محمد عصام يكتب: الحكومة الصامتة!!

محمد عصام

قرابة شهرين إلا قليلا، والمغرب تجتاحه حملة رقمية منددة بغلاء أسعار المحروقات ومطالبة برحيل رئيس الحكومة… ولا أحد سمع لهذا الأخير تصريحا واحدا أوموقفا معلنا، وكأنه يرأس حكومة “جزيرة الوقواق” وليس حكومة المغرب !!!
منذ أسبوع وشظايا خبر “جون أفريك” حول التعديل الحكومي تصيب في كل اتجاه و”كلها كيلغي بلغاه”،  إلا الحكومة ورئيسها فهم في “وضع الصامت” وإلى أجل غير مسمى !!!
وقعت كارثة بكل المقاييس أمس وفجع المغاربة في وفاة 23 شخصا، إثر الحادث الطرقي بين خريبكة والفقيه بنصالح، والحكومة مصرة على قضاء حوائجها بالكتمان!!! 
كل هذه الوقائع تؤكد أن المغاربة ابتلوا بحكومة تعاني قصورا في إدراك مهامها والمنوط بها من واجبات، حكومة تعتقد أن عبور قنطرة الانتخابات رغم  ما شابها من اختلالات، يعفيها من مسؤولية التواصل مع المواطنين، وكأني بها تعتبر في قرارة نفسها، أن التواصل مشروط بالاتخابات وجودا وعدما. 
في كل بلدان العالم، الحكومات تهرع إلى مواطنيها تواصلا وتفاعلا في الصغائر من الأمور وفي عظائمها، لأن عندها يقين بأن المواطن هو منبع كل السلطات، ووضعه في صلب اشتغال الحكومة كفيل بتجسير العلاقة بينهما واستدامتها، وأيضا لأن التواصل يضمن انخراط المواطن، وهو الباب الحقيقي والوحيد لنجاعة الفعل العمومي ووصول السياسات العمومية إلى أهدافها بلا إبطاء أو تردد. 
في المغرب ابتلينا ب”الحكومة المقاولَة”، وهي حكومة تدبر الشأن العام بمنطق التجارة، وهو منطق لا يعترف بالمواطن سلطةً حقيقية، بقدر ما يعتبره مشروعا تجاريا تمت مقايضة صوته بالمال، أو استغفاله بالتضليل الإعلامي المؤدى عنه، أو بالحملات الممنهجة، وأنه يكفي استدامة حالة التضليل تلك بشراء الإعلام وكتم أنفاس المعارضين منه بخنقهم بواسطة “وريد الإشهار ” المتحكم فيه، لضمان استمرار الحال كما تشتهيه رياح سفن “الحكومة المقاولَة”. 
إن احتقار المواطن وتعبيراته  السلمية المختلفة، والإصرار على سياسة التجاهل في محاولة لإظهار أن الأمور على خير، لن يكون مفيدا إلى ما لانهاية، فالتعقل والإحساس بالمسؤولية، وما تقتضيه الظروف الحالية الصعبة من التزام وتحل بالمسؤولية، يفرضان على الحكومة النزول من برجها العاجي، والتواصل مع المواطنين، والانخراط في دينامية جديدة تعيد للمشهد حيويته التي لن تتحقق إلا بشرط إشراك المواطن بلا وصاية أو تدليس، وإلى ذلكم الحين دام لحكومتنا صمتها غير الحكيم، ودام لنا ولكم الكمد.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.