قربال يكتب: الصحراء المغربية

نورالدين قربال

الصحراء المغربية على المستوى الأممي

إن ما تم إنجازه من قبل المملكة المغربية على المستوى الأممي يؤكد على أن التقدم الذي حققته قضيتنا الأولى الصحراء المغربية جعل النظام الجزائري المشاغب يصاب بالحمق السياسي، وعندما دخل هذا النظام المتخلف في العداء المجاني للمغرب ضد التيار الأممي سقط في تصرفات حمقاء. وللأسف المتضرر من هذا الحمق القيادي هو الشعب الجزائري. وما وقع في الألعاب المتوسطية وصمة عار للنظام الجزائري الذي لا يميز بين تحيات العلم للأمم. أما طرد الوفد الصحفي المغربي من متابعة الألعاب كارثة حقوقية وأخلاقية بكل المقاييس. وعندما تجرأ الدبلوماسي الجزائري على المغرب في جلسة بالأمم المتحدة رد عليه ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك السيد عمر هلال كعادته مما جعل مجلس الأمن ينشر رده القيم والمقنع، ترى على ماذا ركز السيد السفير المقتدر؟

-تورط النظام الجزائري في تمويل وتدريب العناصر المتطرفة، والعنف ضد الأبرياء ودعم الحركات الانفصالية.

-تحريض النظام الجزائري على القتل والتجنيد العسكري للأطفال، والاعتداء على ممتلكات الغير مما يخالف ميثاق منظمة الأمم المتحدة المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الجيل الأول الذي وقعت عليه الدولة الجزائرية.

-تورط النظام الجزائري بالملموس في خلق هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية منذ 1975 والذي دحض كل أطروحاته السيد عمر هلال بالأدلة التاريخية والدبلوماسية، المثبتة لدى أرشيف الأمم المتحدة مما أثار الجميع وجعل السفير الجزائري يبقى منبهرا أمام هذه الأدلة الحقيقية.

-النظام الجزائري ليس مراقبا كما يدعي بل طرفا رئيسيا ولذلك أصبح ذكره واردا عدة مرات في تقارير الأمم المتحدة الأخيرة المتعلقة بالصحراء المغربية.

-حضور النظام الجزائري في الموائد المستديرة مؤشر على ما سبق لذلك تحاول اليوم عرقلة هذه الموائد لكن الممثل الأممي الجديد حريص عليها.

-عرقلة العملية السياسية لقضية الصحراء المغربية مما جعل ردود الحاضرين مستغربة من هذا الخيار الجزائري الذي يورطها في أنها عنصر مركزي في هذا الصراع المفتعل.

-رفض الأمم المتحدة اقتراح النظام الجزائري الداعي إلى جعل المينورسو مشرفا على حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، مشيدة بدور لجان المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وهذا يفسر الثقة الأممية في مؤسسات المملكة المغربية.

-تبيان جهل السفير الجزائري بمهمة المينورسو والمتجلية في الإشراف على وقف إطلاق النار بناء على القرار الأممي لسنة 1991.

-تذكير السفير الجزائري بقلق الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية من الوضعية الحقوقية بالجزائر، والقيود المتزايدة على الحريات الأساسية وتضاعف الاعتقالات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان بالجزائر، والمعارضين السياسيين والفاعلين المدنيين كما صرحت بذلك السيدة المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مارس 2022.

حقوق الإنسان بمخيمات تندوف

إن النظام الجزائري يقوم بعملية غير إنسانية تمس حقوق الإنسان وذلك بحجز مجموعة من الأبرياء داخل مخيمات تندوف. وقد أكد المنسق العام للمنشقين عن البوليساريو بأن الدبلوماسية المغربية أبلت البلاء الحسن في قضية الصحراء المغربية. وطرحت حلولا واقعية لهذا الصراع المفتعل. مشيرا إلى أن المتضرر من هذا الظلم هم الصحراويون المحتجزون. مؤكدا على جدية مشروع الحكم الذاتي. واصفا المخيمات بالجحيم الذي لا نهاية له.

