أسندال يكتب: الحكومة الضائعة وتدهور موشرات الأداء الاقتصادي

علي أسندال

كنا ننتظر من حكومة الكفاءات ان تتفتق عبقريتها وتظهر بعض الكفاءة في برامج ناجعة وذات اثر ايجابي على الاقتصاد.

لكن ما خرج إلى الوجود بعيد كل البعد عن الكفاءة، ولا يمكن تصنيفه حتى في خانة الهواية . فكل من اسندت لهم حقائب المسؤولية ليس بينهم وبين الكفاءة والسياسة إلا الخير والاحسان. وقد ابانت هذه المدة القصيرة من التدبير الحكومي الفروق الشاسعة بين حكومة العدالة والتنمية ووزرائها، وبين حكومة مسار الثقة و وزرائها.

لقد تعود المواطن على سقف محدد لتقييم الأداء الحكومي، وكانت الآمال عريضة ،لكنه خاب امل الكثيرين من تدني اداء المسؤولين الحكوميين وعجزهم عن منافسة سابقيهم وبلوغ جزء قليل من أدائهم.

اول الفروق بين الحكومة السابقة وحكومة مسار الثقة هو تحمل المسؤولية السياسية، التي تقتضي على من يتولى تدبير الشأن العام ان تكون عينه على لوحة قيادة البلاد والعمل على مراقبة مؤشرات الأمان وعدم تجاهلها من خلال الاسراع إلى ايجاد حلول مناسبة قبل تفاقم الوضع.

الحكومة التي تتحمل المسؤولية تكون عينها على مؤشرات الأداء وليس قيادة سفينة  الحكومة دون اكتراث.

اول هذه المؤشرات: نسبة عجز الميزانية والمديونية

هذه النسبة كلما كانت  كبيرة فهذا يعني ان قدرة الدولة على الأداء تكون محدودة بمعني ان كل الناتج الداخلي  الوطني يذهب إلى أداء الديون سواء كانت داخلية او خارجية.وهكذا فقد بلغ معدل الدين للخزينة حوالي 74٪من الناتج الداخلي الاجمالي. كما بلغت نسبة الدين العمومي حوالي 94٪من الناتج الاجمالي. فهذه النسب مخيفة وتوشر على ان الانتاج الاجمالي يذهب لتغطية الديون.

اما عجز الميزانية فقد تفاقم بشكل كبير  رغم ارتفاع في المداخيل وهو يراوح ارقاما قياسية10٪ بعد ان كان في السابق في حدود مقبولة.

 ثانيها: نسبة التضخم

وهذا مؤشر مهم ايضا مرتبط بالقدرة الشرائية للمواطن، فالتضخم كلما ارتفعت نسبته كلما فقدت النقود قيمتها وانخفضت بذلك القدرة الشرائية للمواطن.

وقد بلغت هذه النسبة في ظل هذه الحكومة ارقاما قياسية تقارب الخمسة في المائة في الوقت الذي كانت في السابق لاتتعدى واحد ونصف في المائة.وهنا نتساءل اين خبراء ومستشاري رئيس الحكومة  من اجل اقتراح إجراءات لتقليص نسبة التضخم.

ثالثا: نسبة النمو

هذا مؤشر اخر يبين مدى انفتاح الاقتصاد وتطور الانشطة الاقتصادية والاقلاع الاقتصادي وما يوفره هذا المؤشر من خلق مناصب الشغل وتحريك الدورة الاقتصادية. لقد ورثت الحكومة نسبة نمو قياسية تقارب السبعة في المائة، بالاضافة إلى مراتب جيدة على صعيد مؤشرات مناخ الاعمال وجذب الاستثمار والتصدير.كما ورثت ارتفاع نسبة الطلب الموجه نحو المغرب بتسعة في المائة وانتعاشا للصادرات بعد التعافي من تبعات مرحلة الاغلاق بسبب الجائحة. كما ان نسبة النمو في منطقة الاورو تقارب أربعة نقط. لكن هذا المؤشر تدهور إلى أدنى مستوى خلال هذا المدة إلى درجة اقل من واحد في المائة.

رابعا: نسبة الاحتياطي من العملة الصعبة

يعتبر هذا المؤشر ايضا قدرة الدولة على تغطية مشترياتها الخارجية بالعلمة الصعبة، وهو ما تملكه الدولة من عملة صعبة والمدة التي يمكن ان يغطيها هذا الاحتياطي. لقد ورثت هذه الحكومة ما يقارب سبعة  أشهر من الاحتياطي من هذه العملة، لكنه تآكل بسرعة قياسية في ظرف اقل من سنة ليتقلص إلى اقل من ستة اشهر وهو في تدهور مستمر.

هذا التدهور الكبير في هذه المؤشرات رغم  نمو ملحوظ لمداخيل الدولة من الضرائب وتحويلات المغاربة بالخارج  وانتعاش كبير لاسعار المواد الاولية وخاصة الفوسفاط بالاضافة الى الانشطة التجارية ومداخيل السياحة والنقل بعد ان كانت هذه القطاعات شبه متوقفة.

خامسا: مبلغ الاستثمار العمومي

تعتبر ميزانية الاستثمار محركا مهما للدورة الاقتصادية من خلال تنشيط الطلب الداخلي وتوفير مناصب الشغل، حيث بلغ الحجم الاجمالي للاستثمار العمومي سنة 2021 حوالي 230مليار درهم، في حين تدهورت إلى النصف مع هذه الحكومة فكيف سيتم خلق مناصب الشغل الموعودة ياترى؟

سادسا: نسبة البطالة

كانت نسبة البطالة في حدود 10٪ في 2021، وامام الوعود الكاذبة تفاقمت اعداد العاطلين لتبلغ 13٪ في ظل تقليص مناصب الشغل في ميزانية الدولة وكذا في برامج التشغيل المرتبطة بالاستثمار والمؤسسات العمومية.

الظاهر ان قائد سفينة الحكومة نسي ان عينيه يجب ان لا تغفل عن لوحة القيادة وفريق مستشاريه الذين اوكل لهم مهمة التَوجيه والاستشارة ، لاتحمل لهم هذه المؤشرات اي معنى. وهنا الفرق الكبير بين الحكومة السياسية المسؤولة وبين حكومة الفرص.

كما أن هناك فرق بين رئيس حكومة مسؤول همه الحفاظ على مؤشرات الأداء الاقتصادي والمالي للدولة وبين رئيس حكومة كل همه هو تنمية مؤشرات اسهم شركاته وشركات انصاره،ولا يضيره ان يصنف المغرب في المراتب الاخيرة من سلم التنمية إلى جانب اليمن وسوريا والدول التي تعرف الحروب وعدم الاستقرار، بعد ان كان ضمن المراتب الأولى في العالم العربي وعلى صعيد شمال افريقيا.

لقد بدأت اصوات كثيرة يمينا وشمالا تأسف لأيام خلت، أيام كان فيها ارضاء المواطن هو هدف السياسيات والبرامج الحكومية. اما اليوم فغاية جل البرامج الحكومية هو اقتناص الفرص الممكنة من الصفقات الحكومية وتوزيعها من اجل شراء الولاءات.

***الإحصائيات الواردة في هذا المقال مصدرها تقرير المندوبية السامية للتخطيط.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.