عدم ثقة الشباب في السياسة والسياسيين.. محاولة للفهم !!

أظهرت معطيات كشف عنها تقرير حديث للمرصد الوطني للتنمية البشرية بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن ثقة الشباب المغربي في المؤسسات السياسية منخفضة جدا، سواء إزاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أو الأحزاب السياسية، حيث أشار إلى أن 72 في المائة من الشباب ثقتهم ضئيلة اتجاه الحكومة، و73 في المائة بالنسبة للبرلمان، بينما نسبة عدم الثقة في الأحزاب السياسية تصل إلى 78 في المائة.

في تعليقه على هذا التقرير، أفاد رضا بوكمازي عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن تراجع ثقة الشباب في المؤسسات السياسية سواء الحكومة أو البرلمان أو المؤسسات الحزبية، مرتبط أساسا بإرادة خفية موجودة تشتغل على تشويه العمل السياسي وتشويه صورة الفاعل السياسي، وتقديمه بأنه ذلك الانسان الانتهازي الذي يجعل من تدبير الشأن العام مدخلا لتطوير مصالحه الخاصة.

 وهذا الأمر يضيف بوكمازي في تصريح لـpjd.ma، حتى نكون موضوعيين في حقيقة الأمر موجود على مستوى الممارسة السياسية، حيث هناك عددا من ممارسات  بعض السياسيين ترتهن للاستفادة الخاصة وتتتلبس بتضارب المصالح، واستدرك قائلا” لكن هذا الأمر لا يعني أنه لا يوجد فاعلون سياسيون يؤمنون بفكرة الإصلاح وبفكرة أنه لا بديل عن مؤسسات سياسية ومؤسسات الوساطة الاجتماعية ومؤسسات تمثيلية حائزة على شرعية التمثيل الشعبي باعتبارها المدخل الوحيد لممارسة السلطة”.

وشدد على أن الجميع مطالب اليوم بالاشتغال على محاربة مثل هذه الممارسات سواء تلك التي يقوم بها بعض  السياسيين أثناء تحملهم المسؤولية تدبير الشأن العام، وأيضا محاربة الإرادة التي تركز على تكريس صورة نمطية سلبية  عن الفاعل السياسي، عبر العمل الذي تقوم به وسائل التنشئة الاجتماعية التي للأسف لم تعد تقوم بدورها الإيجابي اتجاه المؤسسات السياسية.

ونبه المتحدث ذاته، إلى دور بعض وسائل الاعلام في تكريس الصورة السلبية للمشاركة السياسية والمؤسسات المنتخبة وأثرها على المجتمع وعلى الدولة، حيث تُظهر كل ما يأتي من السياسيين غير مفيد وغير إيجابي، بالمقابل ما يأتي من دوائر أخرى  له أثر  إيجابي على الحياة العامة وعلى الحياة السياسية خاصة.

هذه الصورة النمطية التي يُراد تكريسها يؤكد بوكمازي، هي في الحقيقة لا تفيد لا الديمقراطية ولا التنمية ولا تطور المؤسسات، مبرزا أن تطور المؤسسات رهين بمدى ثقة المجتمع فيها ومدى انخراط المجتمع في القرارات الصادرة عن تلك المؤسسات.

ويرى بوكمازي، أن الخطاب السياسي لجزء من النخب الحزبية يؤثر بشكل سلبي على مستوى تعزيز ثقة الشباب في السياسة وعلى مستوى ثقتهم في الأحزاب السياسية، لوجود حالة  من  “اللاانسجام ” بين الخطاب والممارسة، حيث هناك عددا من الفاعلين الحزبيين يقولون كلاما ولكن ممارستهم السياسية على النقيض من ذلك.

وأضاف أن عددا من الوعود التي تطلقها بعض الأحزاب السياسية إبان الحمالات الانتخابية أو في بعض المحافل الانتخابية هي وعود غير واقعية وغير قابلة للتحقق، ومن شأنها أن تضعف الثقة لدى الشباب ولدى عموم المواطنين خاصة بعد اختبارها في أول فرصة يتحمل فيها هذا الفاعل السياسي مسؤولية التدبير، مستشهدا في هذا الصدد بالوعود التي أُعطيت بسخاء لأطر التعليم والمتعلقة بالزيادات التي هي في حقيقة الأمر غير واقعية وصعبة التحقق، لأنه من ينظر إلى حجم الإكراهات المرتبطة بتدبير الشأن العام وبتدبير الميزانية العمومية سيعرف منذ البداية أنها وعود كاذبة وغير واقعية ولا تقبل بأي شكل من الأشكال التحقق. يقول بوكمازي.

وحول الآليات التي يمكن الاشتغال عليها لإرجاع ثقة الشباب في العمل السياسي، يرى المتحدث ذاته، ضرورة أن تعبر المؤسسات السياسية عن الإرادة الحقيقية للشعب، أي أن تكون نابعة عن انتخابات حرة ونزيهة ومستقلة ولم يتم التلاعب فيها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

 وأردف أنه لا يمكن لإنسان لم يساهم في صناعة المؤسسات التي تقوم بتدبير الشأن العام أن يثق فيها، وهو يعلم الآليات والمسالك التي سلكها الفاعل الحزبي للوصول الى تلك المؤسسات سواء الجماعة أو البرلمان أو الحكومة.

واعتبر عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، عنصر دمقرطة المشهد السياسي  الانتخابات النزيهة والشفافة المدخل الوحيد لتحمل المسؤولية السياسية، مؤكدا أن هذا العنصر كفيل بإرجاع الثقة في السياسة وانخراط الشباب فيها.

ودعا في هذا الصدد، إلى تجديد النخب السياسية وأن  يكون فيها للمواطن الدور الكبير والقدرة على التأثير في تجديد النخب، والمشاركة في القرار العمومي، كما أن مقاومة مظاهر الفساد والإثراء عبر السياسة وتدبير الشأن العام، من شأنها أن تسهم في ارجاع الثقة في السياسة، مضيفا “لما يحس المواطن أنه ليست هناك إرادة في المساءلة وردع هذه النماذج الفاسدة التي استطاعت أن تراكم الثروات من خلال الممارسة السياسية، والتي تؤكد فعلا الصورة النمطية التي يراد صنعها على الفاعل السياسي، يعزف عن السياسة”.

هذه الآليات يؤكد بوكمازي، من شأنها أن تساهم في حل الأمر وهذا مرتبط بحسبه بالإرادة الحقيقية للفاعلين المؤسساتيين والسياسيين من أجل مواجهة الأسباب الذاتية والموضوعية التي تمس بالثقة في الفاعل السياسي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.