إن جبهة البوليساريو لا تمثل إلا نفسها. ومن تم لابد من أخذ راي المنشقين عن الجبهة بعين الاعتبار، وهذه رسالة واضحة للسيد استيفان ديميستورا. المبعوث الشخصي للأمين العام. وأكد المنسق العام المحجوب السالك إلى بعث مراقبين دوليين مستقلين للمخيمات. وإعطاء الفرصة للصحراويين المحتجزين لاختيار ما يرونه صائبا وحلا لهذا النزاع المفتعل من قبل النظام الجزائري منذ 1974.

إن الحقيقة التي أصبحت بارزة للعيان بأن انتهاكات حقوق الإنسان داخل المخيمات أمر واقع. تحت إشراف النظام الجزائري. مع استحضار معاناة الساكنة في تلك المخيمات التي ينعدم فيها شروط العيش الكريم الذي يراعي آدمية الإنسان.

مشروع الحكم الذاتي والتوافق الدولي

إن مشروع الحكم الذاتي، في إطار الجهوية المتقدمة، والمشروع التنموي لأقاليمنا الجنوبية والمساحات المخصصة لها من خلال مضامين النموذج التنموي الجديد، كل هذا وغيره هو الذي طمأن الأغلبية الدولية بمصداقية الطرح المغربي، وتهافت الاقتراحات الوهمية لخصوم وحدتنا الترابية.

لقد قارن الخبير الإسباني خوان جوسيب بالبي بين مشروع الحكم الذاتي المتعلق بالصحراء المغربية، بتجربة الحكم الذاتي بجزر الكناري والذي انطلق منذ 1982. فمشروع الحكم الذاتي للصحراء المغربية يعطي اختصاصات تشريعية مهمة جهويا، إضافة إلى التشاركية مع الساكنة، والتمثيلية للنساء والشباب. واعتماد انتخابات الاقتراع العام، وضمان تمثيلية عادلة.

إنه يكرس مصداقية اللامركزية، وتوضيح العلاقة بين الجهة والمركز. وتبيان السلطة السياسية للجهة من خلال مضامين مشروع الحكم الذاتي. خاصة على المستويات التالية كما حددها الخبير الإسباني: الإدارة المحلية الترابية، والميزانية والضرائب ذات الأبعاد الترابية، والنقل والطاقة والبنيات التحتية، والبيئة والتعليم والصحة والصناعة وغيرها المرتبط بالتراب.

إن مشروع الحكم الذاتي ينص كذلك على سلطة تنفيذية، بمعنى حكومة جهوية لها رئيس. وأي اجتهاد تشريعي وتنفيذي أو قضائي أوترابي عامة يجب أن يخضع لرقابة دستورية. حتى لا يحصل التداخل بين المركزية والجهوية. وأكد الخبير الإسباني على إضافات تكميلية في أفق تحيين مشروع الحكم الذاتي.

إن مشروع الحكم الذاتي أصبح مطلبا لدول وخبراء ومنظمات وفاعلين كثر من أجل وضع حد لهذا الصراع المفتعل من قبل النظام الجزائري الفاشل والتفرغ لتحديات كبرى تعرفها المنطقة ككل تنموية وأمنية واجتماعية وبيئية وسياسية وغيرها، خاصة وأن الأمم المتحدة وصفته بالجدية والمصداقية والواقعية سنة 2007. ومنذ ذلك الحين والتقارير الأممية تثني على مشروع الحكم الذاتي لأنه لا حل غيره. وقد قورن هذا المشروع بأكثر من أربعين تجربة عالمية. ووقع الاقتناع بجدية ومصداقية وواقعية هذا المشروع رغم تراهات النظام الجزائري الذي مازال للأسف الشديد يسبح في الماء العكر. والذي يؤلمها هو أن ميزانية الدولة الجزائرية تفوق ميزانية المغرب بثلاث مرات، لكن رغم ذلك فالمغرب تقدم كثيرا على الجارة الجزائرية يكفي أن المغرب أول مستثمر على مستوى شمال وغرب إفريقيا وثاني مستثمر على المستوى الإفريقي رغم توفر الجزائر على الغاز والبترول ومواد أخرى. ونقول للنظام العسكري الجزائر إذا لم تستحي من الله فاصنع ما شئت. والله لا يصلح عمل المفسدين.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.