حوار.. رجدالي يكشف أسباب تزايد حرائق الغابات والمقاربات الواجب اتباعها لمعالجة الظاهرة

حاوره المحجوب لال

أكد موح رجدالي، أستاذ التعليم العالي، خبير دولي في مجال التخطيط، رئيس دائرة برلمانيي حوض البحر المتوسط للتنمية المستدامة، أن المغرب واجه عدة حرائق، سببت خسائر في الأرواح والممتلكات والغطاء النباتي والغابوي، مشددا أن هذه الحرائق تندلع لأسباب متعددة.
وتوقف رجدالي في حوار مع pjd.ma، عند هذه الأسباب، وكيف يمكن التعامل معها، وكذا مداخل وآليات معالجة ما احترق من غابات، على المدى القريب والبعيد.

وهذا نص الحوار كاملا:
س: ما الوضع العام للحرائق في المنطقة التي ينتمي لها بلدنا؟

ج: حوض الأبيض المتوسط وضمنه المغرب عرف منذ مدة لدى الاخصائيين بغنى التنوع البيولوجي من جهة، لكنه اشتهر من جهة أخرى بهشاشة منظوماته البيئية. إذ أثبتت الإحصائيات أن حوض المتوسط يتعرض سنويا لأزيد من 5000 حريق.
وتسبب هذه الحرائق اتلاف ما بين 600000 و800000 هتكار من الغابات ويزيد أي ما يعادل مساحة جزيرة كورسيكا أو جزيرة كريت، أو بمعنى آخر، تقلص الغطاء الغابوي سنويا ب 13 إلى 17 بالمائة، وهذا الرقم ضِعف ما كان عليه الأمر قبل 1970، ولا شك أن هذا الرقم مرشح للازدياد مع تفاقم الأوضاع المناخية والنمو الديموغرافي وشح الإمكانات المرصودة له.
كما عاش المغرب في هذه السنة على منوال السنوات السابقة على وقع عدة حرائق أجهزت على مساحات شاسعة من الغابات، كما أتلفت مناطق زراعية وتسببت في خسائر في الممتلكات والأرواح، ومما تجدر الإشارة إليه أن شراسة هذه الحرائق ازدادت حدة بدافع المنحى التصاعدي للتغيرات المناخية بالمغرب كغيره من البلدان، والتي اتسمت بطول فترات الجفاف وحدة الموجات الحرارية وتكرارها السريع، جعل تأقلم وتكيف الغطاء النباتي معه صعبا للغاية، مما يقوى خطر وقوع حرائق مقبلة لا قدر الله.
س: ماهي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع وازداد الحرائق؟
ج: بالنسبة للأسباب، هناك ما هو متعارف عليه من أسباب طبيعية كالصواعق الناتجة عن البرق، وتكاد تكون منعدمة بالمغرب، ولا تتجاوز 5 بالمائة في دول الحوض، أما الأسباب الأخرى فتعزى إلى فعل فاعل ولأسباب تبقى مجهولة، وتقدر ب 55 بالمائة بالمغرب، فيما تتراوح بين 50 و77 بالمائة في باقي دول المتوسط.
أما الأسباب المعروفة فقد تكون متعمدة، منها دوافع الانتقام المختلفة مع الإدارة، أو ربح عقارات واستغلالها في الفلاحة المعاشية أو زراعات مدرة لأرباح على شاكلة ما هو في الريف، كما تكون هناك بعض الأسباب غير المتعمدة، من قبيل اللامبالاة أو حوادث أخرى ذات علاقة بالتنقل والاصطياف أو الأسلاك الكهربائية أو المطارح العشوائية أو غيرها.

س: ماهي الآثار والأضرار التي تخلفها هذه الحرائق؟
ج: بالرغم من أن المغرب يُعتبر بين دول الحوض الأقل تعرضا للحرائق، إلا أن الأضرار التي تنجم عن حرائق الغابات توصف بالجسيمة، نظرا لكونها تطال المجال البيئي والاجتماعي والاقتصادي.
ومن هذه الآثار، “زعزعة أو اختلال التوازنات الإيكولوجية واختلال المنظومات البيئية، مما يتسبب في تدهور وهشاشة المحيط الحيوي”، وكذا إتلاف الموارد الطبيعية ومكونات التنوع البيولوجي النباتي منه على الخصوص، مما ينذر بخطر اندثار بعض الأصناف حتى قبل أن تكشف عن كل أسرارها من استعمالات غذائية أو طبية أو بيئية وغيرها.
فضلا عن تدهور الغطاء النباتي، مما يجعل التربة عرضة للتعرية ويضعف قدرتها على الإنبات وتخزين المياه، كما يؤدي إلى طمر السدود وتقليص قدرتها الاستيعابية.

س: ماهي فرص استرجاع ما ضاع من غطاء غابوي بسبب الحريق؟
ج: من المعلوم لدى الاخصائيين وربما العموم، أنه يتعذر بأي حال إعادة المنظومات البيئية بعد الحريق إلى سيرتها الأولى ولا قريبا من ذلك، لكن ما يلجأ إليه ويعمل به هو إعادة التأهيل، وما جرت به العادة مع صعوبته وفي بعض الأحيان استحالته، هو اعتماد الأصناف الأصلية في برامج التشجير، لأنه يتم اللجوء إلى أصناف أخرى في عمومها مستوردة/دخيلة، من قبيل الصنوبريات والأكاسيا والأوكاليبتوس بدافع كونها سريعة النمو، وذلك بغض النظر عن علاتها البيئية التي يضيق الوقت لتناولها هنا، وكذا خطورة قبولها للاشتعال السريع كما عشناه في التجارب السابقة.

س: ماذا يجب القيام به للمحافظة على الغابات؟
ج: هناك مجهودات تُبذل من طرف السلطات المختصة كل فيما يهمه في مجال اليقظة والوقاية والاستثمار في البنيات التحتية الضرورية وتأهيل الموارد البشرية من غابويين وغيرهم، وكذا، استراتيجيات وبرامج إعادة التأهيل إلا أن هذا يبقى دون المستوى المطلوب الذي يمكننا من الاستفادة من هذا الموروث وتنميته المستدامة والمحافظة عليه كحق طبيعي ومستحق للأجيال المقبلة.
ومع أنه تصعب الإحاطة بهذا الموضوع مما يستوجب الرجوع إليه، يمكن الإشارة إلى أن الإمكانات المرصودة للحراسة والمراقبة وخاصة للتقنيين الغابويين على الخصوص، وكذا متطلبات إخماد الحريق والتعاون الدولي في الموضوع، وشح إن لن نقل انعدام البحث العلمي في الموضوع، تبقى أمورا لابد من مراجعتها والاهتمام بها.
هذه المراجعة، تسعى إلى الارتقاء بالأداء الجيد لمختلف المتدخلين، ومع دعم هذه القدرات يبقى تأهيل الترسانة القانونية أمرا ضروريا للغاية، وهذا يتطلب مراجعة وتعديل القوانين السابقة، وسن قوانين جديدة تساير مستجدات العصر وضرورة الواقع المعاش.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.