اسماعيل اكنكو يكتب: عزيز اخنوش وفوبيا البرلمان

اسماعيل اكنكو

يبدو أن السيد رئيس الحكومة عزيز اخنوش، لازال يعتقد أنه وزير الفلاحة، ولم يتأقلم بعد مع وضعه الجديد كرئيس للحكومة مطالب بالتواصل مع المواطنين  وتفهم اكراهاتهم، والسعي إلى تبديد سوء فهمهم لطبيعة اي إجراء حكومي، ناهيك عن ضرورة إحترام الدستور الذي يعد أسمى قانون تعاقد المغاربة على احترامه وتطبيقه بشكل سليم بما يعطي الانطباع داخليا وخارجيا على أننا أمة تحترم نفسها وتحتكم في خلافاتها إلى الدستور. 
لقد افرزت التجربة الدستورية منذ سنة 1962 اشكالا متعددة في إطار مقاربتها لطبيعة عمل المؤسسات ومن خلالها  السلط الثلاث حسب منطوق مختلف الدساتير، وسعت هذه الأخيرة إلى إبراز أهمية حضور رئيس الحكومة في مجلسي البرلمان ،وهو ما اقره دستور 2011 لاسيما الفصل 100 منه حيث يؤكد على ضرورة مثول رئيس الحكومة بشكل شهري في البرلمان بمجلسيه بغاية الحديث عن السياسة العامة، وزكاه في ذلك المجلس الدستوري في إحدى قراراته، حيث دافع على مثول رئيس الحكومة في كلا المجلسين، وهو إجراء ينم عن ممارسة قضائية دستورية سامية على الأشخاص تبرز رقي مؤسسات المغرب الدستورية وعدم خضوعها لأهواء الأفراد ونزواتهم. 
لقد مر على المصادقة على دستور 2011 ، إحدى عشرة سنة ،تعاقب فيها على رئاسة الحكومة شخصيتين سياسيتين من حزب واحد، استطاعتا ان تبصما على حضور سياسي وقانوني لابأس به في البرلمان، مع بعض التحفظات التي يمكن تسجيلها في إطار تناول كل مرحلة ،مرحلة، وبقدر طول هذه المدة من الممارسة البرلمانية الجديدة، بقدر خوف وهروب رئيس الحكومة من المثول امام البرلمان، بحيث لم يتجاوب مع ممثلي الأمة إلا في مناسبات معدودة على رؤوس الأصابع وبعد سجال وشنآن برلماني على الهواء مباشرة.
إن التفسير الوحيد الذي يمكن أن يقدم لهذا الخرق الدستوري الفضيع، هو قلة تجربة رئيس الحكومة في المجال السياسي بمعناه الحجاجي والتواصلي والخطابي، كما يعنى أيضا وجود رغبة لدى رئيس الحكومة ومعه الأغلبية العددية التي تسانده بوعي وبدونه ،في إفراغ البرلمان من محتواه ومهامه الرقابية/التشريعية وجعله غرفة تسجيل فقط،مع السعي إلى تحويل  البرلمانيين الى دمى تطأطئ الرؤوس وتغطي على فشل رئيس الحكومة على الصعيدين التدبيري والتواصلي.
بين هذا وذاك وأمام ضعف أداء المعارضة البرلمانية وعدم قدرتها على نقل سجالها الاسبوعي من قاعة الجلسات بالبرلمان إلى ردهات المحكمة الدستورية، وإلى منتديات النقاش العمومي بغاية فضح تغول الحكومة على حساب البرلمان، اعتقد أننا سنعيش فصولا طويلة من تحقير المؤسسات وتعطيل ادوارها الدستورية، وهو ما سيضعف التجربة الدستورية المغربية،ويعيدها إلى زمن الردة والنكوص. 
اسماعيل اكنكو، باحث في سلك الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية، جامعة محمد الخامس بالرباط.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.