ماء العينيين تكتب: ابن كيران وحزبه ليسا حائطا قصيرا 

آمنة ماء العينين

في السياسة كما في الحياة، إذا طلبت من الناس احترامك فعليك احترامهم.
بعض السياسيين وجدوا الشجاعة المفتقدة  أخيرا، وعادوا يهاجمون ابن كيران وهم يظنون أنه وحزبه صاروا حائطا قصيرا، في الوقت الذي تغاضوا فيه بطريقة غير مفهومة عن  خطابات كانت سباقة بالإذاية ومحاولات الاستئساد الفاشلة.

ابن كيران وحزبه ليسوا الخصوم الحقيقيين للديمقراطيين والمناهضين للريع والفساد.

لسنا في حزب العدالة والتنمية ضد الإنتقاد والنصح، فنحن قوم نخطئ ونعترف بأخطائنا ونعتذر حين يجب الاعتذار، والنقد الداخلي بيننا معلوم ويتابعه الجميع، فنحن لم نختلف يوما بيننا لمصلحة أو موقع، لكننا اختلفنا حول الخط السياسي للحزب والمقاربات الواجب تبنيها لتدبير الإشكالات والإكراهات المعقدة التي واجهت الحزب وهو يساهم في تدبير الشأن العام.

ابن كيران مهما كانت الملاحظات التي يمكن أن توجه إليه- وقد أشار بالمناسبة في أكثر من مرة أن النقاش داخل الأمانة العامة للحزب ليس دائما سهلا في المنظور لتدبير المرحلة،  وأنه كما يسمع التأييد والدعم، يسمع أيضا الإنتقاد والرأي المخالف- يظل (أي ابن كيران) سياسيا شريفا ونزيها ومحترما، خرج من رئاسة الحكومة بنظافة يد ومصداقية مشهود بها، بالضبط كما خرج سعد الدين العثماني وقبلهما بعض رؤساء الحكومة المحترمين، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه زعيم سياسي ترك الإختيار السهل وهو يطل على السبعين من عمره ليستجيب لمؤتمر حزبه الذي حمله مسؤولية صعبة في مرحلة دقيقة في مسار الحزب بعد نتائج انتخابات الثامن من شتنبر، وهي شجاعة ووفاء وصمود يفرض الإحترام في حق رجل لم يعد لديه ما يسعى إليه في مساره الشخصي بعد أن مر من مواقع رئاسة الحكومة ورئاسة الحزب وعضوية البرلمان.
ابن كيران وحزبه اليوم في المعارضة، والإنتقاد والرقابة يجب أن يتوجها سياسيا وأخلاقيا لمن يدبرون الشأن العام، بالضبط كما تحمل حزبنا ومسؤولوه ومناضليه طيلة عشر سنوات وابلا مما تجاوز النقد المشروع بكثير.

وفي الأخير، نذكر أننا في الحزب غير مزعجين بتغييرنا بآخرين، فتلك سنة الحياة والسياسة (ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك)، وبذلك عدنا لوظائفنا وأعمالنا وحياتنا راضين مرتاحي الضمير لما قدمناه للوطن بنية صادقة مهما بلغ التقصير، إلا أننا منزعجون لكون من حلوا محلنا ليسوا بأفضل منا ولا حتى مثلنا، وهو ما يكشفه الحاضر ويزيد المستقبل في كشفه.

كنا نتمنى أن يتم تجديد دماء المؤسسات بأطر تتسم بالكفاءة والنزاهة، كنا نتمنى أن يحل محلنا شباب يسعى لخدمة الوطن حتى وإن قلت تجربته السياسية – لا ضير-
لكن الواقع يقول أن الوجوه التي عادت هي وجوه عافتها السياسة وقرفت منها المؤسسات، وجوه احترفت السمسرة في الانتخابات والاغتناء من السياسة، وجوه متابعة بمختلف جرائم الأموال، وجوه لا تحمل شيئا لهذا الوطن:  لا سياسة، لا تواصل، لا خطاب، لا فكرة، لا موقف، لا مبدأ، لا حضور، لا التزام، لا تورع عن المال العام…

ومع ذلك واثقون أن المستقبل سيحمل الخير لهذا البلد وهذا الشعب لكونهما لا يستحقان إلا خيرا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.