بووانو يكتب: حكومة الجعجعة بلا طحين

عبد الله بووانو

يقتضي الانصاف منا، أن نشكر الحكومة، على تجاوبها مع بعض الإجراءات والمبادرات، التي اقترحناها في العدالة والتنمية، سواء ونحن اليوم في المعارضة، أو الإجراءات التي سبق لنا أن تقدمنا بها خلال الفترات السابقة.

حيث كشف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، خلال تدخله في اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، المنعقد يوم الأربعاء 27 يوليوز، أن الحكومة قررت تضريب الشركات الفاعلة في بعض القطاعات التي شهدت أرباحها ارتفاعا كبيرا طيلة فترة جائحة كوفيد 19، مما سيدر مداخيل مهمة على خزينة الدولة، يمكن إعادة التصرف فيها من خلال تمويل بعض البرامج التي نرجو أن تكون لها علاقة بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وتمويل الحماية الاجتماعية.

طبعا عندما نقترح في العدالة والتنمية، أي اجراء، لا يكون عندنا فيه المحدد هو الموقع، هل أغلبية أو معارضة، وإنما نقترح ما نراه يخدم الوطن والمواطنين، بكل مسؤولية وبكل واقعية، لأننا نعتبر أن دور الأحزاب السياسية الجادة ودور برلمانييها الذين يقدرون تمثيلية الشعب، هو المساهمة في إيجاد الحلول، وليس التنبيه للاشكالات وتشخيصها فقط.

عودة إلى ما وافقت عليه الحكومة، من إجراءات متعلقة بتضريب الشركات التي راكمت أرباحا كثيرة، واستفادت من أزمة كورونا، أو الأزمة الناتجة عن التحولات الجيوسياسية، وخاصة شركات المحرقات، وشركات التأمين وكذا الأبناك، فهذا الاجراء، سبق أن دافعنا عنه طيلة السنتين الماضيتين، وجددنا الدعوة إليه طيلة هذه السنة، لأنه ليس من المعقول، أن تحقق هذه الشركات أرباحا خيالية، في وقت يعاني فيه المواطنون، أو تعاني فيه المالية العمومية، خاصة أن هناك مقتضى دستوري نراه ملزما في تأطير مثل هذه الوضعية، وأقصد هنا الفصل 39 و40 من الدستور.

وقد شرحت بالأرقام هذا الاجراء، وأهميته في مداخلتي في اجتماع لجنة المالية ليوم 27 يوليوز، إلى جانب مواقف أخرى، وتساؤلات اضطررت لطرحا بسبب الارتباك الذي يطبع أداء الحكومة، ونهجها مقاربة لا تراعي معاناة المواطنين، ويبدو أن موضوع الكفاءة داخل الحكومة مجرد إشاعة أو فقاعة، وجعجعة بلا طحين.

أشرت في مداخلتي إلى التناقض والتضارب في الأرقام والمعطيات التي تقدمها الحكومة، وبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، في موضوع النمو والعجز والتضخم والمديونية، وقلت بان هذه المؤسسات مطلوب منها أن تنسق فيما بينها، لكي تحظى الأرقام بالمصداقية، كما تساءلت أين النموذج التنموي مما تقوم به هذه الحكومة، ومتى سيتم تنزيل وعود الزيادات التي تضمنتها برامج أحزاب الأغلبية وبرنامج حكومتهم، وكيف سيتم تنزيل القانون الإطار الخاص بالإصلاح الجبائي، وكيف سيتم إيجاد حل لمشكل تمويل برامج الحماية الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بمساهمة الفئات الفقيرة والمعوزة.

أرجو صادقا أن نجد في مشروع قانون المالية لسنة 2023، أجوبة عن هذه التساؤلات والاشكالات، وإن كنتُ متأكدا أن الحكومة عاجزة عن المبادرة وعن الابداع، بسبب الارتباك والترهل الذي سيرافقها، لأن أغلبيتها مفككة ولا وجود لانسجام بين مكوناته، والدليل على هذا هو الاجتماع موضوع هذه التدوينة، أي اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، وكل من حضره وتابعه، سيكون قد سجل أن نواب الأصالة والمعارضة، المكون الثاني في الحكومة، قالوا في الحكومة التي يشارك فيها حزبهم، ما لم يقله مالك في الخمر، بل إن مداخلاتهم وخطابهم كان أكثر تجذرا من خطاب المعارضة، والغريب أن بعضهم دعا إلى تعديل البرنامج الحكومي، ومنهم من دعا رئيس الحكومة والناطق الرسمي باسمها إلى التواصل مع المواطنين بكل وضوح وصراحة، مما يؤكد أن الحكومة وأغلبيتها تعيش أزمات مركبة، تجعل منها مجرد جزر متناثرة، شبيهه بلعبة puzzle التي ضاعت قطع كثيرة منها !!

غريب فعلا أمر هذه الحكومة، لا أحد يريد أن يتبناها ويدافع عنها إلا بعض “المؤلفة جيوبهم”، أو بعض الهامشيين الذين يسعون للارتقاء بالولاءات المغشوشة، أما السياسيين الحقيقيين فقد وضعوا مسافة معها، سواء المنتمين لأحزاب المعارضة، أو حتى المنتمين للأحزاب المشكلة لها… هذا يعني أن المشكل في شخص واحد ربما، وفي مقاربة زواج المال والسلطة بدون شك !!

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.