حمورو: واقعة “طوطو” ليست مجرد خطأ

حسن حمورو

لم يعد هناك مجال للشك، بأن واقعة “طوطو” ليست مجرد خطأ، وإنما يتعلق الأمر فيها بسياسة مدبرة وممنهجة ومقصودة، تستهدف الأخلاق العامة، وتستهدف هوية ودين الشعب المغرب، بل إنها تستهدف رمزية الملك أمير المؤمنين.

ذلك أن تنظيم مهرجان غنائي، من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، لم يكن ليمر برنامجه المتضمن لحفلة لأحد مغني الرداءة المغلفة باسم الراب، دون موافقة الوزير شخصيا، وبالتالي موافقة من يشتغل لصالحهم، خاصة أن هذا النوع من الرداءة المعروف بها “طوطو”، تعتبر نشازا وخدشا للحياء العام، وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم الحكومة، ربما مكرها أو مضطرا خلال إحدى ندواته الصحافية.

ترميز “طوطو” والإلقاء بالقاذورات التي يتلفظ بها، في الفضاء العام، لم يتوقف عند منصة مهرجان الرباط، الذي تبجح وزير الشباب والثقافة بالحضور إليه بلباس أراد من خلالا إظهار “شبابه” وانتماءه لفئة معينة في المجتمع، بعيدا عن البروتوكول والجانب الرسمي في مهمته كوزير، بل تجاوزه إلى استدعائه لمهرجان ثان بمدينة الدار البيضاء، وحدث الأسوأ، عندما اندلعت الفوضى والاحتكاكات التي كادت تتحول إلى مواجهات دموية، ثم استدعاؤه مجددا لمهرجان ثالث بمدينة أكادير، صعد إلى منصته شبه عار، ملقيا من جديد بقاذوراته على الملأ.

هذا إذا توجه مدروس، ومخطط له، وليس أحداثا معزولة، وعندما يتعلق الأمر بمثل هذه الحالة، فإنه في منطق السياسة، ينبغي البحث عن الخلفيات، وعن الأسباب والأهداف المرجوة، واستدعاء مختلف الأحداث والقرارات التي صدرت في هذه الفترة، ومحاولة الربط فيما ينبها، وإيجاد العلاقات الممكنة فيما ينها، لتتضح الصورة أكثر.

وإن كان الهجوم على قيم المغاربة وهويتهم، في التعليم والاعلام والفضاء العام، ليس وليد اللحظة، ولا وليد سياسات حكومة أخنوش ووزيره في الثقافة والشباب، فإن مستوى الجرأة في هذا الهجوم، يبين أنه جاء كرد فعل عنيف، وفي سياق بدأت تظهر للمغاربة أبعاده، ولعل أهم بعد من هذه الأبعاد، هو استهداف الملكية، ورمزية الملك، وشخصه كذلك، والضخ بكل ما يمكن أن يضرب المشروعية، وخاصة إمارة المؤمنين، والدليل هنا هو العدد الكبير من مقاطع الفيديو والمقالات والتدوينات، التي يتهجم أصحابها -من الداخل والخارج-، على الملك ويحاولون نسبة كل الشرور له، كل هذا وسط انسحاب مريب لمؤسسة الحكومة ورئيسها، من القيام بواجبها، بل والامعان في اتخاذ قرارات تعمم الغضب وتغذي الاحتقان في الشارع.

عودة إلى “رد الفعل العنيف” في استهداف الهوية والقيم، من خلال الدفع بنموذج “طوطو”، ومن خلال كذلك توقيع وزير الثقافة والشباب لاتفاقية مع منصة نيتفليكس المعروفة بالترويج للشذوذ الجنسي وللميوعة، واستحضارا لهذا السياق، وللخلفيات الممكنة، فإن هذا الوزير ومن يقف وراءه، يسعون للرد على ما جاء في خطاب العرش 2022، وخاصة تجديد جلالة الملك تأكيده على أنه بصفته أميرا للمؤمنين فإنه لا يمكن أن يحل حراما ولا أن يحرم حلالا، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، وحديثه عن مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية، في موضوع مدونة الأسرة.

في تقديري، في هذا المستوى يجب فهم هذا الهجوم المقصود على الهوية وعلى قيم المغاربة وخصوصية المجتمع المغربي، لكي تتبين عناصر الرد دفاعا عن الإسلام دين المغاربة، ودفاعا عن وطنهم ودفاعا كذلك عن الملك رمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.