محمد عصام يكتب: لماذا يستهدفون العدالة والتنمية؟

محمد عصام

تعرض حزب العدالة والتنمية لهجوم صاخب و”نيران غبية ” على خلفية تفاعله مع بلاغ وزارة الخارجية بخصوص الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، ووصل الأمر بالبعض إلى التشكيك في وطنية الحزب واتهامه بالولاء لجهات خارجية أو على الأقل خدمة أجندات غير وطنية، وعاد البعض إلى لعبته المفضلة المتمثلة في محاولة الوقيعة بين الحزب والمؤسسة الملكية ، والدفع بدفوعات “مهترئة ” في هذا الباب أكل عليها الدهر وشرب. 
الملاحظة الأولى على هذه الأبواق التي تطوعت أو امتثلت لجهات ما لشن هذه الهجمات على الحزب، وبتصفح للوجوه التي تولت كِبر هذه “الجعجعة التي بلا طحين”، أنها نفس الوجوه  والمنابر التي “سرطت ألسنتها الطويلة” طيلة اشتعال الحملة الرقمية المليونية المطالبة برحيل رئيس الحكومة على خلفية ارتفاع أسعار المحروقات وعدم انعكاس انخفاض أثمنتها في السوق الدولية على نظيرتها بالمغرب، إنها نفس الأقلام التي حاولت التشكيك في الحملة وشيطنتها قبل أن تلجأ إلى الصمت بعد أن تبين لها ولمن يمسك بزمامها، أن الأمر جد وليس بالهزل، وأن خسائر الخرجات “الشاردة للرد على الحملة، بالفداحة بمكان، فلا ملجأ ولا منجى إلى الاحتماء بالصمت. 
الملاحظة الثانية، تتعلق بالجواب عن سؤال مهم، لمصلحة من يتم الهجوم على الحزب بهذا الشكل العنيف، وبعبارات تكاد تتشابه وكأنها تُكتب من محبرة واحدة؟ 
والجواب بالنسبة لنا واضح تمام الوضوح، فالجهة المستفيدة من “كراء الحنك” هذا الذي يقوم به البعض، ليس إلا السلطوية التي يزعجها أن يتملك حزب سياسي قراره ويحميه بكل ما أوتي من قوة، وأن “يتمرد” على هذا التنميط الذي يحاول تكريس منطق “أولاد عبد الواحد كلهم واحد”. 
فبلاغ الخارجية ليس من المقدسات حتى يتم التشكيك في وطنية من يناقشه أو يعترض عليه، ومواقف المغرب الرسمي والشعبي كانت دائما وأبدا منحازة بلا تردد إلى عدالة قضية الشعب الفلسطيني، ومُدينة للعدوان والغطرسة الإسرائيلية بالقوة والوضوح اللازمين، وحزب العدالة والتنمية وهو يتفاعل مع بلاغ وزارة الخارجية، فهو ينحاز إلى هذا الرصيد الثابت من المواقف التاريخية التي لا يمكن أن يزايد أحد على الشعب المغربي بخصوصها. 
السلطوية تريد أحزابا تسبح بحمدها ولا تملك قرارها.. تدور مع السلطة حيث دارت، وتلتقط الإشارت منها، وتتموقع حيث يراد لها أن تتموقع..السلطوية تريد أن تفرغ السياسة من كل “معنى” يضمن لها جاذبيتها وجدوى وجودها أساسا.. 
السلطوية تنتعش في المجالات المتصحرة التي تزحف على السياسية وتفقدها المعنى والنبل، وتطوعها حتى تصير مسخا بلا طعم ولا لون ولا رائحة. 
الذين انبروا طوعا أو كرها أو هما معا للهجوم على العدالة والتنمية وهو يمارس دوره كحزب وطني، هم في الحقيقة خدام السلطوية التي يزعجها أن يكون للأحزاب مواقفها الخاصة، وأن تتمتع باستقلاليتها فيما تصدره من مواقف وتختاره من تموقعات، إنهم باختصار أدواتها الناعمة في ضبط المشهد وتنميطه. 
الملاحظة الثالثة، تتعلق ببعض الدفوعات التي يؤسس عليها هؤلاء هجومهم على الحزب، من قبيل أن الحزب يريد استعادة شعبيته التي تضررت بسنوات التدبير الحكومي، وأن الحزب يناقض نفسه فهو الذي وقع على اتفاق التطبيع ولا يحق له اليوم أن يزايد على الخارجية في بلاغها، وبالنسبة لنا لا نريد أن ننجر إلى هذا النقاش الذي لا “عمل تحته”، فالقضية واضحة لنا وضوح الشمس في السماء.. إنها قضية دماء استبيحت وحقوق انتهكت.. ومواكب نورانية من الشهداء ترتقي إلى الله..وعدوان غاشم كامل البشاعة..وجريمة ضد الإنسانية لا يملك معها من فيه ذرة من الإنسانية إلا أن يصطف مع المظلوم، وأن يدين الظالم المعتدي وهو أقل الواجب وأدناه.. وغير هذا تضليل ومتاهة لن نخرج منها بطائل.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.