط يصل إلى  2400 درهم في الشهر!!  بدعوى الحفاظ على التوازنات المالية للصندوق.

الشيء الذي أوقف المشاورات مع المهنيين في العديد من القطاعات ، و لم تستأنف إلا  بعد المصادقة على القانون الإطار 21 09  و التوقيع أمام جلالة الملك بالقصر الملكي  بفاس  ( أبريل 2021 ) على 3 اتفاقيات للحماية الاجتماعية.

 و مع دنو موعد 8  شتنبر، انطلقت الوعود انتخابية  ومنها “البطاقة الذكية” و انخفضت فجأة شروط الخزيرات ل CNSS   من 13 مرة إلى 2 و 3 مرات الحد الأدنى !!.

      ما سبب حرمان الخاضعين للمساهمة المهنية الموحدة من التغطية الصحية  و المهن الحرة الأخرى خلال هذه السنة 2021 ؟؟

 فيما خصصت حكومة سعد العثماني برسم قانون المالية2021:  4،2 مليار درهم  للتغطية الصحية للتجار و الحرفيين المعنيين بالمساهمة المهنية الموحدة ، و أدى  حوالي 80 % من هؤلاء المهنيين اشتراكاتهم  للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي  ، و تم تعديل قانون 98 و 99  15  لخفض آجال البدء في حق الاستفادة بعد الانخراط من 6 أشهر إلى شهر واحد ،

إلا أنهم   منعوا  من  حق الاستفادة ضدا على القانون  خلال سنة  2021  و تم تأجيل البدء في الاستفادة إلى ما بعد  8 من شتنبر !!؟ . من خلال  عرقلة إصدار المراسيم  من طرف العديد من المتدخلين  بالرغم من الاتفاق الحكومة السابقة  مع مجموعة من المهنيين  على الدخول الجزافية و منهم :

  • الأشخاص الخاضعون لنظام المساهمة المهنية الموحدة أو لنظام المقاول الذاتي والذين يبلغ عددهم :                                                   800000 شخصا ؛
  • التجار والصناع التقليديون الذين يمسكون نظام المحاسبة :    50000    شخصا؛
  • الأطباء والأطباء الاختصاصيون :                                  12000     شخصا.
  • أطباء الأسنان :                                                   5600      شخصا ؛
  • الصيادلة :                                                        11.800    شخصا؛
  • العاملون في المهن الشبه الطبية :                               20000    شخصا  ؛
  • الموثقون :                                                        2000      شخصا.
  • سائقو سيارة الأجرة :                                           180000 شخصا ؛
  • الفنانون :                                                        2000     شخصا ؛

هذه المراسيم التي أجلت إلى 17 نوفمبر 2021 ليضع عليها رئيس الحكومة  الحالي توقيعه دون عناء أو مشقة  ، و تطوعت CNSS  للبدء في العمل 24 ساعة بعد التوقيع عيها !!

أما في ما يتعلق  بآلية  حكامة التغطية الاجتماعية تؤجل هي الأخرى  إلى حين تنصيب حكومة  الكفاءات  :   

  إن إحداث آلية للقيادة  للتغطية الصحية الأساسية  كانت في عهد حكومة بنكيران بموجب منشور السيد رئيس الحكومة رقم 2013/13 بتاريخ 4 أكتوبر 2013 ،

و تم توسيعها لتشمل الحماية الاجتماعية في عهد حكومة سعد الدين العثماني ، بحيث ترأس هذا الأخير  يوم الأربعاء 12 شتنبر 2018 ،الاجتماع الأول للجنة الوزارية لقيادة إصلاح وحكامة منظومة الحماية الاجتماعية .

 وبعد إصدار القانون الإطار الذي تم تقديم خطوطه العريضة بين يدي جلالة الملك خلال المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 11 فبراير 2021، وصادق عليه مجلسا البرلمان ،  تم تحضير النص التنظيمي الوارد بالمادة  16 لتتبع وتنفيذ الحماية الاجتماعية ، و المتعلق ب  «اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية» في  الحكومة  السابقة  ،  إلا أن المرسوم التطبيقي  سيؤجل  بدوره إلى حين  تنصيب الحكومة الجديدة  ليضع السيد أخنوش توقيعه عليه.

بالمختصر المفيد  رفع الحصار:

نحن أمام ” بلوكاج ” متكامل الأضلاع  لمشروع التغطية الصحية و  الحماية الاجتماعية الذي اشتغلت عليه حكومتا العدالة و التنمية  السابقتين منذ سنة 2016  من ترسانة قانونية و تنظيمية  و مؤسساتية  و مالية ،و  مفاوضات طويلة و شاقة مع المهنيين و مع  الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، لتمنح على طبق من ذهب  لحكومة الكفاءات  التي لم يكلف رئيسها  قطاع الفلاحة حين كان يسيره عناء المشاورات مع  ممثلي الفلاحين و عددهم مليون و 600 ألف فلاح ،  ليوفر لهم التغطية الصحية على غرار باقي القطاعات الوزارية .

و ستؤجل الأجندة  التغطية الصحية ، التي كانت  محددة  لتنزيل  اتفاقيات فاس للمهن الحرة و المستقلين من سنة  2021 التي لم يستفد خلالها  أي أحد  ، بمن فيهم  المؤمنون الذين أدوا اشتراكاتهم  في إطار المساهمة المهنية الموحدة  من التجار و غيرهم ، إلى سنة  2022 في أحسن الأحوال .لينضاف هذا الإخلال بالاتزامات  إلى مجموعة من الإخلالات المتراكمة في حصيلة 50 يوم الأولى لهذه الحكومة .

فلا نملك إلا أن نهنئ هذه الحكومة – التي تريد أن تحمد على ما لم تفعل-

على جني ثمار حصاد حكومات منعت من جنيه.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.